تعد مصر من ضمن الدول التي تتميز بصناعة استخراج الذهب، حيث شهد القطاع تطور كبير خلال الفترة الماضية، مما ساعد في دخول مصر نادي كبار مُنتجي الذهب العالمي، بعدما بلغ إنتاجها خلال العام 2020 نحو 14.1 طنً من الذهب، لتحتل بذلك المرتبة رقم 36 عالميًا من بين 43 دولة في قائمة مُنتجيه.
وبحسب الخبراء فإن ذلك بسب الطفرة الكبيرة الذي شهدها قطاع التعدين وخاصة الذهب خلال العام الماضي، حيث أجرت مصر تعديلات على قانون استثمار الثروة المعدنية عام 2020، من أجل تشجيع الشركات الأجنبية على إدخال رؤوس أموالها في مجال الاستخراج والتعدين، خاصة الذهب، وذلك وفقًا لحديث الخبراء لـ«أوان مصر».
كما شملت التعديلات الجديدة، إلغاء بنود مشاركة الإنتاج والتي كانت تشبه الاتفاقيات المعمول بها في مجال الغاز والنفط، وفي المقابل تم الاعتماد على نظام الضريبة والاستئجار والإتاوة، والتي لا تزيد علي 10% من إجمالي الإنتاج السنوي، وهو ما شجع الكثير من الشركات على الاستثمار في هذا المجال، وذلك وفقًا للجرائد الرسمية العام الماضي .
التنقيب عن الذهب
و قامت وزارة البترول والثروة المعدنية، بطرح مزايدة عالمية للاستكشاف والتنقيب عن الذهب، حيث شملت المزايد 56 ألف كيلو متر مربع موزعة على 320 قطاعًا في مناطق البحر الأحمر والصحراء الشرقية، فازت فيها نحو11شركة عالمية، حيث يأتي ذلك في إطار خطة الدولة لزيادة صادرات التعدين بشكل عام إلى 10مليارات دولار بحلول العام 2040، مقارنة بنحو 1.6 مليار دولار خلال الفترة الحالية، كما تُخطط الحكومة لإسناد أكثر من 200منطقة امتيار للبحث والاستكشاف التعديني خلال الفترة المقبلة، وذلك بحسب وزارة البترول.
على ذات المنوال أكد المهندس محمد عفيفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية، خلال حديثة لـ« أوان مصر»، إن الدولة المصرية تسعي في الوقت الحالي على مرحلة تجربة للقانون الجديد للثروة المعدنية وتطبيقاته، بمعنى أنه خلال الفترة الماضية أجريت بعض المزايدات وتم ترسيتها على بعض الشركات، وحاليًا تقوم هذه الشركات بالاستكشاف والتنقيب عن المعادن خاصة معدن الذهب.
العمل بعد صدور القانون وتعديلاته لا تزال يشوبها بعض التعقي
وأشار المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية، إلي أن هذه التجربة لا يمكن الحكم عليها حاليًا إلا بعد ظهور نتائجها خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن آلية العمل بعد صدور القانون وتعديلاته لا تزال يشوبها بعض التعقيد، إنما يجب الانتظار لحين ظهور النتائج النهائية للقانون.
يشار إلي أن وزارة البترول كانت قد طرحت عن الجولة الاولي من أكبر مزايدة مصرية للبحث عن المعادن في العام 2020، والتي حظت باهتمام 23 شركة اشترت حزم المعلومات المتاحة بالرغم من تحديات فيروس كورونا في إقبال استثماري غير مسبوق، تقدم منها 17 شركة فاز منها 11 شركة بـ28 قطاعا على مساحة 14ألف كيلو متر مربع بالصحراء الشرقية من المناطق التي تم طرحها بالتزام استثمارات بحد أدنى 60 مليون دولار في مراحل البحث الأولى، وذلك وفقًا للموقع الرسمي لـ وزارة البترول .
وبحسب الموقع الالكتروني للوزارة، فإن 7 شركة عالمية تمكنوا من الفوز وهم «سنتامين الاسترالية، والشركات الكندية باريك جيولوجي جولد، واللوتس للذهب، وبي جولد2، وشركة البحر الأحمر، وشركتين انجليزيتين، وAKH gold ومناجم النوبة SRK، و4 شركات مصرية تضم MDEAF، والعبادي، وشمال أفريقيا للتعدين والصناعة، وإبداع فور جولد».
توقيع 4 عقود للبحث عن الذهب خلال يوليو الماض
وقامت وزارة الثروة المعدنية بتوقيع 4 عقود للبحث عن الذهب خلال يوليو الماضي، وذلك بالتعاون مع شركة «باريك جولد» الكندية، حيث أنها هي ثاني أكبر شركة تعدين في العالم، وبموجب العقود، تستثمر شركة باريك جولد نحو 8.8 مليون دولار في19 قطاعًا جديدًا بالصحراء الشرقية، في مجال التعدين والبحث عن الذهب.
ويواصل المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية، حدثية أن الأمر الذي يجب أن يتم توضيحه هو مرحلة ما بعد الاستكشاف، بمعنى أن الشركة جاءت واستثمرت ووجدت احتياطيات معادن، ما الذي سيحدث، إجراءات استكمال البحث والتنقيب ليست موضحة بالشكل المطلوب، إضافة لتحكم هيئة الثروة المعدنية بشكل أو بآخر بعملية التنقيب أيضًا لا تزال غير مفهومة، لكن يجب الانتظار لحين ظهور نتائج كل هذا من واقع التجربة الحالية لشركات الاستكشاف والتعدين”.
التنقيب والاستكشاف عن البترول
وتابع أنه كان من المفترض أن يقتصر فقط دور هيئة الثروة المعدنية، على أدور معينة، وهي رفع المساحة الجيولوجية لمصر وللمناطق محل الطرح للاستثمار، وهنا ينتهي دورها، إنما المشاركة مع شركات الاستكشاف والتنقيب وإنشاء شركات استخراج وكل هذه الأمور التي تُشبه ما يحدث في التنقيب والاستكشاف عن البترول، وهذه أمور جديدة تمامًا على قطاع التعدين، بحسب المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية”.
وبلغ عدد العاملين في مجال الاستخراج 10 الأف عامل، لافتًا أنه عادة لا يكون كبيرًا، حيث أنه من ضمن هؤلاء العاملين عمال محاجر الرمل والزلط والحجر الجيري والدولوميت وغيره، وغالبًا ما تكون الآلة هي العامل الحاسم في صناعة الاستخراج، وهذا سبب قلة الأيدي العاملة، على عكس صناعة التعدين التي توظف أعدادا أكبر وتوفر فرص عمل بمعدلات كبيرة، حيث الإجمالي ما بين 150 إلى 170 ألف عامل في كل مجالات الصناعات المعدنية.
وبلغ عدد ورش ومصانع الذهب يبلغ نحو 5 آلاف وحدة، بينما يبلغ عدد العاملين في صناعة الذهب ما يتراوح بين 10 إلى20 ألف عامل، وذلك وفقًا المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية.
صناعة المشغولات الذهبية موجودة في مصر منذ آلاف السنين
على هذا الغرار ، أكد الدكتور على الإدريسي، نائب الرئيس التنفيذي بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، والخبير الاقتصادي، خلال حديثة لـ«أوان مصر»، أن صناعة المشغولات الذهبية موجودة في مصر منذ آلاف السنين، حيث تميز المصري القديم بهذه الصناعة، وهناك آلاف المشغولات الذهبية التي تؤكد على هذا.
وأضاف أن الدولة المصرية تتملك مميزات عديدة، جعلتها عضوة في نادي كبار منتجي الذهب العالمي جاء نتيجة الجهود التي بذلتها الدولة ووزارة البترول للنهوض بهذه الصناعة؛ لافتًا إلى أن الدولة أجرت تعديلات تشريعية على قانون الثروة المعدنية من أجل إتاحة الفرص أمام العديد من الشركات للاستثمار في التنقيب والاستكشاف.
واشار نائب الرئيس التنفيذي بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إلي أن مصر قامت بمعالجة العديد من المعوقات التي كانت سببًا في منع المستثمرين الأجانب والمحليين من الدخول في مجال الاستثمار في التنقيب عن الذهب.
مجالات الاستكشاف في الذهب من أخطر المجالات
ويعد مجالات الاستكشاف في الذهب من أخطر المجالات، وذلك بسب أنه يحتاج رؤوس أموال كبيرة، إضافة لكونه يواجه مخاطرة كبيرة، فقد تظل شركة تبحث عن الذهب في منطقة وتصرف الكثير من الأموال ثم لاتصل إلى شيء في النهاية، وبالتالي كان لا بد من قانون يحوي بعض المرونة لتشجيع هذه الشركات على العمل في مصر، وفقًا للإدريسي.
ويواصل حديثة أن الدولة توفر كل الامكانيات حتي تجذب الكثير من المستثمرين، مشيرًا إلي أن الحكومة أعادت النظر إلى نظام الضرائب المفروضة على شركات الاستكشاف ونظام الإتاوات المفروضة والرسوم، حيث خفضت الدولة كل هذه الرسوم والضرائب بحيث لا تتجاوز نسبة 10% من إجمالي الإنتاج السنوي.
