وٌجدت الأزمات بالتزامن مع وجود الإنسان، والبعض يرى أن الفلسفة حالة من الترف الفكري المعقد وآخرون يصنفونه كـ جنون لا فائدة منه، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، فعند الأزمات وأشد المواقف قساوة كانت الفلسفة بين طياتها أفضل الحلول.
فيروس كورونا المستجد جعل من الغالبية العظمى فلاسفة من خلال اتباع سياسة العلاج البطيء، والمقصود بذلك ليس التأملات الميتافيزيقية بل التأملات الفلسفية التي صورها الإغريق من ناحية الطب العملي وعلاجي الروح، من خلال تحمل ما لا يمكن تحمله والعثور على اليقين في زمن اللايقين.
لطالما كانت الفلسفة والأزمات جنبا إلى جنب، وخير دليل على ذلك ان أعظم المفكرين قاموا بعملهم خلال فترات الأوبئة والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبخلاف التكنولوجيا فالحكمة لا تصبح بالية وعديمة الجدوى، فالرؤى الفلسفية أكثر صلة من أي وقت مضى.
الإغلاق الكامل أو الجزئي بسبب كورونا جعلنا نطرح أسئلة عميقة، وبهذه الطريقة تتكون الحكمة وفقا للنهج السقراطي، فأول الخطوات نحو المعرفة هي الاعتراف بجهل الفرد، فهو كان معتاد على وصف نفسه بأنه لا يعرف شيئا، والوعي بالجهل هو السبيل الوحيد للمعرفة.
ألبير كامو
ألبير كامو الفيلسوف المثالي لعصور الأوبئة ليس بسبب رواية الطاعون لكن بسبب روايته الأقل شهرة وهي “أسطورة سيزيف” التي تحدثت عن سيزيف أحد أكثر الشخصيات مكرا وفقا للميثولوجيا الإغريقية، لذلك عاش ألبير كامو الشدائد أكثر من غيره لترعرعه فقيرا يتيم الأب مع والدة صماء، وعايش معاناة الحرب العالمية الأولى، ودخل في العديد من الجدالات الفكرية مع نظرائه الفلاسفة قبل وفاته في حادث سير عام 1960.
ونظرا لأن العديد من المشاريع المخطط لها بشكل مستقبلي مثل حفلات الزفاف والسفر وغيرها، أصبحت بلا جدوى وبلا نتائج، ووفق الفيلسوف “كومو” وصولنا لهذه المرحلة بداية استيعاب عبثية الحياة، وما علينا فعله الاستثمار في الجهد وليس النتيجة، تماما كما فعل الفلاسفة، وما علينا فعله خلال جائحة كورونا النظر إلى عبثية المحنة لكن بالإصرار بعناد بدلا من الاستسلام.
اقرأ أيضا:
متنبئة لبنانية: 2021 عام الحرائق وأسوأ بكثير من 2020 (فيديو)
«لا تتجول فيه كثيرًا».. خبير يكشف عن أكثر مكان يعرضك للإصابة بكورونا