شهدت عمليات نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا خلال الآونة الأخيرة تحولاً من “الترغيب” إلى “الترهيب”.
ويؤكد المرصد السوري، أن تركيا تمارس على قيادات فصائل “الجيش الوطني” ضغوطات كبيرة لإجبارهم على إرسال مقاتلين منهم نحو ليبيا، بعد أن كانوا يتسابقون للذهاب إلى ليبيا طمعاً بالمغريات التي قدمتها تركيا في بداية الأمر.
وقال المرصد السوري، إن معظم الفصائل لم تعد لها رغبة بإرسال مقاتلين للقتال في ليبيا وخاصة في ظل الأوضاع الصعبة للغاية للمقاتلين هناك، وعدم إيفاء تركيا بالمغريات التي أدعت تقديمها في البداية، ليتحول الأمر إلى ضغوضات كبيرة وتهديدات من قبل الاستخبارات التركية لقيادات الفصائل بشأن إرسال مقاتلين وإلا ستكون النتيجة، فتح ملفات تتعلق بفضائح لقادة الفصائل.
ومعظم الفصائل المتواجدة في ليبيا هي تابعة للجيش الوطني، كـ”أحرار الشرقية وجيش الشرقية وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وفيلق الشام ولواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه”.
ووفقاً للإحصائيات، فإن تعداد المرتزقة الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، بلغ نحو 8000 مرتزق بينهم مجموعة غير سورية، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 3100 مجند.
وأمس الخميس، كشفت تقارير إخبارية انشقاق 7 ألوية عسكرية ضمن فرقة السلطان مراد، التابعة للجيش السوري الحر الموالي لتركيا، احتجاجاً على استخدامهم مرتزقة في ليبيا.
و في سياق متصل أعلنت اليونان الجمعة عن إرسالها مبعوثة خاصة إلى دمشق، في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة من أثينا للتقرب من السوريين تستهدف بالأساس تطبيع العلاقات وبناء تحالف بين البلدين قادر على مواجهة أطماع تركيا في شرق المتوسط.
وأعلن بيان لوزارة الخارجية اليونانية أن وزير الخارجية نيكوس دندياس عيّن السفيرة السابقة تاسيا أثاناسيو مبعوثة خاصة إلى سوريا.
وأوضحت الوزارة أيضا أن تاسيا أثاناسيو المبعوثة الخاصة إلى سوريا “كانت سفيرة لليونان في دمشق من 2009 إلى 2012، عندما أشرفت حينها على تعليق عمل بعثتنا الدبلوماسية هناك”.
وأعلن رئيس الدبلوماسية اليونانية على حسابه في تويتر بدء هذه الانطلاقة بقوله “بموجب قراري، يتم تعيين السفيرة تاسيا أثاناسيو كمبعوثة خاصة لوزارة الخارجية اليونانية للشؤون السورية”.
وكانت الخارجية التركية قالت منذ أيام إن اليونان وجمهورية قبرص تتجاهلان عن عمد الحقوق السيادية والمشروعة لتركيا والقبارصة الأتراك شرق البحر المتوسط. وتعارض كل من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل أنشطة التنقيب التي تجريها تركيا شرق المتوسط.
ونقلت صحيفة غريك سيتي تايمز عن بيان للخارجية اليونانية قوله إن “الأمر سيشمل اتصالات حول الأبعاد الدولية لسوريا والأعمال الإنسانية ذات الصلة، فضلا عن تنسيق الإجراءات في ضوء الجهود الجارية لإعادة بناء سوريا”.
ورأت الصحيفة في هذا الإجراء “خطوة استراتيجية للغاية من قبل وزارة الخارجية حيث تمّ تكليف شخص على دراية بسوريا وسلطاتها، ما يشير إلى أنها ليست سوى مسألة وقت حتى تتم إعادة فتح السفارة في دمشق”.
وأشارت الصحيفة اليونانية إلى أنه “بإعادة فتح العلاقات مع سوريا سوف يميل توازن القوى في شرق البحر المتوسط مرة أخرى لصالح اليونان، لأن تركيا ليس لديها أي حليف في المنطقة، باستثناء حكومة الإخوان المسلمين المحاصرة في ليبيا التي هي على وشك الانهيار تحت ضغط الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر”.
ووفقا لما يراه مراقبون، تتصاعد منذ أشهر التوترات بين تركيا وعدة دول في شرق البحر المتوسط في أخطر أزمة واجهتها المنطقة منذ أواخر تسعينات القرن الماضي. ولفتت الصحيفة إلى أن “تركيا على الرغم من أنها قضت ثماني سنوات في محاولة الإطاحة بالأسد من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك محاولة غزو لمحافظة إدلب في وقت سابق من هذا العام، بالإضافة إلى دعم المنظمات الإرهابية، إلا أنها فشلت في كل مسعى”.
وتشهد العلاقات التركية اليونانية توترا كبيرا في عدّة مجالات، خاصة في ما يتعلق بجزيرة قبرص المُقسّمة.
ورفضت أثينا تسليم تركيا 8 ضباط من الجيش التركي متهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب في تركيا يوليو 2016.
وترفض أثينا التحركات التركية التي تشمل التنقيب عن الغاز في مياه متنازع عليها، فضلا عن الاتفاقات الأمنية التي وقعتها أنقرة نوفمبر الماضي مع حكومة الوفاق الليبية التي تزودها تركيا بالذخائر والمعدات العسكرية فضلا عن مواصلة تكديس المرتزقة السوريين للقتال ضد الجيش الليبي.
كما حرضت تركيا عشرات الآلاف من اللاجئين على اجتياز حدودها مع اليونان في مارس، وهو ما أدى إلى نشوب اشتباكات بين الحرس الحدودي اليوناني وهؤلاء المهاجرين وجعل أثينا تواجه انتقادات من منظمات حقوقية.