اخترع شاب هندي، جهازًا يحول الهواء الملوث إلى بلاط للبناء، عن طريق استخلاص “السخام” من الهواء وإعادة تدويره.
عندما كان أنجاد دارياني يبلغ من العمر 10 أعوام ويعيش في مومباي، كان يجد صعوبة كبيرة في التنفس خلال خوضه لمباريات كرة القدم بسبب الضباب الدخاني الكثيف المحيط بالمدينة الهندية الضخمة. وكان الهواء الملوث بشدة يؤدي إلى تفاقم مشكلة الربو التي يعاني منها.
يقول دارياني، الذي يبلغ الآن من العمر 23 عامًا، وفق تصريحات نشرها موقع “بي بي سي عربي”: “عندما كنت ألعب في الخارج في مومباي، كنت أسعل دائمًا بسبب التلوث. وعندما كبرت أصبحت أعاني من الربو، وأصبحت أركض بشكل بطيء داخل الملعب”.
وتعد الهند أسوأ دولة في تلوث الهواء في العالم، وتضم 22 مدينة من أكثر 30 مدينة تلوثًا في العالم. ويقتل الهواء الملوث في الهند أكثر من مليون شخص كل عام.
وبعد تصميم أول جهاز، أطلق دارياني شركة “بران” الناشئة في عام 2017 بهدف تصميم الجهاز.
وتهدف الشركة لتصميم أول جهاز تنقية بدون فلتر في العالم يمكنه تنظيف أكبر قدر ممكن من الهواء، مع تركيبه في البنية التحتية.
يبلغ ارتفاع الأجهزة التي تصممها شركة “بران” 176 سم، ويمكن تركيبها بسهولة على مصابيح الشوارع والمباني السكنية والمدارس. وتقل تكلفة جهازين عن سعر أحدث جهاز “آيفون برو”، الذي يباع في الهند مقابل 1,830 دولارًا (135,000 روبية هندية)، كما يقول دارياني.
يقول دارياني إن الفنادق التي تستخدم أجهزة تنقية الهواء الداخلية تنفق حولي 100 ألف دولار (72,600 جنيه إسترليني) سنويًا على المرشحات. ويضيف: “لتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا الجديدة في المدن في جميع أنحاء آسيا، أدركت أن الجهاز يجب أن يكون بدون فلتر”.
ويمكن لجهاز تنقية واحد من الأجهزة التي صممها دارياني ترشيح 300 قدم مكعب من الهواء في الدقيقة وتخزين 11,540 سم مكعب من الملوثات. وتحتاج غرفة التجميع إلى التفريغ خلال فترة تتراوح بين شهرين وستة أشهر، اعتمادًا على مدى تلوث الهواء الخارجي.
لكن بدلاً من مجرد التخلص من الملوثات التي يجري التقاطها، قرر دارياني وفريقه الاستفادة منها. وبدلاً من ذلك، يُنقل الكربون الملتقط في الحاويات إلى شركة هندية أخرى تسمى “كاربون كرافت ديزاين”، والتي تستخدم الملوثات المسحوقة لتصنيع بلاط أرضيات أنيق مصنوع يدويًا.
وتعمل ملوثات الكربون مثل الصبغة التي تُدمج مع النفايات الصلبة من المحاجر وعوامل الربط الأخرى مثل الطين أو الأسمنت، قبل تقطيعها إلى أنماط وأشكال دقيقة، ثم استخدامها لتصنيع بلاط لأرضيات المطاعم والمحلات التجارية والفنادق.
وأكملت شركة “بران” مؤخرًا جولتها الاستثمارية الأولى، والتي جمعت خلالها 1.5 مليون دولار (1.1 مليون جنيه إسترليني) من مستثمرين أمريكيين وهنود. ويخطط دارياني لاستخدام هذا التمويل لتشغيل برنامج تجريبي، ونشر الأجهزة في المدارس والفنادق والمشروعات الصناعية في جميع أنحاء الهند خلال فصل الخريف.
وغالبًا ما يحتوي الضباب الدخاني الذي يحجب مدن الهند على مستويات عالية بشكل خطير من الجسيمات الدقيقة التي لا يتجاوز قطرها 2.5 ميكرومتر، والتي تسبب أمراض الرئة والقلب، ومن المعروف أنها تضعف الوظائف الإدراكية والجهاز المناعي.
وتسببت الجسيمات الدقيقة التي لا يتجاوز قطرها 2.5 ميكرومتر في حوالي 54 ألف حالة وفاة مبكرة في نيودلهي في عام 2020، وفقًا لتحليل أجرته منظمة السلام الأخضر بجنوب شرق آسيا.
يقول دارياني: “في الهند، يمكنك أن تلاحظ اختلافًا كبيرًا في مستويات الطاقة التي يبذلها الشخص مقارنة بالمدن الأمريكية، إذ تصاب بالإرهاق بمجرد أن تستيقظ من النوم بسبب التلوث”.
ويساهم تلوث الهواء أيضًا في ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ يُمكن للكربون الأسود، الذي يُعد أحد المكونات الرئيسية للجسيمات الدقيقة التي لا يتجاوز قطرها2.5 ميكرومتر، أن يمتص طاقة من الشمس أكبر بمليون مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون. ويقول الخبراء إن تقليل الملوثات مثل الكربون الأسود يمكن أن يساعد في إبطاء الاحتباس الحراري وتحسين جودة الهواء.