باتت قضية السد الإثيوبي، الشاغل الأول في ذهن الشعب المصري والقيادة السياسية، مما يشكله من خطر وجودي على حقوق الدولة المصرية، التي كانت ولازالت مصرة على الحصول على كامل حصتها من المياه، مع التأكيد على أنها لا تعارض التنمية بأديس أبابا.
إلا أن التعنت الإثيوبي أزم الموقف التفاوضي بين أطراف الصراع، طيلة 10 سنوات، كونها دولة منبع ومصر والسودان كدولتي مصب، وفي هذا التقرير سنحاول أن نستوضح العناوين الرئيسية للأزمة، خاصة مع اتفاق إعلان المبادئ الذي أقر بحق إثيوبيا في بناء السد للتنمية، وأقر بحق مصر والسودان في مياه النيل كونه نهر دولي.
عام الظلام بعد ثورة يناير
قال اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة الأسبق، في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن الموقف الإثيوبي كان جلياً منذ البداية في مراواغته بشأن مفاوضات السد الإثيوبي.
مبينا أنه كان لزاما على المسئولين في البداي، الضغط على إثيوبيا حتى تتراجع عن فكرة بناء السد، الذي بدأت الشروع فيه بعد الاضطربات السياسية في الداخل المصري بعد أحداث ثورة 25 يناير.
وأضاف رشاد، وهو أحد المواقف السلبية التي ساعدت إثيوبيا على استكمال جزء كبير من بناء السد، فلقد كانوا غير مدركين أن أديس أبابا تراوغ وتكسب فقط الوقت، لتبني السد.
وأكد أنه كان لزاما على المسئولين في ذلك الوقت الضغط على إثيوبيا، وليس التهاون معها في المفاوضات.
ويذكر أن جماعة الإخوان المسلمين قد وصلت للحكم، عقب ثورة يناير 2011، باستيلائها على مجلسي الشعب والشورى، والرئاسة، إلا أنها أهملت قضية بناء السد الإثيوبي ، لصالح قضايا داخلية.
وكان قد دعا ترامب “كان ينبغي عليهم إيقافه قبل وقت طويل من بدايته”، معرباً عن أسفه لأن مصر كانت تشهد اضطرابا داخليا، عندما بدأ مشروع السد الإثيوبي، في أعقاب ثورة يناير 2011، وحكم جماعة الإخوان الإرهابية.
ضرورة اتفاق المبادئ 2015 وحفظ الحقوق المصرية :-
وحاولت القيادة المصرية من بعد ثورة الـ 30 من يونيو، أن تستعيد وضع مصر الإقليمي، كدولة هي الأهم في المنطقة، بعدما استعادتها من برانث الظلام الإخواني، لتتشكل مصر الجديدة داخليا وخارجيا.
وكان أهم الملفات التي سبرت ثغرها هو ملف الحقوق المائية المصرية، والسد الإثيوبي، لتجنح القاهرة لتأمين أمنها المائي، وبعد عديد المباحاثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، توصلت أطراف النزاع إلى اتفاقية إعلان المبادئ في عام 2015.
وتضمن الاتفاق مسار هام للوصول إلى تسوية للقضية بدون الإضرار بأطراف الصراع، حيث أقر الاتفاق حق إثيوبيا بناء السد، لكن في نفس الوقت ضمن حصول مصر والسودان على حصصهم من المياه، كما أقرت أدبس أبابا أن نهر النيل نهر دولي، وترتب عليه كل ما ينص عليه القوانين الدولية.
وكان الاتفاق أن يوفر أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وإثيوبيا والسودان حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجارى إعدادها.
وشملت تلك المبادئ: مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادى، التعهد بعدم إحداث ضرر ذى شأن لأى دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون فى عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوى، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيراً مبدأ الحل السلمى للنزاعات.
-
نقاط الخلاف الأبرز حول السد الإثيوبي:-
ومن أهم نقاط الخلاف بين الأطراف الثلاثة هو قواعد ملء وتشغيل السد، حيث إن الاتفاق تضمن استمرار إثيوبيا بناء السد، مع الاتفاق خلال مفاوضات قادمة على ملء وتشغيل السد.
ومن بين قواعد الملء والتشغيل هو الملء الأول والثاني، اللذان أقدمت عليهما إثيوبيا كإنتهاك صريح لإتفاق إعلان المبادئ، إذ يعد تصرفا أحاديا من أديس أبابا، وهذا مع أكدت عليه مصر والسودان أكثر من مرة.
بينما تعتبر أديس أبابا الملء الأول والثاني من مراحل بناء السد، التي اتفقت عليها أطراف الصراع، وهو ما يعد هذيان إثيوبي ومبرر غير شافع لانتهاكات إعلان المبادئ.
-
جولات المفاوضات وتسوية القضية:-
وخلال 10 أعوام الماضية، انعقدت الكثير من جولات المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، أبرزها مفاوضات واشنطن قبيل رحيل الرئيس الأمريكي دوانالد ترامب، في 2019، حيث تم الاتفاق على 90 بالمئة من البنود الخاصة بملء وتشغيل السد، قبل أن ينسحب بشكل مفاجئ وفد أديس أبابا.
وفي 6 من أبريل من العام 2021، تم الإعلان عن فشل جولة أخرى وهي مفاوضات كينشاسا، والتي أطلق عليها “مفاوضات الفرصة الأخيرة، بين مصر والسودان إثيوبيا بخصوص سد إثيوبيا ، ليخرج الرئيس السيسي بعدها بيوم قائلا” بقول للأشقاء في أثيوبيا بلاش إننا نصل إلى مرحلة أنك أنت تمس نقطة مياه من مصر، لأن الخيارات كلها مفتوحة”.
وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق، وخبير الأمن القومي، في تصريحات خاصة لـ أوان مصر, إن لم ترضخ إثيوبيا للمطالب المصرية السودانية، فإن التحرك العسكري تجاهاها سيكون هو الأقرب للحدوث، لحفاظ مصر على حقوقها المائية.
وحول التحرك العسكري المصري تجاه السد الإثيوبي، قال أبو ذكري أن القاهرة من المحتمل أن تشن حملة عسكرية على منطقة سد إثيوبيا، لضرب وتدمير السد.