شهدت مواقع التواصل الاجتماع في الأونه الأخيرة بعض الأفكار التي أثارت جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي وهي«الديانة الإبراهيمية» والتي تتمحور فكرتها حول توحيد الأديان السماوية الثلاث.
ماهي الديانة الإبراهيمية
وفي هذا الإطار قال الدكتور محمود الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية والوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام جامعة الأزهر في تصريح لـ«أوان مصر» أن الديانة الإبراهيمية تعتمد على دمج أو توحيد الأديان الثلاثة الإسلام واليهودية والمسيحية في ديانة واحدة تحت مسمى “الديانة الابراهيمية”، والتي تنص على الربط بين نصوص ومبادئ الأديان، على أن يكون جميع الشعوب تحت دين واحد، يهدف الى التركيز على المشترك بين الديانات والتغاضي عن ما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالا بين الشعوب، وهو مانصت عليه مبررات إنشاء الديانة الابراهيمية.
وعلق “الصاوي”: هي فكرة عبثية خبيثة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.. أو كلمة حق يراد بها باطل وتوظف لخدمة الشيطان لا خدمة الإنسان، وأضاف: نعم الأديان الثلاثة تجتمع علي فكرة الإيمان بالله والانبياء والكتب والقيامة والبعث ، لكن يمتلك أبناء كل دين تصورا خاصا ويقينيا عن كل عنصر من عناصر الإيمان تلك هذا الإيمان اليقيني ( أو المغلق ) لم يمنع الكثير من أصحاب كل دين من هذه الأديان من احترام عقيدة الآخر والتسامح ومد جسور التعاون معه، وقد سمعنا طيلة العقد الاول من القرن الحادي والعشرين عن دعوات الحوار بيت الأديان وظهرت العديد من الجهود الداعمة لتلك الفكرة الإيجابية بعد أحداث 11سبتمبر 2001 وشاركت فيها العديد من المؤسسات الدينية المعتبرة في هذا الحوار.
الديانة الإبراهيمية تأجيج للصراعات الدينية
ونفى أستاذ الثقافة الإسلامية فكرة قيام الديانة قائلاً: “لم نسمع من قبل عن فكرة ( دمج الأديان ) بل أن الكثيرين تحفظوا منذ البداية علي عبارة ( التقارب بين الأديان ) كبديل لعبارة (الحوار بين الأديان) علي أساس أن التصور العقائدي لأصحاب كل دين يختلف تماما عن الآخر”.
وصرح الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام، أن العقائد خط أحمر ولايجوز اللعب بالنار أمامها، وتفسيرات كثيرة بعضها يذهب الي أن الهدف تأجيج الصراعات الدينية ودفع عجلة التعصب الديني للعمل بكامل طاقتها، والأفراد العاديون الأسوياء العقلاء في كل الديانات لا يعرفون التعصب.
وأضاف الدكتور محمود الصاوي، أن المواطنين في الأديان متسامحون بالفطرة ، وكل مايرجونه هو العيش الكريم ليس أكثر بعضهم يستفز من الأفكار التي يسمعها هنا وهناك لكنه في النهاية يربطها باصحابها لأنه يؤمن بالفطرة أن الدين له رب يحميه، وفي هذا السياق جاءت فكرة ( الدين الإبراهيمي ) محاولة لإشعال فتيل التعصب لدي المتدينين بالديانات الثلاثة ودفع كل منهم للاحساس بأن هناك من يريد أن يبتكر لهم دينا جديدا ينسف دين الآباء والأجداد وهي محاولة قديمة متجددة ظاهرها الوفاق وباطنها الخراب والدمار وإشعال وقود التعصب والكراهية لايزايد أحد علي الإسلام في قضية التعايش السلمي وقبول الآخر والاعتراف بالآخر بندية، وعلي قدم المساواة واحترام الآخر والحوار مع الآخر والتعاون مع الآخر والتسامح مع الآخر.
