تصدر الدولة العملات والنقود بناء علي قوانين ، وفي شكل معين ،وصورة محددة وفقاً للقواعد التي يضعها البنك المركزي وهو ما يجعلها ملزمة ومقبولة لدي الفرد والجماعة والمؤسسات العامة والخاصة بحيث لا يستطيع أحد رفضها وإلا تعرض للمسائلة القانونية .
ولقد حصر المشرع المصري حق إصدار العملات والنقود للدولة وحدها ولا ينازعها في هذا الحق أي سلطة ، أو أي أحد ، فكما للدولة الحق في تنظيم المرافق و فرض الضرائب ، فإن لها كذلك الحق في احتكار إصدار العملات والنقود ، فإذا صدرت من غيرها عد ذلك اعتداء علي حقها ، وتعد علي مظهر من مظاهر سيادتها ، ومن ثم يكون إصدار أي عملات أو نقود أياً كانت طبيعتها أو صورتها بعيد عن سلطة ورقابة الدولة جريمة مخلة بالثقة العامة التي تعد دعامة التعامل بالعملات والنقود الصادرة من قبل الدولة .
ومن ثم فالمتبع في إصدار العملات والنقود الرسمية هو إصدارها وفقاً للقواعد التي نظمها القانون منذ التاسع عشر من يوليو عام 1960 ، حيث صدر القانون رقم 250 لسنة 1960 والمعدل بموجب القانون رقم 377 لسنة 1960 بشأن البنك المركزي المصري والبنك الأهلي المصري و الذي ينص على إنشاء البنك المركزي المصري ، ويمنحه حق إصدار أوراق النقد المصرية ولقد تضمن القانون إدخال عدة تغييرات على تصميم الأوراق النقدية وألوانها و العلامات المائية لها .
ولقد وردت عدة تعديلات علي قانون البنك المركزي حيث صدر القانون رقم 88 لسنة 2003 ، وألغي القوانين السابقة ، ثم صدر القانون قم 194 لسنة 2020 والمعمول به حالياً .
ولقد اضطلع البنك المركزي المصري بهذه المهمة ، وبذل جهوده في مجال إصدار العملات بإنشاء دار لطباعة العملة بدلاً من طباعتها في الخارج ، ولقد بدأت طباعة الفئات المختلفة في الأول من ديسمبر من عام 1968 كما قام البنك أيضاً بطباعة بعض العملات العربية لصالح بنوكها المركزية .
ولقد تطورت النقود والتعامل فيها تطوراً كبيراً منذ بداية وجود الإنسان علي الأرض ، وعلي الرغم من تعدد أشكال و أنواع النقود تاريخياً إلا إنه من المتفق عليه أن الإنسان قد عرفها منذ آلاف السنين ، وقد مرت النقود بمراحل مختلفة خضعت خلالها للتطور التدريجي حسب طبيعة وظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي سادت كل مرحلة من مراحل التطور ، فقد عرف المجتمع البشري نظام المقايضة أولاً ؛ لأنها كانت تفي حينها باحتياجات الإنسان البدائي ، ومع التطور التدريجي أصبحت المقايضة عاجزة عن الوفاء باحتياجات البشر ، فدفعتهم الحاجة إلي اختراع وسيلة أسهل لتداول السلع والخدمات وهي النقود والتي بدأت باختيار سلعة معينة ذات قيمة وقبول عام بين الأفراد لتكون معيار للمبادلة بغيرها من السلع والخدمات للقيام بدور النقود مثل القمح أوالشعير أوالماشية ، ويطلق علي هذا النوع من النقود ، النقود السلعية .
وفي مرحلة من مراحل تطور النقود السلعية تم استخدام العملات الذهبية كمخزن للقيمة ، ووحدة حساب ووسيط للتبادل لما للذهب من خصائص مرغوبة ، بحسبانه ذو قيمة سوقيه ثابتة في حد ذاته ، مع سهولة التقسيم ، والمعيارية الثابتة التي لا يُختلف عليها .
وفي مرحلة آخري دفعت الحاجة المجتمع نحو النقود الائتمانية ، ويقصد بها النقود التي يتم تداولها عند قيمة أعلي من القيمة السلعية للمادة المصنوعة منها وفي بعض الأحيان تكون القيمة السلعية للمادة المصنوع منها النقود قليلة جداً كما هو الحال بالنسبة للنقود النحاسية ولكنها مع ذلك تظل اقل من القيمة النقدية لها .
