تحقيق : سماح عثمان
هل لك أن تتخيل يوما أن تعود السيول وتغرق القاهرة ، هل تخيل سكان القاهرة بأنهم سيغرقون بمياه الأمطار وتتحول الشوارع إلى بحور فلم تكن تتخيل أن يحدث ذلك فقد انتهى عصر الفيضان ولكن فى الحقيقة أن ليس السد العالي وحده من يحمى المناطق من السيول والفيضان فهناك بدائل أخرى من وجود مجارى للسيول “مخرات” تتجمع بها المياه ليكون مصيرها فى النيل ، والكارثة التى اكتشفنا وجودها هي ردم مخر السيل وبالتالي تصبح محافظة القاهرة فى انتظار كارثة مثلما حدث في منطقة رأس غارب بالبحر الأحمر …
ترأس الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعاً موسعاً للجنة إدارة الأزمات بوزارة الإسكان، لمتابعة موقف تنفيذ الإجراءات والحلول العاجلة لمواجهة مخاطر الأمطار والسيول بموسم الشتاء المقبل، وآثارها السيئة على المناطق العمرانية، ولا سيما بالمدن الجديدة، وذلك من أجل حماية المواطنين من تلك الأخطار، والحفاظ على الاستثمارات والثروة العقارية بتلك المدن.
وشدد وزير الإسكان على ضرورة مراعاة مخرات السيول، وأماكن جريان المياه، وذلك عند تخطيط المناطق المضافة للمدن الجديدة، أو بالمدن التى يتم إنشاؤها حديثاً، كما يجب وضع منظومة متكاملة لصرف الأمطار، بكل مدينة، والتنسيق بينها، وبين أعمال المرافق المختلفة.
إنفاق 210 مليون جنيه على مخرات سيل قنا
فيما قال المهندس صبري مختار وكيل وزارة الموارد المائية والري بمحافظتي قنا والأقصر، إنّ العام الماضي شهد إنفاق نحو 38 مليون جنيه على مخرات السيول في قنا، وهذا العام جرى إنفاق نحو 210 ملايين جنيه على أعمال ضخمة بمخرات السيول في قنا، بينها أعمال التدبيش والصيانة.
وصباح اليوم أغلقت الإدارة العامة للمرور طريق سوهاج اتجاه قنا، على الطريق الصحراوى الغربي، وطريق الشيخ فضل رأس غارب، وطريق فقط القصير، وطريق سفاجا سوهاج، وطريق الأقصر نجع حمادى، وطريق الأقصر الوادى الجديد، وطريق قنا سوهاج الصحراوى الغربى، لوجود السيول.
156 مخر سيل على مستوى الجمهورية
ويبلغ عدد المخرات السيول في مصر 156 مخرا، وتمتلئ بعضها بالقمامة والحيوانات النافقة والسيارات الخردة، والإهمال الواضح على مسار تلك المخرات يجعل التهديد قائما.
وزارة الموارد المائية والري هي الجهة المسئولة قانونياً ودستورياً عن المشروعات التي تقام لمواجهة السيول والوقاية منها، ويقع على عاتقها تلك المسؤولية بالاشتراك مع وزارت “الدفاع، الداخلية، التنمية المحلية، الكهرباء، المواصلات”، ويختص معهد بحوث الموارد المائية التابع للمركز القومي لبحوث المياه بتقييم الدراسات الخاصة بالسيول وتقديمها للجهات المعنية، وهو ما حدث، إذ حذرت وزارة الري عن حدوث سيول قبل وقوعها بـ4 أيام، بالتعاون مع مركز التنبؤات الجوية.
مخرات سيل القاهرة
الأول هو مخر سيل حدائق حلوان المعروف باسم «مخر حلوان»، وهو أطول وأقدم مخر سيل وممتد من وادى حوف وحدائق حلوان وينتهى بالمعصرة، ومخر سيل طرة الممتد من طرة مرورا بمنطقة دجلة بالمعادى ويصب فى النيل، وأخيرا مخر سيل كفر العلو، وهو يقع فى الجيل فى المنطقة الصحراوية بحلوان.
