من وراء أبواب ورشة بسيطة بمحلٌ عتيق من رائحة الزمن الجميل، يقف الخواجة “جورج” ليبدع بلمساته السحرية فى عمل المنتجات الجلدية يدوياً وعلى صوت الترام وأغانى زمان يسترجع ذكريات ورشته التى تجاوز عمرها الـ 90 عاماً وسط رائحة أبيه وذكريات طفولته مع معشوقته الإسكندرية عروس البحر المتوسط ومُلهمته فى صناعة منتجاته برائحة البحر.
وعلى طريقة أفيشات الأفلام السينمائية القديمة يُعلق الخواجة الأرمنى لافتة بإسمه الذى يعتز به “جورج مارديك جاسيان” وعند دخولك محله الصغير تجذبك ديكوراته البسيطة والراقية والباترينة الزجاجية الذي يعرض بها منتجاته الجلدية من أحذية وغيرها، مصنوعة بدقة وبحرفية يدوية عالية.
وبطريقته التقليدية التى تعلمها وورثها من والده منذ صغره يقف يقف الأسطى “جورج” صاحب الـ 70 عاماً من أصول أرمنية وعاشق الإسكندرية، وهو مبتسماً على طاولة خشبية ليصنع الأحذية التى لها ذبائن خاصة ينتظرونها بشغف متأكدين أنها ستكون قطعة فنية كالعادة ومتينة تتحمل العمل.
وفى لقاء موقع “أوان مصر” معه بدأ الخواجة الأرمينى يروى قصته مع البسيطة على ترام الإسكندرية و الذى لقبها على إسمه “جورج مارديك جاسيان ” قائلاً: أنا أرمنيى الأصل وجاء والدى مهاجراً من أرمنيا فى فترة مذبحة الأتراك، وفر هارباً منذ 100 عام وهو بعمر الـ14 عاماً لجأ أولاً إلى لبنان ومنها إلى بورسعيد وأخيراً استقر بمحافظة الإسكندرية، وبعد 10 سنوات من استقراره بالإسكندرية اشترى هذا المحل الصغير وحوله إلى ورشه بمنطقة ترام الإبراهيمية لعمل المنتجات الجلدية.
“جورج” ومنذ ذلك الوقت وأصبح أبى ترزى منتجات جلدية وتوارثنا هذه الحرفه من بعده، وبدأت الخياطة مع ترزية وصنايعية قدماء تشبعت وتعلمت منهم أسرار الحرفة ومازلت حتى الأن أعمل بالطريقة التقليدية وأعيش مع ذكرياتى بالورشة وكأنها الهواء الذى أتنفسه، وبعد مرض والدى توليت المهنه وتركت الداسة فكان حلمى أن أصبح مهندساً ولكن الظروف لم تُسعفنى وأكمل دراستى وعملت مع أبى بالورشة ترزى منتجات جلدية.
واعتز “عم جورج” وهو يتحدث ويذكر زبائنه الذين نشروا صور منتجاته على السوشيال ميديا ويذكرون أنها مازالت متينة وتتحمل ويمدحون بمنتجاته بعد أن سافروا إلى بلادهم ومازالوا يحتفظوا بمصنوعاته الجلدية، مشيدين بجمالها وصناعيتها بحرفية دقيقة ويبعثوا له رسائل تشجيعية وحب لذكرياتهم بزيارة الورشة وشراء أرقى القطع الجلدية.