أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الثلاثاء، تقديم استقالة حكومته، مشددًا على أنه وصل ”لطريق مسدود وأصبح من الضروري أن نقوم بصدمة كبيرة لمواجهة الأزمة“.
وستؤدي خطوة الحريري إلى فراغ دستوري في البلاد، كان قد حذر منه زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي عارض هذا السيناريو مرتين، محذرا من حدوث فراغ قد يقود البلاد إلى حرب أهلية.
ورأى خبراء أن أحد الأسباب التي حركت غضب الشارع اللبناني، أصلا هو أن الحكومة التي كان يقودها الحريري كانت مجرد غطاء سياسي لحزب الله اللبناني الذي رهن القرار اللبناني بجهات إقليمية على رأسها إيران.
وفي مؤشر على خطورة الأوضاع في لبنان، سارعت باريس إلى التحذير من الفوضى، ودعت على لسان وزير خارجيتها جان إيف لو دريان السلطات اللبنانية إلى ضمان وحدة البلاد واستقرارها في خضم أزمة سياسية واقتصادية.
وقال لو دريان أمام البرلمان الفرنسي: ”رئيس الوزراء الحريري استقال للتو وهو ما يجعل الأزمة أكثر خطورة“.
وحذر خبراء من أن لبنان سيعيش مرحلة فوضى شاملة، في ظل تعذر التوصل إلى حلول سريعة؛ ذلك أن نظام المحاصصة الطائفي يعيق أي إصلاح وشيك.
وكان وزير لبناني سابق قد قال قبل استقالة الحريري إن المشكلة الحقيقية أنك لا يمكنك أن تأتي برئيس وزراء غير سعد الحريري؛ لأنه لا يوجد سني آخر يهبط بالمظلة الآن، وهو الوحيد الذي يحظى بالدعم الدولي“.
ووفقًا لنظام المحاصصة الطائفي لا بد أن ينتمي رئيس الوزراء إلى السنة في لبنان، على أن يكون رئيس الجمهورية مارونيًا، في حين لا بد أن يكون رئيس مجلس النواب شيعيًا.
وتزامن إعلان الاستقالة مع حدوث تحول حاد في مسار التظاهرات السلمية، إذ اعتدى مهاجمون بالعصي والحجارة على موقع التجمّع الرئيسي للمتظاهرين في وسط بيروت، في إشارة إلى التوترات المتزايدة في البلاد.
وعمد عشرات المعتدين المناصرين لحزب الله وحركة أمل الشيعيتين إلى تكسير وإحراق الخيم التي نصبها المحتجّون في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، وهاجموا متظاهرين كانوا لا يزالون في المكان.
وعلق الكاتب اللبناني حازم صاغية على قرار الاستقالة بالقول: ”أغلب الظنّ أنّ الحريري لم يستقل بل اضمحلّ. إنجاز أوّل للحركة الشعبيّة وثورتها. لكنّ هذا التلخيص للقوى السياسيّة سيجعل الأمور كلّها أكثر جدّيّة وأشدّ امتحانًا للجميع، وربّما أشدّ خطرًا“.
وشهد لبنان شللًا كاملًا بعد 13 يومًا من احتجاجات عابرة للطوائف اتّسمت بقطع طرقات رئيسية وتسببت بإغلاق المصارف والمدارس والجامعات؛ للمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية ”الفاسدة“ برمّتها، دون استثناء، فأحد الشعارات التي رفعها المتظاهرون هو ”كلن، يعني كلن“.