أكدت دراسة تحليلية أن بعض الدراسات تشير إلى أن متوسط الإيجارات وأسعار المنازل تجاوزت ما يمكن أن تتحمله دخول حوالي 54% من المصريين، وتضطر 59.4% من الأسر إلى دفع أكثر من ربع دخلها الشهري لاستئجار منزل متوسط السعر (800 جنيه) في حين أن (49.2%) من الأسر صنفت على أنها غير قادرة على شراء المساكن متوسطة السعر والتي تقدر بـ 225.000 جنيه، حيث تقارب سبعة أضعاف دخلهم السنوي.
وقالت دراسة لمركز “عدسة” المعني بـ”حلول للسياسات البديلة” التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة: وفقاً لبيانات الحكومة المصرية هناك حاجة لبناء ما بين 500 إلى 600 ألف وحدة سكنية سنوياً لمواكبة معدلات الزيادة السكانية المقدرة ما بين 2 إلى 2.5 مليون نسمة سنوياً، في حين أن حصيلة ما يوفره القطاعان الحكومي والخاص الرسمي لا يزال دون 250 ألف وحدة.
100 % ارتفاع الطلب على العقارات
ولفتت الدراسة إلى زيادة الطلب على العقارات مؤخراً كمخزن للقيمة في ضوء ارتفاع معدلات التضخم وتشهد أسعار العقارات قفزات ملحوظة وصلت في شهر أكتوبر 2023 إلى 100% على أساس سنوي وهي نسبة مرشحة للزيادة خلال العام الجاري، وهو ما يعكس هذا الواقع التناقضات الخاصة بسياسات الإسكان والتطوير العقاري في بلد أغلبية سكانه يعانون من أزمة سكن محتدمة.
تسليع السكن في مصر
وترى (عدسة) أن سياسات الدولة تدفع نحو تسليع العقارات (أي تصبح سلعة) من خلال السعي الدائم لطرح الأراضي المملوكة للدولة بأعلى سعر للمستثمرين، مما يؤدي إلى المضاربة في سعر الأراضي والارتفاع المستمر في قيمة العقار.
وأضافت: يٌعتبر مشروع العاصمة الإدارية الجديدة أهم تجلي لهذه السياسة في السنوات الأخيرة بالفارق الكبير بين أسعار المتر فيه مقارنة بمناطق أخرى في القاهرة.
وتقول: كجزء من خلق القيمة يقول الباحث الاقتصادي محمد جاد، إن الحكومة قامت بالتوسع في الإنفاق على البنية التحتية وشبكة المواصلات والخدمات المرتبطة بالعاصمة الإدارية مما تطلب اقتراض عشرات المليارات من الجنيهات، وصاحب هذا الإنفاق حملات إعلامية ضخمة تروج للعاصمة الإدارية على أنها الوجه الحضاري الجديد لمصر.
وجهة نظر حول الإسكان الاجتماعي
وأضافت دراسة (عدسة): بالتوازي مع سياسة المضاربة على الأراضي، تستمر الدولة في مشروعات الإسكان الاجتماعي والتي لا تزال غير قادرة على تحقيق أهدافها المعلنة من توفير السكن لغالبية المصريين، وكثير من الوحدات السكنية تظل شاغرة إما لأن أسعارها لا تتناسب مع مستويات الدخل للفئات المستهدفة، أو لغياب وجود بنية تحتية توفر الأمن والمواصلات، أو لصعوبة شروط الحصول على هذا السكن المدعم.
وقال: تم بناء نصف مليون وحدة سكنية ضمن برنامج الإسكان الاجتماعي بين عامي 2012 و2018، ولم يتم تسليم سوى أقل من نصف هذا العدد (190 ألف وحدة) ورغم ذلك لا تزال الحكومة مستمرة في بناء المزيد من الوحدات.
وأضافت: لبيع جزء من هذا المخزون السكني، طرحت الحكومة وحدات للمصريين العاملين بالخارج، ومؤخراً بدأت تتحدث عن إمكانية طرح وحدات الإسكان الحكومي المتوسط للأجانب كجزء من مبادرة تصدير العقار التي تهدف لجلب مزيد من العملة الصعبة، لكنها في الوقت نفسه ترسخ مفهوم تسليع السكن.