من كان ليتخيل أن رئيس أكبر دولة في العالم يُمنع من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتغلق جميع حساباته الرسمية علي تويتر أو فيسبوك ـأو حتى سناب شات ؟!
فهذه الخطوة التي اتخذتها تلك المواقع أثبتت أن رئيس الولايات المتحدة ليس أقوى شخص في العالم ، وأن هناك من يمكنه أن يمنعه أو يحجبه عن قول رأيه أو أن يتحدث حتى بصفته رئيس الولايات المتحدة الامريكية، الأمر الذي يستلزم الوقوف عنده ملياً والسؤال ما هي حقيقة السوشيال ميديا وهل هي حقاً وسيلة للتعبير عن الرأي بحرية أم أن هنالك من يتحكم في كل خطوة يخطوها مستخدمي تلك المواقع؟!
فالدولة التي خرج منها اختراع الانترنت ومن بعده شبكات التواصل الاجتماعي ” السوشيال ميديا” تمنع رئيسها من أن يتحدث، ياله من حدث جلل.
إذن هناك شئ ما وهناك هدف خُلقت من أجله السوشيال ميديا ، وليس مسموحا لأي أحد كائنا من كان أن يخرج بعيدا عن هذا الهدف ، ويعاقب أي انسان يحاول أن يخرج بعيدا عن هذا الهدف حتى ولو كان رئيس الولايات المتحدة ذاته “رئيس اكبر دولة في العالم” ، وكأن السوشيال ميديا تريد أن تخبرنا أن هناك عالم غير العالم ، وهناك سُلطة فوق كل السُلطات ، وأننا جميعا مجرد أدوات للعبتهم ومن يظن ان لديه رأي مخالف فيسعاقب بالطرد والمنع والحجب ، وكأننا عُدنا للعصور الوسطي ، بل ان ما يحدث يثبت اننا فعلا لم نذهب بعيدا عن ممارسات العصور الوسطى ، ولكن بطرق معاصرة.
لعلك تتسائل الآن من هم الذين أغلقوا تلك الحسابات للرئيس الأمريكي ومن هؤلاء الذين منعوه ؟!
يقول باسم آمين في مقال تم نشره مؤخرا ، حول هذا الموضوع: “حقيقةً أنا لا أعلم ، ولذلك تحدثت عنهم بصيغة المبني للمجهول و من يصدق أن «مارك زوكربيرج» مالك فيسبوك هو من أمر باغلاق حساب «ترامب» أو أن «جاك دورسي» مؤسس ومدير تويتر هو من أغلق حساب «ترامب» على تويتر فهو إما ساذج أو جاهل ليرى الأمور بتلك النظرة السطحية ، فنحن أمام ادارة عليا للسوشيال ميديا هناك من يقرر و يدير محتوى تلك المنصات و يحدد ما يجب أن نراه وما لا يجب أن نراه أو نعرف عنه شيئا.
شكرا «ترامب» لقد كشفتهم لكل ذي عقل .. لقد ربحت أكثر من مجرد أن تربح الانتخابات الأمريكية، لقد ربحت احترام العالم بكشفك لأكبر كذبة وخدعة على مر التاريخ ، و كأنه يريد أن يذكرنا – دون أن يقصد – نحن كعرب أن نفس المواقع ونفس المنصات تم استخدامها لهدم استقرار بلادنا بحجة نشر الديمقراطية و الحرية وكانت ترى أن التحريض على العنف واقتحام المنشأت وحرقها في بلادنا «حرية» ، وأن هدم مؤسساتنا الأمنية «ثورة» ، فهي لم تغلق حسابات من حرضوا على حرق أقسام الشرطة ، ولم تغلق حسابات من حرضوا ونظموا مظاهرات أمام وزارة الدفاع المصرية وحول المحكمة الدستورية ، و لكنها أغلقت حساب «ترامب» لمجرد أن انصاره اقتحموا «الكونجرس» واعتبروا «ترامب» محرض على العنف لأنه لا يريد أن يعترف بهزيمته في الانتخابات”.
لعبة السوشيال ميديا
وما يثبت هذه النظرية تعامل الدول مثل «الصين» و «روسيا» مع هذه المواقع فهم في الحقيقة فهموا اللعبة مبكرا ، فأصبح لديهم السوشيال ميديا الخاصة بهم .. سوشيال ميديا “محلية” ، فلا يمكن الدخول لحسابك على فيسبوك أو تويتر من الصين ، وإلا فسيتم يتم مصادرة حسابك فورا و لن يمكنك استرجاعه حتى بعد ان تعود لبلدك.
ففي «الصين» مثلا هناك موقع شبيه بالفيسبوك ولكنه خاص بالصينيين فقط ، وموقع آخر شبيه باليوتيوب لمشاهدة ورفع الفيديوهات، ولكنه خاص بالصينيين فقط ، فهل «الصين» و «روسيا» لم ينخدعوا وحدهم باللعبة ؟! مع الأسف الواقع أثبت ذلك ، وأثبت انهم كانوا محقين في منع اختراق مواقع السوشيال ميديا ” العالمية” لبلادهم.
لقد أغلقوا حسابات الرئيس الامريكي على «تويتر» و«فيسبوك» قبل أن تنتهي ولايته رسميا ، ورغم أنه لا يزال هو الرئيس الأمريكي بالفعل الذي ستنتهي ولايته بعد أيام ، وليس هذا فقط ، فقد أغلقوا أيضا جميع حسابات أصدقاءه المقربين من سياسيين وصحفيين وقضاة وأعضاء بالكونجرس من الذين يدعمونه ، كالجنرال «مايكل فلين» مستشار الرئيس للأمن القومي ، والمحامي «رودي جوليانو» مستشاره القانوني، ولم يكتفوا بذلك ، لقد قاموا بحذف تطبيق «باريلر» من متجر «جوجل» لمجرد أن «ترامب» بدأ باستخدامه ، وهو أحدث منصات السوشيال ميديا.
حروب الجيل الرابع
وعليك عزيزي المستخدم أن تتماهى مع أهدافها أو على الاقل لا تصطدم مع الهدف الأسمى والحقيقي الذي أُنشئت من أجله ، لذلك أصبح هناك ما يسمي بـ «حروب الجيل الرابع» وهي حروب لا بارود فيها ولا رصاص، ولكن يتم شنها وإداراتها عن طريق الإعلام و السوشيال ميديا ، ففيها يتحول المتلقي إلى أداة وإلى السلاح في ذات الوقت الذي سيتم توجيهه كيفما أرادوا ووقتما أرادوا ، فلا تصدق حديثهم عن الديمقراطية وحرية الرأي يا عزيزي ، فهم يسوقون لمنتج ليحققوا منه الأرباح و الأهداف ، و إذا تعارض ما يروجوا له مع أهدافهم منعوه وحجبوه بمنتهى التعسف والديكتاتورية وفرض الأمر الواقع.
اقرأ أيضا: