كتبت – سماح عثمان
حياتى.. مثل حياة أى منا، ليست فى الواقع إلا رحلة بحث عن الذات، فكل خطوة خطوتها عبر السنين إنما كانت وما زالت من أجل مصر والحق والحرية والسلام، هذه هى الصورة التى رسمتها منذ الطفولة، والآن وأنا أنظر إلى بانوراما حياتى وحياة مصر تمتد أمام عينى بكل ما شهدته من أحاسيس، هل أستطيع أن أرى صورتى لنفسى وقد التقت بصورة مصر كما كنت أحلم بها من فوق سطح الفرن فى قريتى ميت أبو الكوم، وأنا ما زلت صبيا فى العاشرة من عمري؟، كتابا يسرد أدق تفاصيل واحد من أهم الرجال الذين حكموا دولة قوية مثل مصر وفي فترة كانت مشحونة بحروب من كل اتجاه مع السوفييت والصهاينة والأمريكان، مع ذلك تجدها مذكرات كتبت بلغة حميمية جدا من الرئيس المواطن لقلب المواطن.
“البحث عن الذات ، قصة حياتى” هو اسم الكتاب الذى ألفه محمد أنور السادات وكتب فيه مذكراته و قصة حياته،الكتاب تم طباعته اول مره فى ابريل 1978، ثم صدرت له طبعه ثانيه فى أكتوبر فى نفس السنه و حتى الان مازلت تطبع العديد من النسخ من وقت لآخر إذ الكتاب ونشر بأكثر من 13 لغه أهمهم الانجليزىة و الفرنسى و العبرى و الفينلاندى و اليابانى.
تكون الكتاب من عدة فصول حملت مذكرات الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي شهد على أحداث تاريخية مرت على مصر بداية من ثورة 23 يوليو 1952 وحتى العدوان الثلاثي مرورا بنكسة 67 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973.
خطة السادات لإعادة بناء الجيش
تناول السادات أسباب النكسة والتفكير فى مقومات النصر برؤية تحليلية ، لدرجة أنه قرر أن يكتب مذكراته «عن الفترة من 8 يوليو 1967 إلى 27 يوليو 1970» لتكون «عبرة لنا وللأجيال من بعد»، كما برر فى مقدمة تلك المذكرات. ويقترح «السادات» فى مذكراته خطتين لإعادة بناء الجيش، الأولى قصيرة من عنصر واحد وهى «إعادة الروح المعنوية للقوات»، والثانية طويلة تعتمد على اتباع الأسلوب الروسى وهو الدراسة العسكرية فى سن مبكرة ، فلابد أن يكون الجيش على أعلى درجة من الوعى .
الحرب خدعة
اعتمد السادات على تطبيق مقولة أن “الحرب خدعة “إذ تعمد نشر أخبار وهمية قبل حرب 73 عن الاستعدادات للحرب أكثر من مرة، وفي كل مرة يعود ويتراجع عن قراره مما جعل إسرائيل تتكبد خسائر فادحة اعترفت بها إدارتها فيما بعد.
كما شرح عملية السلام حينما يحين وقتها ويشرح أسبابه خلف ذهابه للكنيست بنفسه، وهو في ذلك نجا من فخ التناقض، لأنه يشرح الأمور دوما من وجهات استراتيجية ويضع الفعل حينما يتطلب الأمر إيجاده، ولا يهتم حتى لو كان بمفرده. ولم يكن جنرالا في الحروب فقط، وإنما في حياته العادية أيضا كان رجلا يلتزم بمبادئه الخاصة، فكان يواجه أي تهمة تنسب له بردود كلها فطنة وشجاعة، وكانت قاعدته التي التزم بها حتى آخر أيام حياته، أنه غير مطالب أبدا بتقديم أي مبررات عن تصرفاته.
وفي مذكراته يورد السادات سطورا متفرقه كثيره تعكس مدي ثقته الشخصيه في القوات المسلحه وفي تسجيلات المجموعه 73 مؤرخين مع ابطال حرب أكتوبر يذكر الكثيرون منهم لقاءاتهم الكثيره مع السادات ومدي ثقته الشخصيه في جنود وضباط القوات المسلحه المصريه ومدي رغبته القويه في مسح عار هزيمه 67 واقتناص ولو موطئ قدم ( شبر واحد ) من سيناء لكي يمكنه التفاوض عليه .
إقامة غرفة عمليات تحت أرض قصر الطاهرة
«أسرار عسكرية هامة يكشفها أنوار السادات» ينقلها عنه الصحفي موسى صبرى: لم أنم فى بيتى.. كنت قد اخترت قصر الطاهرة لإقامتى وقت المعركة.. وأعددنا به غرفة عمليات كاملة تحت الأرض بديلة لغرفة العمليات القريبة من قصر الطاهرة.. ومنها نتابع العمليات دقيقة بدقيقة مثل الغرفة الأصلية تماما.. وكنت أعرف أن الموقف سوف يقتضى لقاءات سياسية دولية، ولذلك اخترت المكان القريب من عملى السياسى.. وفى الوقت نفسه لم يكن أحد يدرى أنه يشكل مركز قيادة عسكرية.. وأذكر فى تلك الليلة أننى آويت إلى فراشى فى موعدى المعتاد.. وكنت قد أمضيت يوم الجمعة عادى جدًا.. وصليت الجمعة فى كوبرى القبة فى الزاوية التى تعلمت فيها الصلاة منذ خمسين عامًا».
وعن الأيام الأخيرة قبل المعركة يقول المشير محمد عبدالغنى الجمسى، أحد قادة نصر أكتوبر: «واستمرت عجلة الاستعداد للحرب دون أن تتوقف لحظة، إلى أن جاءت الأيام القليلة الباقية قبيل نشوب الحرب، حيث كان العد التنازلى لدخول الحرب قد بدأ فعلا، وفى يوم 30 سبتمبر 1973، اجتمع مجلس الأمن القومى بدعوة مفاجئة من الرئيس السادات، جرى فيه استعراض للموقف من جوانبه السياسية والعسكرية.
جمال عبد الناصر اعتمد خطة دفاعية
الخطة الدفاعية 200 التى تسلمتها من عبدالناصر قد انهارت، فقبل أن يموت عبدالناصر بشهر واحد دعانى وذهبنا معاً إلى مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، وهناك جمع القادة المصريين والخبراء السوفييت ومحمد فوزى وزير الحربية فى ذلك الوقت، ووقف القادة المصريون والخبراء السوفيت لمدة 7 ساعات أمام عبدالناصر وأمامى “السادات” يشرحون الخطة الدفاعية 200 التى أقرها الجميع، كان هذا الوضع العسكرى الذى تسلمته من عبدالناصر، خطة دفاعية سليمة %100 ولكن لا وجود لخطة هجومية».
اختلفت كليا مع عبد الناصر
أيضا من الأجزاء اللطيفة في الكتاب حكيه عن سياسة عبدالناصر والفرق بينها وبين طريقته، فتجده يشرح بشكل صريح كيف قرر أن يخلي المعتقلات والسجون وأن يترك متسعا للناس كي ينفسوا قليلا عن دواخلهم، ورغم اختلاف أفكاره عن الزعيم الذي سبقه إلا أنه لا يتطاول عليه أبدا، بل يشرح الأسباب والظروف التي أحاطت بكل منهما.