نشعر هذه الايام بحالة غريبة من التمزق وعدم الاتزان.. انا اتحدث عن من هم امثالي – الجزء الاكبر من عمري عشته في هذه البلد – بناتي ولدوا هنا ، عملي كبرت ونجحت فيه هنا – اصدقائي من هنا- كل ذكرياتي كويتية.
وتبقى مصر دائما في القلب الحضن الكبير وفي النهاية بيتك الذي تمتلكه في مصر. . وصحيح الكويت عايش فيها ايجار ويطلق عليك “وافد” مهما مكثت فيها لكن المدة الطويلة تجعل بيتك هنا هو القاعدة .. لحين العودة الى الاصل.
فبطبيعة الحال تتكون لديك ولاءات وnostalgia تجاه هذا الوطن الذي احتضنته واحتضنك – ربما ليس حضن الام ولكن حضن الصديق .
تشجع الكويت عندما يلعب فريقها مع دول اخرى وتنزل ترفع علم الكويت في السيارة في عيدها الوطني وتتفاعل مع قضاياها وتسعد لسعدها وتحزن لحزنها . . مشاعر طبيعية كونك اصبحت جزءا من هذه الارض الذي تطلق عليه home ولو لفترة – فترة هي الجزء الاكبر من عمرك.
ثم يحدث شيء – حوادث متكررة لتعرض مصري مثلك للاساءة من مواطن- اغلبها حالات تنمر بسبب خطاب كراهية ظهر موخرا واضح ان وراءه جماعات تضمر الشر لمصر وتريد الوقيعة – بين الشعوب ان لم يفلحوا بين الحكومات.
فتجد نفسك كمصري تغضب ان مصري مثلك انضرب من واحد متنمر يشعر بقوته امام من يعتبره “مجرد وافد” لا قيمة له وربما هذا الوافد أفضل منه الف مرة – مجاهد من اجل لقمة عيشه ، تغرب عن اهله لكي يكون نفسه وعايش “جنب الحيط” حتى يأتي هذا المتنمر ويصفعه امام العالم فتتحول الى قضية اعلامية شعبية .
فانت كمصري لا تقبل ان يهان بني وطنك وتشعر بالحمية وتريد ان تاخذ حقه ويصبح المتنمر عبرة ، حتى لا يظن احد ان كونك تعمل في غير بلدك معناها انك اصبحت مباحا ولا حقوق لك.. وينتابك الغيظ وتشعر ان الصفعة وقعت على وجهك انت و تريد الانتقام.
ثم تقرأ على تويتر تعليق لواحد مصري يسب في الكويت واهلها ويصفهم بأبشع الوصف ويترحم على صدام حسين! تقرأ البوست وينتابك شعور بالرفض فانت تعلم ان هذا غير حقيقي ولا تقبل ان يتم اهانة اصدقائك الذين اصبح بعضهم مثل عائلتك في الغربة وان يتم وصفهم بامور انت تدرك تماما انها غير حقيقية بالمرة ! وصدام حسين المجرم الذي خرب العراق قبل ان يسيء الى الكويت كيف يترحم عليه احد! ترفض الإساءة الى الناس الذين اكلت معهم عيش، وكونك مصري انت عمرك ما تكون قليل الاصل.. فتكتب رد وتدافع عن اصدقاءك وتحاول ان تفهم من كتب ان اهل الكويت معظمهم ناس طيبة وانك طوال هذه السنوات لم تتعرض انت واهلك إلى اي اساءة بل على العكس، وان كون هناك بعض الناس السيئة فذلك لا يعني التعميم، كما ان هذه التعليقات تصب في صالح خطاب الكراهية.
اول تعليق من الشاب المعتدي عليه من كويتي في الجمعية
تكتب البوست وانت في بالك ام خالد التي ترسل لك الحلوى في رمضان صنع ايدها فعائلتها متخصصة في هذا النوع من زمان
و ابو محمد الذي ذهب مع ابنتك الى المخفر عندما عملت حادثة بالسيارة وكان زوجك مسافر فرفض ان تذهب بمفردها وتتذكر فطوم صديقة بنتك التى تبعت لك كل عيد معايدة : كل سنة وانتي طيبة خالتي – حتى لو كانت مسافرة الى اخر بلاد الدنيا.
كيف تسمح ان يسب احد هولاء! فكما رفضت إهانة الشاب المصري فأنت ايضا لا تقبل ان يسب احد اصدقاءك الذين لم ترى منهم الا كل خير.
فتفاجا بردود تأتيك من مصرين مثلك تتهمك انك بلا نخوة وان اكل العيش هو سبب دفاعك عن من اساءوا الى ابن بلدك وان عيب تدافع عنهم.. وتقف مذهولا كأن احد صفعك مرة اخرى وتدرك في هذه اللحظة انك أصبحت وافدا هنا وهناك.