قال سامح شكري، وزير الخارجية ومندوب مصر في مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم، إنه إذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقاؤها للخطر، فليس أمامها بديل إلا أن تصون حقها الأصيل في الحياة.
وأضاف في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة المجلس لمناقشة أزمة سد النهضة، أن إثيوبيا لم تراعِ الأعراف مع بدء الملء الثاني لسد النهضة، مؤكدًا أن مصر سبق وحذرت من الخطر الذي يهددها بسبب سد النهضة، وأننا نواجه تهديدًا يطال أكثر من 100 مليون مصري.
نص الكلمة
سعادة السفير/ نيكولا دو ريفيير – المندوب الدائم للجمهورية الفرنسية لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن،
أصحاب السعادة المندوبون الدائمون الموقرون للدول الأعضاء بمجلس الأمن،
الأخت العزيزة وزيرة خارجية جمهورية السودان الشقيقة
والأخوة ممثلو جمهورية الكونجو الديمقراطية وأثيوبيا،
أود في البداية أن أُهنئ سعادة السفير/ نيكولا دو ريفيير على توليه رئاسة مجلس الأمن، وأن أعرب عن الشكر للسيدة/ إنجر اندرسن وكيلة السكرتير العام والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمبعوث الأممي الخاص للقرن الإفريقي على مداخلتيهما.
السيد الرئيس،
مصر – تلك الأُمة التي يتجاوز تعدادها أكثر من مائة مليون نسمة – تواجه تهديدًا وجوديًا؛
فقد بني كيانٌ هائل على الشريان الذي يهب الحياة لشعب مصر؛ وارتفع جدار ضخم من حديد وفولاذ بين ضفتي نهر عظيم وعريق، مُلقيًا بظلاله الثقّال على مستقبل ومصير الشعب المصري، ومع كل حجر في البناء، يعلو سد النهضة الأثيوبي ويتسع خزانه ليُضيق على شريان الحياة لملايين الأبرياء الذين يعيشون من بعد هذا السد العملاق على مجرى نهر النيل.
وقد أتت مصر إلى مجلس الأمن العام الماضي وشاركت في جلسته التي عقدت يوم 29 يونيو 2020 لتحذر المجتمع الدولي من هذا الخطر المحدق الذي يلوح في الأفق، ونبهت آنذاك إلى قُرب وقوع الملء الأول لهذا السد الأثيوبي، وحذرنا من مغبة السعي لفرض السيطرة والاستحواذ على نهر يعتمد عليه بقاؤنا.
ومن هذا المنطلق، فقد ناشدنا هذا المجلس الموقر للعمل بكل جهد ودأب لتجنب تصاعد التوتر الذي سيهدد السلم في إقليم هش، ودعونا أشقائنا الذين نشاركهم ثروات النيل إلى التحلي بالمسئولية والاعتراف بترابط وتشابك مستقبل وثروات شعوبنا.
ورُغم ذلك، وبعد بضعة أيام من جلسة مجلس الأمن العام الماضي شرعت أثيوبيا – دون مراعاة للقوانين والأعراف – في الملء المنفرد لسد النهضة وأعلن وزير خارجيتها بعجرفة وصلف “أن النهر تحول إلى بحيرة… وأن النيل ملكًا لنا”.
مع ذلك، فإن رد فعل مصر إزاء هذا الاعتداء على النيل اتسم بضبط النفس واتباع درب السلم والسعي للتوصل لتسوية لهذه الأزمة من خلال اتفاق مُنصف يحفظ مصالح الأطراف الثلاثة، كما تبنينا بصدق مبادرة رئيس الاتحاد الأفريقي آنذاك فخامة الرئيس / سيريل رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا، لإطلاق مفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، وانخرطنا على مدار عام كامل في المفاوضات التي عقدها وأدارها أشقاؤنا الأفارقة من أجل صياغة حل أفريقي لهذه الأزمة الكؤود.
ورغم ذلك، فقد باءت كل تلك الجهود بالفشل.
والآن، وبعد عام من الإخفاق والمفاوضات غير المثمرة، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها رؤساء الاتحاد الأفريقي وشركاؤنا الدوليون، نجد أنفسنا مُجددًا، في مواجهة المسلك الإثيوبي الأحادي بملء السد دون اتفاق يضمن حماية شعوب دولتي المصب ضد مخاطره. وهو ما تجلى في إعلان أثيوبيا يوم 5 يوليو 2021 – أي قبل ثلاثة أيام فقط من انعقاد هذه الجلسة – البدء في ملء العامل الثاني للسد بشكل أحادي.