جاء اعتراف منظمة الصحة العالمية ، أمس، بظهور دليل على احتمال انتشار فيروس كورونا عبر جسيمات صغيرة جدا في الهواء ، ليزيد الأمر تعقيدًا في مواجهة الفيروس القاتل الذى حصد أرواح قرابة 550 ألف شخص حول العالم خلال الـ3 أشهر الماضية.
كانت منظمة الصحة العالمية أعلنت، أمس الثلاثاء، في مؤتمر صحفي، وجود أدلة مبدئية حول انتقال الفيروس عبر الهواء، ما يهدد بنسف المعتقد السابق الذي روجت له المنظمة بإن الفيروس لا ينتشر عبر الهواء، حيث حصرت أسباب انتقال العدوى، بين انتقاله عبر جسيمات صغيرة من الرذاذ المتطاير الذي يخرج من أنف أو فم الشخص المصاب عبر السعال أو العطس أو الحديث أو الضحك، أو ملامسة سطح ملوث بالفيروسات التاجية.
ووجه أكثر من ٢٠٠ عالم من ٣٢ دولة، رسالة إلى منظمة الصحة، بعنوان “حان الوقت لمعالجة انتشار فيروس كورونا في الجو” نشرها موقع “أكسفورد أكاديمي” بعدما حذرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير لها السبت الماضي من انتقال الفيروس عبر الهواء وقالت إن العلماء يستعدون لنشر رسالتهم خلال الأسبوع الجاري.
وكشف فينكي رامكريشنان، رئيس جمعية “زويال سواسييتي” في لندن، الحائز على جائزة نوبل للكيمياء، في تصريحات صحفية الحل المتاح حاليا للوقاية من كورونا، بالتزامن مع تراجع مهم منظمة الصحة العالمية بشأن طرق العدوى بالفيروس الفتاك.
وقال رامكريشنان الحل الممكن إن رفض وضع الكمامة لمكافحة جائحة كوفيد-19 بات كالقيادة في حال سكر” وشدد على أن للكمامة دورا، إلى جانب غسل اليدين بشكل متكرر، والتباعد الجسدي “لأن لا حل سحريا” لمكافحة هذا الفيروس.
بينما يقول أحد الباحثين، إنه علينا أن نولي اهتمامًا أكبر بالتهوية وارتداء الأقنعة كما نفعل مع غسل اليدين، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
وينصح الباحثون، العاملون في مجال الرعاية الصحية بارتداء قناع “إن ٩٥” لأنه يقوم بفلترة الهواء قبل الاستنشاق، وبالنسبة للأشخاص العاديين فينصح بارتداء الكمامات بكل أنواعها حيث تظل قادرة على تخفيف مخاطر انتشار الفيروس.
ويرى العلماء أن الأماكن المفتوحة مثل الشواطئ أكثر أمانًا حتى إن كانت مزدحمة، من المطاعم ، ونصحوا بفتح الأبواب والنوافذ في الأماكن المغلقة قدر الإمكان، وترقية فلاتر الهواء للتكييفات، وضبطها على استخدام الهواء الخارجي بدلاً من إعادة تدوير الهواء.
وقال لينسي مارك أحد الباحثين الذين توصلوا للأدلة الجديدة، إنه ليس واضحًا بعد مدى انتشار الرذاذ عبر الهواء مقارنة بانتقاله بالطرق التي عرفت خلال الستة أشهر الماضية، لكنه يساهم في فهم تزايد الإصابات في الأماكن المغلقة خاصة المطاعم والمصانع ودور العبادة.
ويقول العلماء، إن الشيء الواضح حاليًّا هو ضرورة تقليل الوقت داخل المنزل حال استقبال ضيوف، وإضافة فلاتر تهوية قوية وأضواء فوق بنفسجية في المدارس وأماكن العمل ودور العبادة والمسنين.
واتفق الباحثون والعلماء على أن الفيروسات التاجية لا تسافر لمسافة طويلة لكن الأدلة الجديدة تشير إلى أنه ربما يتجاوز الغرفة، وفي بعض الظروف التجريبية كشفوا أنه يبقى لثلاث ساعات في الجو.
وقالت بينيديتا أليجرانزي، المديرة التقنية لمنظمة الصحة العالمية للوقاية من العدوى ومكافحتها، في حديثها أمس ، إن هناك أدلة ناشئة عن انتقال الفيروس التاجي المحمول جواً، لكنها لم تكن نهائية، مشيرة إلى أنه لا يمكن استبعاد احتمال انتقال الفيروس بالهواء في الأماكن العامة، وخاصة في ظروف محددة للغاية، والأماكن المزدحمة والمغلقة وذات التهوية الضعيفة التي تم وصفها، ومع ذلك، يجب جمع الأدلة وتفسيرها، ونواصل دعم ذلك.”
وأضافت، “إذا سمع الناس أنه ينتقل من خلال الهواء، سيرفض العاملون في الرعاية الصحية الذهاب إلى المستشفى، أو سيشتري الناس جميع أقنعة التنفس N95 شديدة الحماية، “ولن يبقى أي منها متاحًا للدول النامية”.