أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن خشيته الكبيرة من أن يتم نسيان أو تجاهل أزمات المنطقة العربية في ظل الوضع الدولي المتوتر حاليًا.
ونبه أبو الغيط – في كلمته اليوم الأربعاء أمام مجلس الأمن حول التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية – إلى أن هذه الأزمات لن تجد طريقها للحل من تلقاء نفسها، بل ربما يزيدها هذا الوضع الدولي اشتعالاً وتعقيدًا.
وقال إن المنطقة العربية لا زالت تُعاني من تبعات الهزة الكبرى التي تعرضت لها في عام 2011، وثمة صراعات ما زالت مشتعلة في داخل الدول، مثل سوريا وليبيا واليمن، مع كل ما يفرضه ذلك من كلفة إنسانية، واستنزاف اقتصادي، وتهديد للأمن الإقليمي في منطقتنا.
وأضاف أن مجلس الأمن ينظر اليوم في موضوع التعاون بين الأمم المتحدة والجامعة العربية بينما يمر النظام العالمي بمنعطف تاريخي ربما يكون الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة، حيث يتصاعد الصراع بين القوى العالمية على نحوٍ ينذر بمخاطر عديدة، أمنية وسياسية واقتصادية وغيرها.
وتابع أبو الغيط : “إننا نأسف كثيرًا لهذا الوضع، ونتمنى أن تتمكن القوى الدولية من التوصل إلى حلول وتسويات تحقق مصالح جميع الأطراف بما يحقن الدماء وبما يحقق متطلبات الأمن للجميع في ظل الالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، وبما يقي العالم من تداعيات كارثية علي اقتصادات الدول النامية أو المستوردة للغذاء والنفط، كما نتمنى أيضًا ألا يكون لهذا الوضع التصادمي الكبير آثار سلبية على تناول مجلس الأمن للقضايا والأزمات على مستوى العالم عمومًا وعلى مستوى المنطقة العربية على وجه الخصوص”.
وأكد أن التطورات على الساحة الدولية جعلت الكثيرين في المنطقة العربية ينظرون إلى معاناة الشعب الفلسطيني بعينٍ جديدة، إذ امتدت هذه المعاناة لما يزيد عن السبعين عامًا، ما بين القمع واللجوء وانتهاك الحقوق والحريات، من دون أفق حقيقي للحل.
وقال أبو الغيط : “لقد أقر مجلس الأمن مبدأ (الأرض مقابل السلام) وصيغة الدولتين كأساس لحل الصراع التاريخي في فلسطين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة وطن مستقل للفلسطينيين يعيشون فيه بسلام جنب إلى جنب مع دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو 1967، ولكن ما زال الطرف القائم بالاحتلال يراوغ ويرفض الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني على أساس المحددات المُقررة دوليًا وأمميًا، وذلك برغم النداءات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني أمام هذا المجلس في الأعوام 2018 و2020 وأمام الجمعية العامة في 2021 ومطالبته السكرتير العام بعقد قمة تحت رعاية الأمم المتحدة لإطلاق المفاوضات المباشرة”.
وأضاف أن النظام الدولي، كما نتصوره ونصبو إليه، لا يُمكن أن يقوم على المعايير المزدوجة أو التمييز، مطالبًا كافة القوى الدولية أن تتحمل مسؤولياتها التي ألزمها بها ميثاق الأمم المتحدة في التعامل مع كافة القضايا والأزمات بمسطرة واحدة من فرض احترام القانون الدولي ومبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
ونبه أبو الغيط إلى أنه في سوريا، يمر الوضع بحالة من التجميد، مع تعطل المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتدهور حاد للوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين في كافة أنحاء البلد، سواء في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، أو تلك التي تتحكم فيها قوى أخرى،مؤكدا على أن هذا الوضع ليس قابلاً للاستمرار، لأنه ينطوي على معاناة غير محدودة للملايين من السوريين، مضيفًا : “لدينا تخوف حقيقي من احتمالات تأثير الصدام الدولي الحالي وارتداداته السلبية على الساحة السورية”.
وحذر أبو الغيط من أن شبح الانقسام يُطل ليعود من جديد في ليبيا، في ظل استمرار تواجد الميلشيات والقوات الأجنبية و
المرتزقة التي توافقنا جميعًا على ضرورة رحيلها عن البلاد في مؤتمري برلين 1 و2، وبدعم مجلس الأمن، مؤكدًا أن التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية يُسهم في تعقيدها وتصلب مواقف أطرافها، وإطالة أمدها.
وقال أبو الغيط : “إننا نرغب في رؤية الشعب الليبي قادرًا على أن يختار بحرية ممثليه عبر صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة، ومستعدون للمشاركة في مراقبتها في أقرب وقت ممكن”.
وأشار إلى أنه في اليمن، ما زالت الميلشيات الحوثية ترفض مبدأ التفاوض والتسوية السياسية للأزمة، وتلجأ عوضًا عن ذلك لتهديد الجيران في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالمسيرات والصواريخ الباليستية ، مشيدًا في هذا الصدد بقرار مجلس الأمن 2624، الذي جرى اعتماده بجهد واضح من الإمارات العربية المتحدة، والذي فرض المزيد من العقوبات على الحوثيين، مع تصنيفهم كمنظمة إرهابية.
وأكد أبو الغيط أن الحل السياسي يظل السبيل الوحيد لمعالجة الحرب في اليمن، وضمان تكامل التراب الوطني لهذا البلد، وعدم استخدامه كمنصة من قبل قوى إقليمية بعينها لتهديد جيرانه.
وأكد أن التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية مستمرة من دون انقطاع منذ أكثر من عقد من الزمان،وأنه لدى الدول العربية العديد من الشواغل حيال السياسة الإيرانية في الإقليم، خاصة في حال توصلها إلى اتفاق مع مجموعة (5+1) حول برنامجها النووي الذي يُمثل تهديداً للأمن والسلم، في الإقليم والعالم.