كتبت: هنا جبر
تمثل ظاهرة “فوضى الفتاوى” البيئة الحاضنة للتطرف السياسي والديني، الأمر الذي يتطلب معه بيان أسباب تلك الظاهرة ونتائجها وآثارها، وقد بينت الفتوى السياسية في الإسلام، العلاقة بين السياسة والفتوى، ورصدت بعض الظواهر التي تعتمد عليها الجماعات المتطرفة لتشويه المؤسسات الدينية والإفتائية.
فلا تدع الجماعات الدينية المتطرفة مناسبة إلا وأطلقت مجموعة من الفتاوى الشاذة التي تناقض الفتاوى الرسمية الصادرة من مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، ولا يخفى على الجميع تحريم السلفية الجهادية وداعش لغالبية الأعياد والمناسبات الاجتماعية المصرية، حتى تصدرت مصر كافة دول العالم من حيث عدد الفتاوى الشاذة والمتطرفة وفقا لمؤشر الفتوى العالمي
وتستعرض “أون مصر” معكم أبرز 10 فتاوي شاذة أثارت الرأي العام خلال الفترة الأخيرة وكيف حسمت المؤسسات الإفتائية الرسمية الجدل حولها في سياق التقرير التالي:
– الديمقراطية حرام:
أثارت فتوى تحريم النظام الديمقراطي للحكم الرأي العام المصري، حيث تنظر التيارات المتشددة إلى النظم الديمقراطية على أنها تخالف مبادئ الإسلام، وتبرر تلك التيارات المتعصبة رؤيتها المغلوطة بأن الديمقراطية يكون الحكم فيها للشعب وليس لله وأن هذا النظام مقتبس من الفكر الغربى، وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن الحقيقة هى أن الإسلام لا يمنع اقتباس فكرة نظرية أو حل عملى من غير المسلمين، حيث اقتبس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نظام الدواوين من الفرس.
فتوى التحرش الجنسي:
ولعل اكثر ما اثار حفيظة المصريين خلال الآونة الأخيرة وما لاح في الأفق من حوادث التحرش الجنسي، ما تم ترويجه من بعض المتشددين بأن وقوع عمليات التحرش سببه نوع وصفة الملابس التي ترتديها المتحرش بها وهو ما ذهب البعض لتبرير مثل هذه التصرفات، حيث أكدت الإتاء إن التحرش الجنسي حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون، ولا يصدر إلا عن ذوي الأهواء الدنيئة، والنفوس المريضة التي تُسوِّلُ لهم التلطُّخَ والتدنُّسَ بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيٍّ، وأن الشرع الشريف قد عظَّم من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعلي ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ».
زوال كورونا:
مع بدء موجة كورونا في مصر ثارت مجموعه من الفتاوى الشاذة والشائعات الدينية التي انتشرت مثل النار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث ادعى أحد الأشخاص بزوال فيروس كورونا المستجد، واستدل على ذلك بحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده وغيره، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا طَلَعَ النَّجْمُ صَبَاحًا قَطُّ، وَتَقُومُ عَاهَةٌ، إِلَّا رُفِعَتْ عَنْهُمْ أَوْ خَفَّتْ”، حيث فسر صاحب المنشور الحديث بأنه إذا انتشر الوباء فإن الله عز وجل يرفعه وقت ظهور نجم الثريا الذي يكون مع بداية فصل الصيف وشدة الحر، الأمر الذى نفته دار الإفتاء المصرية، مؤكده أن هذا الادعاء غير صحيح وأن المقصود من الحديث هو ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم من عدم جواز بيع الثمار قبل نضوجها وظهور صلاحها.
ولعل من الحكمة في النهي عن هذا البيع: الفائدة التي تعود على البائع والمشتري معًا، فترك الثمرة حتى تنضج يزيد من ثمنها وفيه مصلحة للبائع، وتركها حتى يظهر صلاحها فيه مصلحة للمشتري، وبذلك يقطع باب التشاحن والإثم عند فساد الثمرة، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ وَمَعَنَا ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، فَسَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ، فَقَالَ: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ”، قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا تَذْهَبُ الْعَاهَةُ؟ قَالَ: “طُلُوعُ الثُّرَيَّا”.
والمُرادُ بالعاهَةِ: الآفَةُ التي تُصيبُ الثَّمَرَ والزَّرْعَ فتُفسِدُهُ.
والثُّرَيَّا: اسمٌ لنَجمٍ يَطلُعُ صباحًا في أوَّلِ فصلِ الصَّيْفِ عندَ اشتِدادِ الحَرِّ ببِلادِ الحِجازِ، وطُلوعُ الثُّرَيَّا عَلامةٌ على نُّضج الثمار.
فتوى تحرم أذان الفجر:
يثير بعض السلفيين بين الحين والأخر قضية أذان الفجر، لا سيما في مصر، حيث زعموا أن التوقيت الحالي لأذان الفجر غير صحيح، وطالبوا بتأخير وقت الأذان في النتيجة حتى تصح صلاة المسلمين، الامر الذى حسمته دار الإفتاء المصرية من خلال علمائها الذين أكدوا أن وقت صلاة الفجر في مصر صحيح 100% ولكن المتطرفين حاولوا أن يحدثوا فتنة وبلبلة حول توقيت صلاة الفجر، وقامت دار الافتاء بإصدار بيان توضيح مع هيئة المساحة يؤكد أن الدراسات المتعاقبة تؤكد أن تحديد التوقيت صحيح وأنه يوافق حتى الحساب مع خطوط الطول والعرض.
كما أكدت أن محاولات التشكيك التي تتم فى توقيت صلاة الفجر من وقت لآخر رغم توضيح المؤسسات الدينية والمتخصصة صحة التوقيت هو نوع من الشذوذ، وإن صلاة الفجر هى علامة النشاط، أمام الكسل فيها فهى علامة المنافقين لذلك فصلاة الفجر مشهودة ما قبلها وما بعدها، ومن يقول إن توقيت صلاة الفجر فى مصر غير صحيحة أمر غير صحيح لاعتمادها من قبل البحوث الفلكية وهيئة المساحة التى اعتمدت على أحاديث رسول الله وهناك من يقول بعدم صحة التوقيت لرغبتهم فى تأخير صلاة الفجر فى حين أن صلاة الفجر تتم وفق الحساب الدقيق.