ويمكن تفسير احتفاظ النقود الائتمانية بقيمة شرائية أعلي من قيمة السلعة المصنوعة منها ، بأن السلطة النقدية في الدولة تقوم بالحد من إصدار مثل هذه النقود ، وذلك عن طريق منع حرية تحويل السلعة إلي نقود واحتكار هذه العملية فقط علي السلطات النقدية للدولة واعتبار ذلك حكراً عليها فقط وفرض عقوبات صارمة بحق كل من يحاول إصدارها أو تقليدها .
ثم ما لبث أن تطور الأمر إلي ما يعرف بالنقود النائبة ، وهي تلك النقود التي تصنع عادة من الورق وهي عبارة عن شهادات وإيصالات إيداع قابلة للتداول وبمقدار قيمة الوحدات النقدية المعدنية أو ما يعادلها من سبائك ، والنقود الورقية ليس لها ذات المقدار المعين للسلعة ، وإنما تمثل في التداول قدراً من المعدن النفيس يعادل ما تحتويه وحدة العملة السلعية ، فهي تمثل قيمة المعدن النفيس، وتستخدام النقود النائبة لتجنب سك العملة المعدنية التي تكون غالباً أعلي من تكاليف إصدار العملة الورقية ، كما أن النقود الورقية تجنب ما كانت تتعرض له النقود السلعية من التلف و التآكل ، أو سرقة أجزاء منها بواسطة المتعاملين بها ، ومن جهة آخري فإن نفقات نقل العملة الورقية أسهل بكثير إذا ما قورنت بتلك العملات التي كانت تصنع من المعادن الثقيلة كالنحاس أو الفضة ، ومع ذلك وبالرغم من مميزات النقود النائبة إلا أنها عرضه للتزوير والغش ، إلا إذا كانت مصنوعة من نوع خاص من الورق يصعب تزويره ، كما أنها قابلة للتلف نتيجة الاستعمال المتكرر و كثرة التداول .
وفى ضوء الاحتياج المتزايد لأوراق النقد بغرض تسهيل المعاملات الناجمة عن نمو النشاط الاقتصادي وبخاصة عقب تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي ، أصدر البنك المركزي المصري فئات نقدية كبيرة هي (100جنيه ، 50 جنيه ، 20 جنيه ) حيث أصدر فئة الـ 20 جنيه في مايو عام 1977 وفئة الـ 100 جنيه في مايو 1979 وفئة الـ 50 جنيه في مارس 1993 ، كما أصدر بعد ذلك فئة 200 جنيه .
وأخيراً وفي غضون يوليو 2020 قام البنك المركزي بإصدار العملات البلاستيكية من فئة عشرة جنيهات ، حيث طرح البنك المركزي المصري عملة فئة العشرة جنيهات البلاستيكية (بوليمر)، والتي تم إنتاجها باستخدام أحدث خطوط انتاج البنكنوت المطبقة في العالم بدار الطباعة الجديدة في العاصمة الإدارية، مع التأكيد على عدم إلغاء أي من الاصدارات السابقة من ذات الفئة واستمرار العمل بها وتداولها ، وجاء ذلك في ضوء الحرص على مواكبة أحدث القياسات العالمية والتكنولوجية في تأمين وطباعة العملة المتداولة.
ويأتي طرح العملة الجديدة في إطار سياسة تطبيق سياسة النقد النظيف ورفع معدلات جودة أوراق النقد المتداولة بالسوق المصري، بجانب تخفيض تكلفة طباعة أوراق النقد وخاصة الفئات الأكثر تداولا وذلك على المدى البعيد نظرا لطول عمر الورقة، بما يتماشى مع برامج التنمية المستدامة التي تتبانها الدولة من خلال رؤية مصر 2030 .
تتميز النقود البلاستيكية بالمرونة والقوة، والسُمك الأقل، وطول العمر الافتراضي الذي يصل إلى نحو ثلاثة أضعاف عمر الفئة الورقية الحالية المصنوعة من القطن، إلى جانب أنها مقاومة للماء، وأقل في درجة تأثرها بالأتربة، كما أنها صديقة للبيئة وقابلة لإعادة التصنيع، وأكثر مقاومة للتلوث مقارنة بفئات النقد الورقية المتداولة، بالإضافة إلى صعوبة تزييفها وتزويرها.
وشدد البنك المركزي المصري على أن تداول العملة البلاستيكية الجديدة يأتي جنبًا إلى جنب مع نظيرتها الورقية من فئة العشرة جنيهات المتداولة حاليًا .