كما قامت الدولة بتعديل قانون الثروة المعدنية خلال 2020، حيث قامت بتعديل نظام فرض الضرائب والاتاوات والإيجارات على الشركات الخاصة العاملة في المجال بدلًا من نظام اقتسام الإنتاج،وتقوم الشركات بدفع نسبة تتراوح ما بين 5 إلى10% من الإنتاج السنوي، وضريبة دخل 22.5 % وإيجارات أراضي الامتيازات التعدينية بواقع 25 ألف جنيه للكيلو متر المربع في مرحلة الاستغلال.
وأكدنائب الرئيس التنفيذي بمركز مصر للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن الحكومة تُخطط لرفع نسبة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 مليارات جنيه بحلول عام 2030، مشيرًا إلي أن الجزء الثاني الذي بدأت مصر العمل عليه يخص صناعة الذهب أو المشغولات الذهبية، حيث بدأت مصر في التخطيط والتنفيذ لمدينة الذهب.
وتعد صناعة الذهب من الصناعات التي يكون لها عائد كبير علي الاقتصاد المحلي، حيث أنها تساعد على توفير فرص عمل، كما انها ترفع من معدلات إنتاج الذهب، مما ينعكس على حجم التصدير من المشغولات الذهبية، كما أن الاستثمارات أيضًا ستوفر تكنولوجيا جديدة وخبرات للمصريين، وستنقل رؤوس أموال للداخل المصري، وذلك وفقًا للإدرسي.
الناتج القومي الإجمالي
ويوصل حديثة عن مدي أهمية الترويج للفرص الاستثمارية الموجودة داخل مصر، سواء من الحكومة أو وزارة البترول، وذلك حتي تتمكن الدولة من جذب قطاعات عديدة من المستثمرين المحليين والأجانب، خاصة وأن قطاع التعدين واحد من القطاعات التي تستطيع تحقيق مردود إيجابي جدًا على الناتج القومي الإجمالي، إضافة لمساعدة الدولة المصرية في وضع اسمها على خريطة التعدين على مستوى العالم، وأنه قد تتخطى الاستثمارات في هذا المجال المليار دولار سنويًا.
تراجع أسعار أوقية الذهب
من جانبة أكد رفيق عباسي، رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، لـ« أوان مصر»، إن المعدن الأصفر تراجع خلال الايام الماضية بنحو 75 جنيهًا لجرام الذهب عيار 24، حيث تراجعت أسعار أوقية الذهب في البورصات العالمية بنحو 120 دولارا، ما يعني معدل انخفاض في سعر جرام الذهب بنحو 4 دولارات.
وأشار رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، إلي أن الذهب يتأثر بعاملين اسا سيين؛ وهم سعر الدولار مقابل الجنيه وهذا لم يطرأ عليه أي تغيير، والثاني سعر البورصة العالمية وهذا ما تغير، حيث تعرض بورصة الذهب العالمية للانخفاض، لافتًا أن أسباب هذا التراجع تعود إلى التغييرات السياسية التي حدثت في بعض البلدان.
وذلك إضافة لحدوث حالة من الانفراجة الاقتصادية في عدد من اقتصاديات العالم بعد أزمة الركود الضخمة التي عانى منها العالم خلال عام2020بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا، مشيرًا إلي أنه خلال 2020 قام العديد من الدول والمؤسسات المالية بشراء أطنان من الذهب للحفاظ على قيمة السيولة المالية بسبب جائحة كورونا، وذلك خوفًا من حدوث انهيار مالي قد يؤدي بها إلى الإفلاس، ثم لما حدثت انفراجة بعد أزمة كورونا وتعافى الاقتصاد العالمي بشكل ما.
ووفقًا لـ رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، أن هذه المؤسسات والدول قامتت بالبدأ في بيع بعض ما اشترته من الذهب، ما تسبب في زيادة المعروض من الذهب، إضافة لزيادة معدلات توقع تحسن الاقتصاد العالمي وهذا كله كان سببًا في انخفاض أسعار الذهب.
ويتابع أن الذهب دوره فقط الحفاظ على قيمة العملة، وليس استثمارًا كما يفكر البعض، لافتًا أن بعض الدول قامت ببيعة حتي تتمكن من تحقيق سيولة مالية لتشغيل المصانع مرة أخرى بعد فترة التوقف بسبب جائحة كورونا.