أنت مذنب وأنا مذنب، وبصوت الراحل أحمد زكي أهز برائتك المزعومة، وأقولك: لا استثني أحدا، كلنا مذنبون.
هذا ليس محض افتراء لكن للأسف هو جبال من التراكمات، شكلت وعي جمعي أقل ما يمكن وصفه أنه مترهل، متذبذب، منحل، مش اخلاقيا بس، بل دينيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.
وكعادة أن آفة حارتنا النسيان، فهننسا تريند طالبة المنصورة، نيرة أشرف، زي ما اتنسى تريند بسنت وزي ما اتنست اللي قبلها.
وستلهث وسائل الإعلام والسوشيال ميديا وراء تريند جديد.. ودا سنة التكنولوجيا للأسف.
لكن ياريت مننساش بعض النقاط:
ياريت مننساش أننا نربي أنفسنا وأولادنا على الاختلاف وعلى تقبل الرفض:-
لأن الدافع في الجريمة كان الرفض، إزاي أنا اترفض.. متعودتش يتقالي لا، متعودتش أقدر أن كل شخص ليه حدوده، وأنه لما أترفض ألجا لدوائر الثقة في حياتي، عائلتي، أصدقائي، أصبحت أنطوائيًا.. وهنا الكارثة؟!
فوفقا لشهادة صديق للجاني في تصريحات تلفزيونية، أنه كان رافض لفكرة رفض نيرة زواجه، ليطلب يدها ٤ مرات، وفي الأيام الأخيرة من الحادثة كان إنطوائي أكثر من اللازم، وتخيل أنها بتحبه رغم أنها مكنتش ميالة له بأي شكل من الأشكال.
ومن هنا جاء العنف، نتيجة عدم تقبل الرفض، وفي تصريح لرئيس الصحة العامة الأسبق في أمريكا، ديفيد ساتشر، جاء في بيان له في عام ٢٠٠١، حول بعض الدراسات العلمية، أكد فيه أن الرفض مسبب أكبر لانتشار العنف بين المراهقين، من تعاطيهم للمخدرات وانتمائهم لعصابات الشوارع.
تخيل أن هذه الدراسة لمجتمع سوي وأفضل حال بكثير من مجتمعتنا، فكيف الحال لمجتمع ممتلئ بالأفكار الداعشية المناهضة لجنس المرأة ومشبع بأفلام تمجد الجريمة ؟!
– عشان كدا مننساش أننا نفلتر كل حاجة بنشوفها أو نسمعها
خاصة من هذه الأفكار من شيوخ الداعشية، اللي تبنوا التبرير لجرائم أخف مثل التحرش، حتى وصل الأمر إلى لتبرير البعض لجريمة الذـ بح دي.
يعني اتهجم على واحدة واتحرش بيها لمجرد إني عايز أوصلها، أنها لابد للمرأة أن تسمع وتطيع فقط، وخلافه من الشواهد اللي تظهر عنف ممنهج ضد المرأة.
عنف مسئول عنه فن ردئ مثل مشهد في فيلم أولاد رزق، البطل بيقول لزوجته هموتك فقط لطلبها الطلاق، أو أن بلطجية عمرو سعد ومصطفى شعبان ومحمد رمضان، ترغم البنت لتكون تحت إمرتهم.
عنف مسؤول عنه فهم متدني للدين من الرجعية (وليست الصحوة) الوهابية إللي بيعيب على البنت في كل شئ وإن كانت ضحية، ضحية تحرش لأنها غير محجبة، ضحية طاعة زوجية يتم اغتصابها بحجة الحق الشرعي، ليصل الحد أن يشعل رجل الجاز في زوجته لأنها مش قادرة تنام معاه، لغاية ما وصلنا لاتهام البعض لنيرة في عرضها، من مجرد أنها غير محجبة.
لذلك، تريند نيرة هيتنسي، بس لابد أننا مننساش محاربة الفن الهابط وإن كان مغري، ونحارب التسلط الديني وشيوخ الاسترزاق من الخطاب الشعبوي، حراس الفضيلة المزيفة والتدين المصنوع، وندعم الفن والقراءة والأدب والموسيقى ونربي ولادنا على دا.
وبالمناسبة، هتلاقي أغلب الإرهابيين أو الملحدين دارسي كليات علمية، قد يكونوا عباقرة في العلم، لكنهم مجرد آلات، يفتقدوا للحس الفني والجمال، لا يقدروا الفن ولا الموسيقى ولا غيرها.
سعتها بس هيكون عندنا وعند أولادنا وعي، ليس وعي المشروعات والمؤامرات سواء على الدين أو الوطن.. لا، وعي بما لنا وعلينا، بالقراءة والفن والتثقيف.. نشغل بس عقلنا ومنجريش وراء النص، سعتها بس اعتقد نقدر نبني مستقبل أحسن، ولنبدأ بأنفسنا ثم بمن نعول.