دور الاسلام تجاه الديانات الاخرى
وتنص الديانة الاسلامية على التعايش السلمي بين جميع الأديان هذا نمارسه طوال الوقت كأفراد ومؤسسات دينية إسلامية ومسيحية شرقية ..نحن قادرون دائما بروح التدين الشرقي المتسامح وانطلاقا من تعاليم ديننا ان نقيم علاقتنا مع العالم بكل ود وتعاون واحترام وتبادل للمنافع والعلاقات، لكن لاداعي لإدخال العقائد واستخدامها كأداة للصراع وعلينا اليقظة وقطع الطريق علي أصحاب المطامع والاجندات الغربية الذين يبحثون عن مصالحهم ومنافعهم واستثماراتهم عبر بوابة تأجيج الصراعات الدينية والطائفية الايكفينا هذه الدماء التي تسيل والدماء التي تنزف و هذه الفواتير التي تدفعها منطقتنا نتيجة هذه الجرثومة الخبيثة جرثومة الخلافات الطائفية والمذهبية هل يرضي عاقل بهذا الذي يحدث علي خريطتنا العربية… الايحتاج أهلنا في سوريا في العراق في اليمن في لبنان في ليبيا …. في كل مجتمعاتنا العربية الي الأمن والأمان والسكينة والعيش الهادئ اليس من حقهم أن يطمئنوا علي مستقبل اولادهم واحفادهم ..
دور علماء الاسلام تجاه الديانة الابراهيمية
وبناء على ماتم تداوله من إنشاء ديانه جديدة عقد العديد من علماء الدين المؤتمر الدولي الأول حول موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية، والذي شاركت فيه تسع عشرة دولة وبعد إلقاء كلمات متعددة حول هذه الديانة المخترعة وما ارتبط بها من مخططات فقد صدر عن علماء الأمة والروابط العلمية المشاركة بعض التفسيرات التي تنكر فكرة الديانه الابراهيمية.
أولًا إن القرآن الكريم هو أعظم كتابٍ احتفى بإبراهيم عليه السلام وفي القرآن سورة باسمه وسور بأسماء آلِهِ وبعض بَنِيهِ والمسلمون مأمورون باتباع هَدْيه وهَدْي سائر الأنبياءقال تعالى (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ)، ولذلك فإن أَوْلَى الناس بإبراهيم عليه السلام هم أهل الإسلام والإيمان قال سبحانه إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ.
ثانيًا إن علماء المسلمين مع التعاون الإنسانـي والتعايش القائم على الحرية والعدل وعدم ازدراء الأديان أو الأنبياء ومع الحوار الإنساني لبناء المجتمعات ولكنهم يقفون متحدين ضد تحريف الإسلام وتشويه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا هو دين المسلمين، قال سبحانه (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين).
ثالثًا إن أساس فكرة الدين الإبراهيمي يقوم على الإشتراك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد وهي فكرة باطلة إذ الإسلام إنما يقوم على التوحيد والوحدانية وإفراد الله تعالى بالعبادة بينما الأديان الأخرى تدعوا الى الوثنية، والتوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان، والزعم بأن إبراهيم عليه السلام على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية زعم باطل ومعتقد فاسد قال سبحانه (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
رابعًا إن السعي لدعم اتفاقات إبراهام للتطبيع والتَّركيع عَبْر تسويقٍ لدينٍ جديدٍ يؤازر التطبيع السياسي هو أمر مرفوض شكلًا وموضوعًا وأصلًا وفرعًا ذلك أن الأمة المسلمة لم تقبل بالتطبيع السياسي منذ بدأ أواخر السبعينيات من القرن الميلادي الفائت ولن تقبل اليوم من باب أَوْلَى بمشاريع التطبيع الديني وتحريف المعتقدات وقد قال تعالى أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ
خامسًا إن طاعة أعداء الملَّة والدين في أمر الدين المبتدع والقبول به والدعوة إليه خروج من ملَّة الإسلام الخاتم الناسخ لكل شريعةٍ سبقته ولن يفلح قوم دخلوا في هذا الكفر الصُّراح
قال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، وقال جلَّ وعلا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ.
سادساً يجب على مسئولي وزارات التعليم والإعلام في العالم العربي والإسلامي الكف عن العبث بمناهج تعليم الإسلام وتقديمه من خلال القرآن والسُّنة والتأكيد على ثوابت العقيدة والشريعة وتحصين الناشئة من الانحرافات والشبهات الفكرية والعقدية فالشباب أمانة بين أيديكم وفي أعناقكم وسوف تسألون عنها يوم القيامة،قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون).
سابعاً يدعو المؤتمرون العلماء وطَلَبة العلم والدعاة وسائر المُفكِّرين والكُتَّاب المسلمين للقيام بواجبهم نحو دينهم ومواجهة فتنة تبديل الدين وتوعية الأمة بهذا الخطر الداهم وتحرير المقالات والكتب وإقامة الندوات والمحاضرات والخطب التي تشرح عقيدة التوحيد وتُبيِّن ما يناقضها وتحذر من فتنة هذه البدعة الضالة وأنه ليس هناك من إكراهٍ أو تأويلٍ في قبول هذا الباطل قال تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ قال سبحانه وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ).