حوار – سماح عثمان – سارة لطفي
تصوير – زينة شريف
توقف طرح الاكتشافات البترولية أدى لانقطاع الكهرباء في فترة الإخوان
لا نستخرج سوى 5% فقط من البترول بباطن الأرض
البترول وحده لا يكفي لانتشال مصر من الركود الاقتصادي
شهد عام 2015 عدة اكتشافات بترولية في مصر ساهمت بتحقيق معدلات انتاج عالية، ووفقاً للتقرير السنوي الذي أصدرته وزارة البترول في شهر سبتمبر الماضي، فإن الدولة حققت أعلي معدلات إنتاج الثروة البترولية في مصر خلال عام 2019، فبلغ إجمالي الإنتاج بنحو 84.2 مليون طن بنسبة زيادة 7% عن عام 2018.. “أوان مصر ” حاورت المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق عن مستجدات قطاع البترول الفترة الأخيرة والقضايا التى تهم المواطن في الحوار التالي..
ما تقييمك لقطاع البترول في مصر؟
يسير قطاع البترول في مصر علي خطوات ثابتة جيدة للغاية و ذلك بفضل عاملين: هما الاستقرار السياسي الذي تتمتع به الدولة، فالاستقرار السياسي شرط للاستثمار، و العامل الثاني: أن نموذج الاستثمار الخاص بقطاع البترول جيد علي عكس النماذج في القطاعات الأخرى، و ذلك نموذج مجرد من 1886 يتمتع بالاستقرار، و لم يحدث أن مصر دخلت في تحكيم مع اي شريك اجنبي في عمليات البحث و التنقيب ،أما باقي التحكيمات الاخري كانت مع شركات تجارية و ليست في مجال البحث و الإنتاج و هذا أعطى لنا مصداقية جيدة في السوق .
من وجهة نظرك.. كيف تعمل الشركات الأجنبية في مصر؟
يوجد شركات أجنبية كثيرة تعمل بمجال البترول في مصر وتبلغ 178 شركة تعمل في مجال البحث و التنقيب عن البترول و يوجد شركات مصرية التي تدخل مكان الشركاء الأجانب في مناطق الامتياز ، فيوجد الآن اكثر من 220 اتفاقية في حيز التنفيذ في كل مكان في مصر سواء في البحر المتوسط و في البحر الاحمر أو بالصحراء الشرقية أو الغربية و في الجنوب.
لكي نفهم دور الشريك الأجنبي فنحن لا نقوم بدفع أي تكلفة في عمليات البحث و التنقيب عن البترول او الاستكشاف لأن هذه العمليات تحتوي علي مخاطرات مالية كبيرة فالشريك الاجنبي هو الذي يتحملها كلها حتي يتحقق كشف تجاري و بعدها يبدأ الشريك في أخذ حصته لكي يسترد المصروفات و إذا لم ينجح فيتحمل الخسارة منفرداً ، و في حاله عدم وجوده فلا نستطيع أن ندخل في مثل هذه العمليات لاحتوائها علي مخاطرة مالية كبيرة في حالة أن الاقتصاد ليس بالقوة التي تتحمل الدخول في مثل هذه المخاطرة.
و نجاح الشركة الأجنبية في اكتشاف بترول أم لا، يرجع إلى قوة الشركاء الأجانب الفنية و قدرتهم علي تفسير الخرائط و عمليات المسح ،فلو استطاع قراءة الخرائط بشكل صحيح فهو يستطيع المجازفة .
و بالتالي نجاح قطاع البترول يعتمد على علاقاته مع الشركاء الأجانب المتميزين الذين يستطيعوا المحافظة على معدلات الاستثمار و المحافظة على معدلات الإنتاج الجيدة التي تساعدنا في تحقيق اكتفاء ذاتي.
لماذا انخفض الدعم على المنتجات البترولية برغم وجود اكتشافات الفترة الماضية؟
في البداية أود أن أتحدث عن مفهوم الدعم و هو يعني عدم قدرة الفرد على شراء سلعةمعينة بسعر معين فتقوم الدولة بدعمه.
و قضيتنا في مصر هي فكرة التسعيرة الجبرية من قديم الزمن، و هذا لا يحدث في الدول الخارجية إلا في حالة الحروب و الازمات.
بالنسبة لقطاع البترول كانت الدولة تقوم ببيع المنتجات البترولية بسعر معين على أساس أن قطاع البترول قادر علي بيعها بذلك السعر المدعم ، و استمر ذلك الوضع حتي عام 2005 و 2006 ، و بعدها وجدنا عدم قدرة القطاع على بيع السلع عند هذه الأسعار ، فقطاع البترول لا يسعر المنتجات البترولية و إنما يصرح عن تكلفة السلع البترولية و تتولى الدولة التسعير ، فالفرق بين سعر التكلفة و السعر الجبري الذي تضعه الدولة أطلق عليه الدعم بشكل خاطئ و لكنه في حقيقة الأمر ليس دعم و لكن هذا يسمي دعم سلعة و ليس دعم عيني للشخص، لأن الدعم يجب أن يذهب للشخص الفقير فقط و ليس الغني.
و بالتالي مفهوم دعم السلعة مفهوم خاطئ و كان يجب أن ننتقل من مفهوم دعم السلعة إلى دعم المواطن و بالإمكان حل هذه المشكلة و تطبيق الدعم بطريقته الصحيحة عن طريق أسلوبين :
أول أسلوب لو الاختلافات كبيرة بين الفقراء و الأغنياء فيجب تطبيق كارت دعم، فالغنى يحصل عليه بسعر والفقير يحصل عليه بسعر آخر
والحل الثاني هو رفع دخول الطبقات الفقيرة ورفع أسعار منتجات الطاقة تحديداً.
و نتيجة الاكتشافات الجديدة، مصر تمتلك احتياطي من البترول يكفي لمدة 40 سنة قادمة و يوجد لدينا 80 مليار قدم مكعب احتياطي غاز و نستهلك 2.5 مليار قدم مكعب في السنة الواحدة و بالتالي نحن لدينا احتياطي ما يكفي 35 سنة قادمة
كنت وزيرآ للبترول في فترة الإخوان.. ما تقييمك لأداء الطاقة والبترول خلال تلك الفترة؟
كانت من أسوأ الفترات، لجأنا خلالها لتخفيف الأحمال وقطع الكهرباء باستمرار عن المنازل والمصانع وذلك نتيجة عدم وجود اكتشافات بترولية منذ 2009 وحتى 2012 ، لأن الحكومة لم تطرح مناقصة لاكتشاف وانتاج الغاز والبترول وفي ظل هذه الفترة لم نطرح مناقصات وهو ماأدى إلى انخفاض طبيعي في الآبار .
فأول مناقصة تم طرحها بعد هذه الفترة كانت عام 2012 وهى التي طرحها المهندس عبد الله غراب وزير البترول الأسبق قبل توليتى بشهرين وقد أدت تلك المناقصة إلى اكتشاف حقل ظُهر في نوفمبر 2017 ، فعندما تكون فترة ما لاتوجد بها مناقصات فلابد أن أتوقع أن تأتى فترة لايوجد بها أي مخزون أو انتاج.
شراكة إيني وقدرتها على المغامرة مبنية على علم ودراسة أدى لوجود اكتشافات بترولية ضخمة وهو مافتح السوق مرة أخرى أمام الاستثمارات الجديدة وهو مارفع الانتاج الذي هبط خلال 2015 من 3.8 مليار قدم إلى 7 مليار قدم.
لماذا صرحت سابقآ بأن مصر لم تستخرج سوى 5% فقط من مخزون البترول تحت الأرض؟ وما هو أسباب ذلك؟
ماتم طرحه على مستوى الجمهورية هو 30 % فقط من الأراضي وماتم استخراجه من هذه الأماكن لايتجاوز 15% من المخزون بها، إذاً فإن هذا الرقم يعنى العمل في 5% فقط من إجمالي المساحة الكلية طبقا لخريطة البترول والغاز في مصر .
هل الاكتشافات البترولية قادرة على انتشال مصر من حالة الركود الاقتصادي بعد أزمة كورونا؟
تكمن الأهمية في كيفية استغلال الموارد البترولية، فليس شرط أن يكون لدي مخزون كافي وانتاج مستمر، فالنقطة تتركز في كيفية الاستغلال وهو ماينعكس على الأداء الاقتصادي .
هذه عجلة لها أكثر من عامل، فالتعليم الجيد عامل أساسي في وضع دراسات جيدة لاستغلال تلك الموارد وتطويرها بشكل مواكب للتكنولوجيات، فالفترة الماضية كان الخريج غير مواكب للتكنولوجيا، فخريج القطاع الخاص يختلف عن القطاع العام من حيث الراتب والإمكانيات المكتسبة خلال التعليم.
فهناك دول خليجية انهارت اقتصادياتها رغم امكانياتها الكبيرة في مجال البترول لأنها تعتمد على تصدير البترول خام وعدم اعتماده على التصنيع بكل الفروع المرتبطة بالبترول لأنها لم تستغل الأيدي العاملة في تلك الصناعات.
لماذا تستورد مصر الغاز من إسرائيل؟
كان لدينا خط غاز ممتد إلى العريش يمر بقناة السويس وحدثت اضطرابات بتلك المنطقة وتوقف تصدير الغاز ، وبعد ذلك اكتشفت إسرائيل منطقة لانتاج الغاز ولكنها لم تستطع استغلالها بالشكل الأمثل لأنها لاتمتلك محطات إسالة فقامت بمد خطوط غاز لمصر من أجل إسالتها في دمياط ورشيد وعودته سائلا مرة أخرى لاسرائيل وتحصل مصر على حق الايجار وعملية التسييل بشرط أن تحصل مصر على حصة منه إذا احتاجته .
وإسرائيل لاتملك محطات إسالة فالمحطة الواحدة تتكلف 10 مليار دولار وتستغرق 5 سنوات فمن الأفضل لهم دفع ايجار لمصر بدلا من يخزن الغاز الخاص به 5سنوات دون استغلال.
ما هي رؤيتك للوضع الاقتصادي في مصر؟
بالرغم من أزمة كورونا، أرى الوضع الاقتصادي أفضل كثيرا من بلاد أخرى ، لأن لدينا تنوع في سلة الايرادات، فعندما انهارت السياحة كان لدينا بدائل في الزراعة والبترول، فبدلا من استيراد السلع الترفيهية والتكميلية قمنا بزراعة 1000 فدان قمح وأكبر دليل هو انخفاض سعر الدولار خلال 3 سنوات .
هناك إشكالية أخرى هو انخفاض تحويلات المصريين بالخارج بسبب عودة 80 % من المصريين بالخارج الذي يبلغ عددهم 7 مليون شخص يحتاجوا إلى فرص عمل وإن لم تتواجد تلك المشروعات فستكون البطالة مصيرهم.