عشرات الباعة يفترشون حافة الرصيف من أجل أن يوفروا قوت يومهم، ازدحام شديد من المارة في الطريق، وهناك على جانب تجلس سيدة ستينية أمام منزلها الذي تم إزالته، تبتاع الترمس والحمص الشامي، على أمل أن تحقق لنفسها حياة كريمة، وتوفر علاج نجلها الصغير الذي تملك منه المرض.
كوبر الخشب الذي يحتضن العديد من البائعين الذين يفترشون الطرقات في منطقة بولاق الدكرور، كانت من بينهم السيدة عفاف عبد الفتاح محمد البالغة من العمر ٥٩ عاما، حيث لا تبالي لكبر سنها وحياتها المريرة بعدما هدم بيتها، ولكن تقف شامخة من أجل أن تكفي نفسها من المصاريف والمطالب التي يحتاجها منزلها.
بيت السيدة الخمسينية الذي كان يحتضنها أصبح كوم كبير من التراب، بعدما تم هدمه من أجل مشروع الكبير الذي تنفذه الدولة هناك، ولكن حنينها إلى الماضي لم ينقطع لتلك لهذا المنزل الذي عاشت فيه لسنوات طويلة برفقة أحبائها، تقول السيدة :” أنا ببيع ترمس وفشار وحمص واي حاجة ممكن توفر لي فلوس أصرف منها”.
الحياة لم تحالف السيدة الخمسينية وتضحك لها، ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن فهدم بيتها، لتجد نفسها تعول أسرتها بالكامل لأن زوجها لا يستطيع العمل: “زوجي عامل الغضروف ٣ مرات واولادي كل واحد في بيته كل واحد على قد حالة”.
وتضيف السيدة الستينية أنها تقوم في السابع صباحا يوميا ليس عندها إجازات: ” بقوم الساعة سبعة اغسل المواعين وتجهز التركي والحمص، الساعة ٩ الصبح افرش في الشارع بعد ما بيتي اتهد عائشة مع بنتي”.
تجلس السيدة في الشارع أمام بيتها الذي هدم لا تستطيع أن تنسى ذكرياتها به: ” البيت ده كان جامع شملنا فيه.. وابن بنتي عامل عملية فتح قلب والمرة الثالثة هيعملها الايام الجاية”.