استيراد الذهب، فى مصر يشهد تحولات مهمة في الآونة الأخيرة، حيث أعلن البنك المركزي المصري عن وقف الإستيراد قبل عام ونصف بهدف الحفاظ على العملة الصعبة ودعم الاقتصاد المحلي، وهو ما أثر سلبا على حركة الأسعار داخل الأسواق وشهدت ارتفاعات خيالية لم يسبق لها مثيل من قبل.
وكشف عدد من تجار الذهب أنه رغم إجراءات البنك المركزي والحكومة المصرية إلا أن تهريب الذهب إلى مصر عبر قنوات غير رسمية لازالت قائمة بقوة، وهو ما دفع الحكومة مؤخراً للسيطرة على الأسواق عبر العاملين بالخارج، من خلال السماح للمغتربين بشراء الذهب لمدة 6 أشهر مع الإعفاء من الرسوم الجمركية.
وهذا يثير تساؤلات حول الأسباب والتداعيات المحتملة لهذا التهريب، ومنذ إعلان البنك المركزي المصري قراره بوقف استيراد الذهب، ظهرت تقارير تفيد بأن هناك مسارًا غير رسميًا لتهريب الذهب إلى مصر، حيث يعتقد العديد من التجار أن الأسباب وراء هذا التهريب تعود إلى عدة عوامل، بما في ذلك الطلب المرتفع على المجوهرات والمشتقات الذهبية في السوق المصرية وتفضيل المستهلكين للمنتجات ذات الجودة العالية.
تجارة الذهب في مصر
يشهد قطاع التجارة في مصر ظاهرة ملحوظة في الفترة الأخيرة، حيث يرون بعض التجار تهريب كميات كبيرة من الذهب إلى البلاد، وذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية بوقف استيراد الذهب من البنك المركزي، و يعد هذا الأمر موضوعًا للقلق والتساؤلات في الأوساط التجارية والاقتصادية في مصر.
ما هي الأسباب وراء استمرار ارتباك سوق الذهب،؟
وما هي الآثار المترتبة على الاقتصاد المصري في أزمة ارتفاع اسعار الذهب؟،
ويستعرض أوان مصر أسباب ارتفاع الذهب :
من جانبه قال نادي نجيب سكرتير عام شعبة الذهب سابقاً إن صناعة الذهب تعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، حيث يعمل العديد من الأشخاص في هذا المجال وتعتبر التجارة في الذهب مصدرًا هامًا للدخل، ومع ذلك، فإن قرار الحكومة المصرية بوقف استيراد الذهب من البنك المركزي أثار الكثير من الجدل والتساؤلات بين التجار، وهو ما ساعد على استخدام الطرق غير المشروعة في توفير الذهب عبر التهريب بوسائل مختلفة سواء براً أو بحراً أو جوا بجانب الاعتماد على الذهب المستخدم من المواطنين.
وأكد أن أحد الأسباب المحتملة وراء استمرار تهريب الذهب إلى مصر هو الفارق في أسعار الذهب بين مصر والدول المجاورة، ففي بعض الأحيان، يكون سعر الذهب في مصر أعلى من الأسعار المحلية في الدول المجاورة، وهذا يشجع التجار على استغلال الفروقات في الأسعار وتهريب الذهب لبيعه بأسعار أعلى في الأسواق المحلية، علاوة على ذلك، فإن تهريب الذهب يتطلب شبكة معقدة من التجار والوسطاء، ويشترك فيها عدة أطراف من داخل وخارج البلاد.
قبضة التجار
من جهته قال المهندس رفيق عباس، عضو شعبة الذهب في اتحاد الصناعات، إن الحكومة كانت تسمح باستيراد الذهب من الخارج لتغطية الطلب المحلي في السابق.
وأوضح أنه نتيجة لعدم توافر الدولار حدث تراجع في معروضات الذهب، بالرغم من ارتفاع الطلب على الشراء، وهو ما كان دافعا قويا لسعي أصحاب المحلات والصاغة في تغطية تلك الاحتياجات وعدم الوقوف مكتفي الأيدي، مضيفا أن الفترة الأخيرة شهدت شراء كبير للذهب نتيجة لتوجه الأفراد له باعتباره الاستثمار الأكثر أماناً والأكثر ربحية، موضحا أن تهريب الذهب الخام أحد الحلول التي يلجأ لها معدومي الضمير، والذين يستغلون الاضطرابات في الأسواق ويرفعون الأسعار بصورة غير طبيعية.
وطالب “عباس”، بضرورة تدخل الحكومة لحماية الأسواق من التهريب والتحكم بالأسواق وهو ما تحاول عمله خلال الفترة الأخيرة، عبر السماح للمغتربين بشراء الذهب بدون رسوم جمركية بجانب إنشاء صندوق استثماري للذهب، ولكن أسعاره استرشادية وليست جبرية، وهو ما يضع التحكم بالأسواق تحت قبضة التجار.
