صدر للمستشار الدكتور محمد جبريل ابراهيم نائب رئيس هيئة قضايا الدولة في جمهورية مصر العربية، الكتاب الموسوم «الشروط المفترضة للجريمة الالكترونية وانعكاساتها الإجرائية (دراسة تحليلية مقارنة)».
ويقول المؤلف ماذا لو كان العالم بدون إنترنت؟
هل كنا سنعاني من هذا الطوفان الإجرامي الغزير من الجرائم الإلكترونية التي لا تقوم إلا في ظل الأجهزة التكنولوجية التي لا تعمل إلا في وجود شبكات الإنترنت التي أصبحت مسرحاً للعديد من الجرائم الماسة بالأشخاص والأموال والآداب العامة والأمن القومي؟
فالكثير من المجرمين استخدموا الإنترنت في الاعتداء علي الحياة وذلك بالتغرير بالأطفال والشباب من خلال الألعاب الإلكترونية القاتلة ، واعتدوا علي الأموال بالنصب والاحتيال، واعتدوا علي الأمن القومي ببث الأخبار الكاذبة ونشر الشائعات، ونشر الأفكار المتطرفة، والدعوة للتظاهرات والتجمعات غير المشروعة، وكذلك استخدموا الإنترنت في المساس بالآداب العامة وانتهاك الخصوصية ، والتعدي علي حقوق الملكية الفكرية بالسطو علي الأفكار والنتاج الفكري.
كل هذه الجرائم التي تهدد مصالح إنسانية عديدة تقع من خلال الإنترنت الذي يُعد بالنسبة للجرائم الإلكترونية شرطاً لازماً وضرورياً حتي نقول إننا أمام جريمة إلكترونية، وهو ما يعرف في اصطلاحات القانون الجنائي بالشرط المفترض.
وفي هذا البحث نسبر أغوار مفترضات الجريمة الإلكترونية ونحلل انعكاسات هذه المفترضات علي الإجراءات الجنائية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية من حيث الضبط والتحري وملاحقة مرتكب هذه الجريمة وإثبات أدلتها والاختصاص بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بها، فلا شك أن لهذه المفترضات صدي في القواعد الإجرائية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية.
ومفترضات الجريمة بوجه عام هي مركز أو عنصر قانوني أو فعلي، أو واقعة قانونية أو مادية ينبغي قيامها في وقت سابق أو معاصر لارتكاب السلوك الخاص بالجريمة ، ويترتب على تخلفها ألا تتحقق هذه الجريمة أو أن تتحقق بوصف قانوني آخر، ويمكن القول أن الخصائص المشتركة للمفترضات سواء أطلق عليها شرط أو ركن أو عنصر أو غير ذلك، هي أنها عناصر ضرورية ولازمة لوجود الواقعة المكونة للجريمة.
وإذا كانت الجريمة الإلكترونية هي كل فعل مخالف للقانون يرتكب بواسطة الحاسب الآلي من خلال شبكة الإنترنت أو أي مكون من مكونات الإنترنت كالمواقع الإلكترونية أو الشبكات المعلوماتية ، وهي تتطلب فيمن يرتكبها إلماماً خاصاً بتقنيات الحاسب الآلي ونظم المعلومات ، ويكون له القدرة علي الوصول للمعلومات والبيانات ومعالجتها إلكترونياً.
وهذا التعريف المختصر للجريمة الإلكترونية ينبأ عن شرطين مفترضين لقيامها ، أولهما : توافر البيئة الإلكترونية من خلال شبكة الإنترنت ، وثانيهما : صفة الفاعل في بعض الجرائم المتعلقة بمقدمي الخدمة من مديري المواقع والذين تقع معظم الجرائم الإلكترونية من خلال أفعالهم سواء العمدية منها أو غير العمدية.
وهذين الشرطين المفترضين للجريمة الإلكترونية ينعكسان بعمق علي الوضع الإجرائي للقواعد التي تحكم هذه الجريمة من حيث وسائل ضبطها ،ووسائل إثباتها ،وكذلك التحري والملاحقة لمرتكبها ، وكذلك المحكمة المختصة بنظر الدعوي الجنائية المتعلقة بها.
يعد هذا الكتاب إضافة مهمة وقيمة للمكتبة القانونية وانجازا علميا في حقل اختصاص القانون الجنائي ويمثل خطوة علمية اضافية على طريق العلم والمعرفة والثقافة القانونية ورافدا مهما للباحثين وطلاب الدراسات العليا في مجال القانون الجنائي.