على الرغم من التغييرات الكبيرة التي شهدتها محافظات الصعيد طيلة السنوات الماضية الأمر الذى أدى إلى تغيير بعض العادات والتقاليد التي كانت تتسبب في كثر من المشاكل بين الأهالي إلا أنه ورغم ذلك لم يزل عادة الثأر هي المسيطرة على عقول الكبير والصغير هناك.
“أوان مصر”رصدت عدد من وقائع الثأر التي شهدتها محافظات الصعيد خلال السنوات الماضية وأسفرتعن عدد من القتلى بين الطرفين ومنها في محافظة أسيوط وتحديدًا بمركز”منفلوط”حيث قامت سيدة بترك “حمارها” يتجول داخل أرضها الزراعية، فخرج عن حدودها وتجول في أرض زراعية لجارها، وقام بأكل بعض الخضرة من أرضه، فحدثت مشادة بين السيدةوجارها، أسفرت عن مقتلها بطلق ناري وبعدها حدث إطلاق نار بين الطرفين أسفر عنإصابة 5 أشخاص بطلقات نارية متفرقة بالجسم.
وفي أسيوطأيضا بمركز البداري يعتبر الصراع بين عائلتي “النواصر”و”زناتي” أحد أقدم صراعات الثأر في مركز البداري ويعود لعام 1947 ويرفض كلا من أفراد العائلتين إدارج كلمة “مصالحة” في قاموسهما حتى الآن رغم وصول عدد ضحايا إلى 27 قتيلاً بين الطرفينوفي أسوان، حصدت نار الفتنة والحربالثأرية بين قبيلتي “دبوادي” و”بني هلال” روح 28 شخصا، الامر الذى أدى تدخل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلى للصلحبين القبيلتين وإحالة المتهمين إلى المحاكمة.
وزارة الداخلية
ومن جانبه قال مصدر أمنى بوزارة الداخلية إن الاجهزة الأمنية على مستوى الجمهورية أنهت 235 خصومة ثأرية في العالم الماضي وذلك بالتواصل مع العائلات وبيت العائلة ولجان المصالحات والمؤسسات الدينية والمحافظين للسعى فى إنهاء كل الخصومات الثأرية.
وأشار المصدر الامني إلى أن ما يتم تحقيقه من نجاحات فى هذه المسألة يلمسه جميع العائلات بالقرى والنجوع، مشيدا باستجابات العائلات لوقف بحور الدم والعيش فى سلام حتى لا تتعطل مسيرة بناء الوطن، وترك الأمر برمته إلى جهات تنفيذ القانون واعتبار القانون فقط هو الحاكم بين المواطنين والعائلات.
مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين قال إن الثأر خصوصا فى الصعيد قضية معقدة بعض الشىء وتطلب تكاتفا مستمرا من مؤسسات الدولة الدينية والثقافية للحد من هذه الظاهرة التى تسبب الموت وخراب الديار.وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق إلى أن رجال الشرطة يبذلون قصارى جهدهم فى الحد من النزاعات وإحباطها قبل التفاقم، وإنهاء مئات الخصومات الثأرية، لكن الأمر يحتاج إلى مساندة مجتمعية أيضا، لافتا إلى أن الأزهر والكنيسة وعلماء الدين ومؤلفى المسلسلات الدرامية والفن كل فئة على عاتقها دور ومسوؤلية كبيرة، لما يحتاجه المجتمع فى تغيير ثقافات كاملة عن هذه الجريمة، والثقة فى الدولة وتطبيق القانون بشكل عادل على كل من تورط فى القتل.
لجنة المصالحات
في السياق نفسه قال الشيخ ناصر سيد عضو لجنة المصالحات بمركز القوصية بمحافظة أسيوط إن قضايا الثأر فى الصعيد تجرى بين الناس كالإنجاب، بدافع الانتقام، وأن هذا نابع من المعايرة بين العائلات التى تتفاخر بالسيطرة والأخذ بالثأر، مشيرا إلى أن محافظة أسيوط أطلقت مبادرة للقضاء على الثأر بشكل نهائى منذ قضية ثأر مسجد القوصية فى فبراير الماضى، وأن توقيتها مهم لوقف الدماء بين العائلات والتصالح.
وتابععضو لجنة المصالحات قائلا :لجنة مصالحات بيت العائلة نجحت فى إنهاء 220 خصومة ثأرية منذ عام 2016 حتى نهاية 2018، وأن أسيوط فقط بين محافظات الصعيد بها 450 خصومة ثأرية تقريبا، مطالبا بتكاتف مجتمعى فى الصعيد والأرياف لتغيير الثقافات السائدة وترك الأمر لدولة القانون مشيرا إلى أن الخصومات الثأرية تؤثر حتى على مناخ الاستثمار فى أى محافظة، لأنها دافع لعدم الاستقرار، مشيدا بدور رجال الأمن فى السعى باستمرار لحل النزاعات قبل تفاقمها، وإنهاء الخصومات فى القرى والنجوع.