كتب| محمد عكاشة
يبدو أن تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، تعكس تلهف الإدارة التركية على استرجاع العلاقات الطيبة والحسنة مع دول الجوار، خاصة مصر ودول الخليج، فبعدما تأزمت العلاقة بين أنقرة والرباعي العربي (مصر والبسعودية والأمارات والبحرين)، مع أزمات عدة على التوغل التركي في ليبيا والعراق وسوريا، مما شكل خطرا على الأمن القومي العربي.
-
تصريحات جديدة لكسب الود
فقد أعاد الرئيس التركي الإعلان عن نية الإدارة التركية على استعادة العلاقات بين مصر ودول الخليج، مما بحقق تعاونا مثمرا على حد قوله، فقد تحدث في مقابلة أجراها معه تلفزيون “تي آر تي”، قائلا “نرغب في استغلال هذه الفرص للتعاون إلى أقصى حد، وتحسين علاقاتنا على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع… الوضع نفسه ينطبق على جميع دول الخليج أيضاً”.
موكدا “لدينا إمكانات كبيرة للتعاون مع مصر في نطاق واسع من المجالات من شرق البحر المتوسط إلى ليبيا”. مضيفا أنه “يحب” الشعب المصري “بالتالي فإننا مصممون على استئناف هذه العملية”.
وقد أعلن أردوغان في وقت سابق، عن سعي أنقرة للعودة مع القاهرة، جاءت تلك التصريحات في خضم الحرب التي وضعت أوزارها في ليبيا، بعدما دعمت تركيا حكومة الوفاق وأرسلت مرتزقة وقوات عسكرية إلى ليبيا، لمواجهة قوات العقيد خليفة حفتر، المدعوم من القبائل الليبية، والذي يحظي بثقة الرباعي العربي في مواجهة العدوان التركي غربي ليبيا.
-
الأيدلوجية أمام المصالح
نشبت الخلفات بين القاهرة وأسطنبول منذ اليوم من ثورة الـ 30 من يوليو التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين الأرهابية بمصر، فدأب الرئيس التركي على مهاجمة الجانب المصري، ودعم قنوات إعلامية، سعت دائما لزعزعة الاستقرار الداخلي للدولة المصرية.
فضلاً عن قضايا عدة، تمثلت في سياسات أردوغان الاستعمارية في شرق المتوسط والصراع الليبي، الذي تدخلت في أنقرة عسكريا لدعم حكومة الوفاق، المستحوذة على السلطة في ليبيا.
بينما تأزمت العلاقات بين أنقرة والرياض كثيرا، على خلفية أحداث مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة السعودية بإسطنبول في أكتوبر 2018، واستغلال الإدارة التركية للأحداث لاستفزاز الرياض والضغط عليها دبلوماسيا.
فضلا عن الدعم التركي لقطر في النزاع الإقليمي مع الرباعي العربي، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لإيقاف قطر عن دعم الحركات الإرهابية والإنفصالية في المنطقة، على رأسها جماعة الإخوان في مصر، وجماعة الحوثيين في اليمن، التي تميل للولاء لأيران.
-
عودة العلاقات
في إطار هذه المساعي الحثيثة من إردوغان لاستعادة العلاقات التركية المصرية، والتركية الخليجية، نشطت الإدارة التركية لتلطيف الأجواء بين الجارتين.
أخر هذه المساعي، هو عقد وفد تركي محادثات مع مسؤولين مصريين في القاهرة، مطلع الشهر الماضي، في أول اتصال مباشر وزيارة رسمية هي الأولى من نوعها على صعيد العلاقات بين أنقرة والقاهرة بعد أحداث ثورة يونيو 2013.
فقد ترأس نائب وزير خارجية تركيا السفير “سادات أونال” الوفد التركي، الذي استقبله وفد من الخارجية المصرية، ترأسه نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزا، ناقشا فيه عدد من القضايا لإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط.
اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، إزاء تلك المباحاثات، أن هناك بوادر حسنة لرغبة تركية في تغيير مسارها تجاه مصر بخاصة في المجال الأمني.
وقد أوضح شكري أنها ستكون هناك جولات أخرى استكشافية تقود بعد ذلك إلى تطبيع العلاقات عندما نطمئن أن المصالح المصرية تراعى بشكل كامل.
وكشفت بعض المصادر المصرية أن القاهرة شددت على ضرورة اعتراف أنقرة بثورة الـ30 من يونيو، ثورة قادها الشعب المصري, وحمتها القوات المسلحة الباسلة، حتى تتم المفاوضات وتأخذ طريقها في التنفيذ.
وكانت السلطات التركية قد طلبت من ثلاث قنوات تلفزيونية معارضة للسلطات المصرية مقرها إسطنبول، وهي “الشرق” و”مكملين” و”وطن”، بتخفيف تغطيتها السياسية الانتقادية للحكومة المصرية.