كتبت- مي وائل
أن تكون المرأة قائدة أو حتى رائدة ليس بالأمر المستحدث، قد يعتقد البعض أن النساء أصبحن قائدات ورائدات في مجال معين بعد تطور وتقدم العلم ، ولكن في واقع الأمر أن هناك نساء قائدات بالفطرة ومن أبرز الشخصيات :
رفيدة بنت سعد “رفيدة الأسلمية”
صحابية جليلة، ومجاهدة فذة، وكان يُطلق عليها «الفدائية» لأنها كانت تدخل أرض المعركة تحمل الجرحى وتُسعف المصابين وتُشجِّع المجاهدين.
هي كعيبة بنت سعد الأسلمية المعروفة باسم رفيدة الأسلمية، واسم رفيدة مشتق من الرفادة وتعني الإعانة والعطاء، وهي من قبيلة بني أسلم إحدى قبائل الخزرج في المدينة المنورة، ولذا يطلق عليها رفيدة بنت سعد الأسلمية الخزرجية الأنصارية، وقد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، واشتهرت رضي الله عنها في تضميد الجروح، لذا كانت تصحب جيوش المسلمين المقاتلين ضد المشركين لكي تعالج الجرحى.
وقد أقيمت لها خيمة خاصة وبارزة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كمستشفى لعلاج المرضى والمصابين، وتعتبر خيمتها أوَّل مستشفى في الإسلام.
تعد رفيدة بنت سعد هي أول امرأة عملت ممرضة في التاريخ العربي والإسلامي، كما أنها أنشأت أول مدرسة لتعليم الفتيات التمريض، بالإضافة إلى أنها عملت أخصائية اجتماعية لحل المشكلات النفسية للجنود بعد الغزوات والحروب.
وكان أول ظهور لرفيدة عندما عاد المسلمون من بدر منتصرين، وكان بينهم بعض الجرحى، فمنهم من عالجه أهله، ومنهم من لم يكن له مال ولا سكن ولا أهل، وفي تلك الأثناء تطوعت رفيدة رضى الله عنها لخدمة هؤلاء بإسعافهم وتضميد جروحهم ومداواتهم وتقديم الغذاء لهم، فنصبت في المسجد خيمة تجمعهم، وحملت معها أدواتها وعقاقيرها وعكفت على علاجهم أياماً حتى برئوا واندملت جراحهم.
وظهرت خيمة رفيدة على مسرح الأحداث بشكل واسع ابتداء من يوم أُحُد، عندما كانت تستضيف الجرحى، تضمِّد جروحهم، وتُسعفهم، وتسهر على راحتهم، وتواسيهم. وكانت رضي الله عنها تخرج في الغزوات، وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجِمال، وكوّنت فريقاً من الممرضات وقسمتهن إلى مجموعات لرعاية المرضى ليلاً ونهاراً، وكانت غزوتا الخندق وخَيْبر أشهر الغزوات التي شاركت فيها.
لم يكن عمل رفيدة رضي الله عنها مقتصراً على الحروب فقط، بل عَمِلت أيضاً في وقت السِّلم تُعاون وتُواسي كل محتاج، وكانت أول سيدة تعمل في نظام أشبه ما يكون بنظام المستشفيات في وقتنا. وكانت رضي الله عنها تنفق على عملها هذا من حُرِّ مالها، وخالص ثروتها، متطوعة بالجهد والمال في سبيل الله، وكانت رضي الله عنها قارئة، كاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، وتقديراً من النبي صلى الله عليه وسلم لدورها العظيم، كان يُعطيها حصة مقاتل.
وفي غزوة خيبر، قامت رفيدة بتدريب الفتيات على فنون الإسعاف والتمريض، وفي هذه الغزوة أبلين بلاء حسنا وقمن بجهد عظيم مما جعل رسول الله يقسم لرفيدة من الغنائم بسهم «حصة» رجل شأنها في ذلك شأن الجندي المقاتل، كما أعطى المتفوقات منهن قلادة شرف وكانت الواحدة منهن تعتز بهذه القلادة وتقول والله لا تفارقني أبداً في نوم ولا يقظة حتى أموت، ثم توصي إذا ماتت بأن تدفن معها.