تًعد قائمة المنقولات الزوجية في صورتها المثالية ، صورة من صور التعاون بين الزوج والزوجة لإعداد مسكن الزوجية ، حيث يساهم كلاهما في تجهيز هذا المسكن ، وكتابة القائمة لحفظ حقوق الزوجة في حدود ما ساهمت به في المسكن الذي كان يجب علي الزوج وحده إعداده .
ولقد خضعت هذه القائمة للحماية الجنائية حيث ذهب الفقه إلي هذه القائمة لا تخرج عن كونها عارية استعمال ، أو وديعة تخضع للمادة 341 من قانون العقوبات والتي أوردت حالات على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال ومنها عارية الاستعمال والوديعة .
واقع قائمة المنقولات الزوجية :
ينظر أغلب الفقه القانوني إلي قائمة المنقولات الزوجية علي إنها من قبيل عارية الاستعمال فمن ثم تكون مثلها مثل عقود الأمانة في أثرها الجنائي ، وأن الزوج يكون ملزماً بردها كاملة عينًا بحالتها أو برد قيمتها نقدًا متى طٌلبت منه وتكون عقوبة التبديد لمن خالف ذلك وهي الحبس من 24 ساعة وحتى مدة 3 سنوات وفقاً للمادة 18 عقوبات ، ويجوز الحكم بالغرامة مع للحبس .
وتجدر الإشارة إلي أن قائمة المنقولات الزوجية تنفصل من حيث الطبيعة عن عقد الزواج ، وإن كانت هي نتيجة من نتائج هذا العقد ، إلا إنها ليست شرطاً من شروطه ولا ركناً من أركانه ، حتي وإن كان العرف قد جري في بعض الأقاليم علي اعتبار القائمة الزوجية بما تشمله من الشبكة ( الذهب ) هي بمثابة المهر ، ففي الغالب يتم تحرير عقد الزواج منفصلاً عن قائمة المنقولات الزوجية ، وينص في عقد الزواج علي المهر المسمي بين الأطراف دون الإشارة إلي قائمة المنقولات ومن ثم فإنه يمكن تحريك الدعوي الجنائية الخاصة بجريمة تبديدها دون حدوث الطلاق .
ويقوم الزوج قبل الدخول بالتوقيع على قائمة المنقولات لصالح الزوجة و يقر باستلامه لما اشتملت عليه من متاع ويتعهد بحفظه ورده عند الطلب، ولذلك يتنازع طبيعة هذه القائمة رأيان :
الرأي الأول يقول أنها عقد عارية استعمال : فهي لا تعدو أن تكون إقرار صادر من الزوج إلي الزوجة في ورقة مذيلة بتوقيعه بأنه استلم منقولات الزوجية الواردة في القائمة وأن استلامه لتلك المنقولات على سبيل عارية الاستعمال .
الرأي الثاني : يري أنها عقد وديعة : حيث يقر الزوج بأنه استلم قائمة المنقولات الزوجية كوديعة عنده ، ويلتزم بحفظها وردها علي الحالة التي كانت عليها عند استلامها .
وأغلب القانونيين يؤيد الرأي الأول ، فيروا أنه الرأي الأدق ؛ لأن العرف جري علي استلام هذه المنقولات لا لحفظها ، وإنما لاستعمالها من قبل الزوجين بالنسبة للمتاع ، ومن قبل الزوجة وحدها بالنسبة للمشغولات الذهبية ، ونقول أن الفرق بين الوديعة والعارية أن المودع لديه في عقد الوديعة يتسلم الشيء ليحفظه دون ما استعماله، فالغرض الأساسي في عقد الوديعة هو الحفاظ على الشيء المودع ، أما في عقد العارية فالمستعير يتسلم الشيء المستعار لينتفع به، حيث يتمثل الغرض الأساسي هنا في استعمال الشيء لا حفظه .
المشكلات العملية لقائمة المنقولات الزوجية :
أولاً : في الحقيقة أن اعتبار قائمة المنقولات عارية استعمال أو وديعة هو ما أحدث مشكلات عملية عديدة ، ووضع القاضي في موضع صعب ، وألقي علي كاهله عبء ثقيل ، حيث لا يملك نص واضح في هذا الشأن ، فلو أخذ بأن قائمة المنقولات عارية استعمال لضيق ذلك من حقوق الزوجة وأوجب عليها استلام هذه المنقولات عند النزاع بالحالة التي آلت إليها حتي ولو كانت متهالكة ، ولو أخذ بأن القائمة وديعة لضيق ذلك من حقوق الزوج وألزمه برد هذه المنقولات بحالتها عند الاستلام أي بحالة جديدة ، وكلا الفرضين يتصف بغاية الصعوبة ، ويستحيل تحقيقه عملياً .
ثانياً : يكشف الواقع العملي عن إنكار الزوج لواقعة الاستلام أو حصول التبديد ويدعي وجود المنقولات بل يقوم بعرضها على الزوجة عرضاً قانونياً ، إلا أن الأخيرة ترفض الاستلام بحجة أن المنقولات المعروضة ليست هي ذاتها المنقولات محل قائمة المنقولات ، وتستدل على ذلك بأن المنقولات المعروضة قديمة ومتهالكة أو منقوصة، وعندئذ تبدأ الأزمات وتتفاقم المشكلات .
ثالثاً: عند نظر الدعاوى القضائية في المحاكم بغرض فض هذه الأنزعة ، تجنح المحاكم في أغلب أحكامها إلي التأني في التصرف وتكرار التأجيل ، وتأخذ بالأحوط فتقضي بإيقاف تنفيذ العقوبة أو البراءة في أغلب الاحيان ، وكما أشرنا فإن العقوبة هي الحبس ، ووفقاً للمادة 18 من قانون العقوبات فإن تعريف عقوبة الحبس هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه ولا يجوز أن تنقص هذه المدة عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاث سنين إلا في الأحوال الخصوصية المنصوص عليها قانونا.
الحلول العملية لإشكاليات قائمة المنقولات الزوجية :
نري ضرورة تدخل المشرع بحلول عملية لموضوع قائمة المنقولات الزوجية ، فيكون النص الجديد فيه حلول للجزاء المدني الذي يعتبر غير كاف في مثل هذه الحالات التي تزعزع الثقة بين أفراد المجتمع ، ويقضي علي روح التعامل بين الناس في ثقة وإطمئنان ،كما يكون فيه حلول لغموض الموقف الجنائي الذي لم يتضمن نصاً خاصاً لهذه القائمة ، فالمصلحة الإجتماعية في حماية هذا الإئتمان بين الأزواج أصبحت جوهرية وتدعو إلي ضرورة التدخل بالردع لصونها وحمايتها.
ولا يخفي أهمية هذا التدخل إذ أنه سيكفل مواجهة نوعية خاصة من البشر ممن لديهم نوازع السيطرة علي مال الغير وتبديده ، مما من شأنه تهديد و إهدار الأمانات ، وخيانة الثقة الممنوحة لهم .
وحيث أن قائمة المنقولات ذات طبيعة خاصة تختلف عن عقود الأمانة الواردة في المادة ٣٤١ ع ، فواقع المشهد المصري ينظر إلي قائمة المنقولات الزوجية علي أنها وسيلة لحفظ حقوق الزوجة ، ومقابل لما تكبده ولي أمرها من نفقات تزويجها ، فهي أداة لضمان الحقوق وليس أكثر ، والدليل علي ذلك أن معظم هذه المنقولات من عفش وأجهزة هي مشتراه ومدفوع ثمنها من قبل الزوج ، وهي ملكاً له في الاصل ، ومن جهة آخري فإنه لو كان مقتضي الحال يدل علي أن الزوج حسن النية فإن الزوجة تسلمه ممتلكاتها كلها عن طيب خاطر ، والعكس صحيح ، ومن ثم فإن هذا الأمر يتطلب تدخلاً خاصاً يخضع لفلسفة معينة .
المأمول لقائمة المنقولات الزوجية :
ولا نري داع للمطالبة بإلغاء تحرير قائمة المنقولات الزوجية ، حيث جري العرف علي إقرارها كبديل عن المهر النقدي ، ولكن الأجدر بالمشرع ضرورة التدخل التشريعي الخاص لقائمة المنقولات الزوجية ، وتحديد طبيعتها ،وجزاء تبديدها حيث يتكبد الزوج والزوجة معا مبالغ طائلة ترصدها هذه الورقة ، ومن ثم لزم تنظيمها قانونا بنص خاص يتناسب وطبيعتها وعلاقة أطرافها .