جولة سريعة لأحد مخرات السيول بالقاهرة
كنا فى جولة عند مخر السيل بمنطقة وادى دجلة بالمعادي حيث قال محمود حسن أن مخر السيل كان يفصل بين المنطقة الصناعية لصناعة الرخام وبين منطقة زهراء المعادي السكنية وهو مخر سيل طبيعي قادم من منطقة جبل شرق طره تتجمع به مياه الأمطار والسيول لتحمى المساكن من الغرق ولكن قامت أحدى شركات المقاولات بردم طريق المخر بالرغم من وجود مصنع 57 الحربي ولكن بعيدا عن مجرى السيل ولم يتعدى حدوده ولكن حدثت تعديات عليه بالمخالفة للقرار الرئاسى الصادر العام الماضي بالحفاظ وعدم التعدى على مخرات السيول .
وأضاف أن مخر السيل مجرى طبيعي أحدثته الأمطار فى طريقها لنهر النيل وهو منشأ قديما منذ أكثر من أربعين عاما من أعلى المنطقة الجبلية .
أما أحمد فتحي قاسم، مالك لورشة تصنيع الرخام بمنطق شق الثعبان، قال إن المنطقة كان بها مخر سيل ولكن تم ردمه لبناء مساكن، وستواجه المنطقة مصير محافظة البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن مخر السيل يأتي من طريق السويس والقاهرة الجديدة ويصب في النيل، حيث إنه كان يمر خلف نادي وادي دجلة.
وتابع قاسم، “الحل في يد الدولة.. من الشتاء اللي فات مع بداية وضع المواسير الأسمنتية ونحن نناشد المسؤولين دون تحرك”، مؤكدًا أن المواسير الأسمنية غير مناسبة تمامًا لإزاحة ماء السيول، لأن السيل يكون محملًا بالطمي والرمال، وهو ما قد يسبب إنسدادها، خاصة وأن قطرها متر واحد فقط، لذك فهى غير عملية، وسيصعب تنظيفه.
وأضاف قاسم، إنه في حال زادت المياة لن تؤثر على الورش بقدر تأثيرها على المساكن الأخرى، وفقط تتعرض القاهرة الجديدة، ومدينة مبارك، وذلك لأنه لن يكون هناك مصرف للسيل والأمطار الغزيرة التي تذهب للنيل، موضحًا أنه حتى السنة الماضية كان مخر السيل عبارة عن “ترعة”، كونه السيل على هيئة خط مستقيم، والحكومة أضافت له بعض التعديلات ليصل إلى نهر النيل.
مخر دجلة الذى يصل بين منطقتى طرة وثكنات المعادى وينتهى فى النيل، يستخدمه الجهاز التنفيذى لمياه الشرب لمدّ مواسير مياه فى قلب المخر، قبل ردمه وإغلاق المخر، وبعد فترة قرر نفس الجهاز إزالة جزء من المواسير والإبقاء على جزء آخر، فى حين تؤكد محافظة القاهرة أن مشروع مد مواسير المياه مستمر، وأن المخر نفسه خارج الخدمة.
القاهرة تدخل قائمة المناطق الخطرة
خبراء ومسؤولون بوزارة الري، حذروا من تعرض بعض المحافظات لخطر السيول، لتدخل محافظة القاهرة و مدينة حلوان ومنطقة المعادي ضمن دائرة التهديد، خصوصا بعد تكرار الحادثة في سنوات 2009 و2010 و2013 و2014 و2016، والتي كبدت الدولة الملايين من الجنيهات وانتهت هذا العام بإزهاق الأرواح، إضافة إلى دورات السيول التي تكررت بالصعيد ودمرت بعض القرى في دورات متكررة في أعوام 1875، 1979، 1980، 1981، 1982، 1987، وسيول أخرى دمرت طريق الطور ونويبع في جنوب سيناء عام 1994، وسيول أخرى اجتاحت أسيوط والمنيا في نفس العام، إضافة لسيول عام 1997 والتي أغرقت مدينة الغردقة، وتعرضت مصر لـ30 سيلا منذ عام 1974 وحتى عام 1996، وفق حصر تم مناقشته في المؤتمر السنوي الثاني لإدارة الأزمات والكوارث عام 1997.