السودان أول الدول الحدودية المتضررة من استيراد الذهب
من جانب أخر قال أ. م صاحب أحد محلات الذهب في مدينة الشروق بمحافظة القاهرة، أن التجار لا يعجزون عن توفير الذهب، وأن واردات الذهب لم تتوقف إلى مصر رغم قرار البنك المركزي، والذي صدر قبل عام ونصف فهي تتم بطرق غير شرعية، وعبر الحدود ولعل أبزر المناطق الحدودية هي السودان.
وأكد أن بعض التجار يؤكدون أن هذا القرار لم يؤدي إلى الحد من تهريب الذهب إلى مصر عبر طرق غير شرعية.
ويعتبر تهريب الذهب إلى مصر من السودان من المشكلات الكبيرة التي تواجهها الحكومة السودانية، حيث يؤدي إلى تدني الإيرادات الحكومية وزيادة العمليات غير الشرعية التي تحدث داخل البلاد.
وتقوم الحكومة السودانية باتخاذ عدة إجراءات للحد من تهريب الذهب إلى مصر، بما في ذلك فرض رسوم جمركية عالية على الذهب الذي يتم تهريبه، وتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود السودانية المصرية، إلا أنه في الفترة الأخيرة نتيجة للحرب السودانية الداخلية الموضوع ارتفع بصورة كبيرة.
وطالب أنه من المهم أن يعمل الحكومات السودانية والمصرية سوياً على إيجاد حلول لهذه المشكلة، حيث يمكن أن تؤدي هذه المشكلة إلى تأثير سلبي على الاقتصاد والأمن في البلدين، ويجب على الحكومتين أن تعملا على تعزيز التعاون الثنائي وتبادل
المعلومات والخبرات للحد من هذه المشكلة.
من ناحية أخري، أكد م. م أحد تجار الذهب بمنطقة الصاغة بالقاهرة، أن مصر شهدت تحركًا ملحوظًا من قبل الحكومة المصرية للحد من تدفق الذهب إلى البلاد في العامين الأخرين، حيث قام البنك المركزي المصري باتخاذ قرار بوقف استيراد الذهب بهدف زيادة السيولة المالية والاحتفاظ بالمعدن النفيس في البلاد.
وأوضح أنه مع ذلك تظهر التقارير أن هناك ما زالت حركة تهريب الذهب إلى مصر تتواصل عبر قنوات غير رسمية، وتشير معلومات وتقديرات تجارية إلى أن الذهب يجري استيراده بكميات كبيرة للغاية في الممرات الحدودية السرية وتحت غطاء تجارة أخرى، وهو أمر يثير الكثير من القلق بين التجار والمحللين الاقتصاديين، بالرغم من إجراءات الرقابة الصارمة والتدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة المصرية للحد من تهريب الذهب، يبدو أن تجار الذهب لديهم وسائل وتقنيات تمكنهم من الالتفاف على تلك الإجراءات.
وأكدت مصادر مطلعة أن تقرير صادر عن جهات رسمية إلى أن الكميات المهربة من الذهب تتجاوز بكثير ما يتم استيراده رسمياً من قبل البنك المركزي، عبر استخدام تجار الذهب مختلف الطرق والوسائل لتهريب الذهب إلى مصر، تشمل هذه الوسائل استخدام الممرات الحدودية السرية، والتلاعب في سجلات الشحن، واختلاط الذهب بمواد أخرى أو بسلع تجارية مشروعة، وتهريبه عبر القنوات الملاحية غير المراقبة.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي قرارًا بإعفاء الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم وذلك على بعض الواردات، الواردة للمنافذ الجمركية صحبة الركاب القادمين من خارج البلاد باستثناء الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر.
وهناك عدة أصناف لا يسرى عليها قرار إعفاء الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم، وهى: “اللؤلؤ الطبيعي، أو المزروع، أو الأحجار الكريمة، أو شبه الكريمة المركبة، أو المرصعة على الحلي والمجوهرات وأجزائها”.
عقوبات تهريب الذهب في مصر
تهريب الذهب وغيره من البضائع المستحق عليها رسوم جمركيه يعاقب عليها طبقا لنصوص المواد 77 ، 78 من قانون الجمارك رقم 207 لسنه 2020 بشأن التهريب، وفرق القانون بين التهرب الشخصي أو كان التهريب بقصد الاتجار حيث نص في المادة 78 علي أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب كل من قام بالتهريب بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، فإذا كان التهريب بقصد الاتجار كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة وعشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائتين وخمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين