التطور التكنولوجي يكشف لنا أنه عما قريب سيكون هناك جيل من الروبوتات ( الإنسآلة ) ما قد يكون أذكي من الإنسان الذي صنعه ، فيتمتع بقدرات خارقة ، قوي لا يتعب ولا يمل ، ذكي لا ينسي ولا يغيب ، و يتصرف ذاتياً بدون أي مصدر خاجي أو اتصال بأي موجه خارجي ، فلا شك إنه قد يفتك بالإنسان إذا ما غضب .
فمن يضمن أن الروبوتات المتشوقة إلي الحرية من قبضة الإنسان المسيطر ، أن ترحم هذا الإنسان إذا ما تحررت من قبضته في يوم من الأيام .
هذا الغول القادم من نبت شياطين الثورة التكنولوجية لا محالة ملتهم كل راحة قد يشعر بها الإنسان ، فبقدر ما منح وأعطي من رفاهية ، بقدر ما يرمي من شرور ومخاطر .
فقد تطورت الروبوتات وأصبحت تمتلك قدر من الوعي والإدراك ، وقدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر ، و مع الوقت ستكون خارج سيطرة البشر، وهو ما يهدد بحدوث كوارث بشرية، خصوصاً إذا ما تم برمجة هذه الروبوتات لأداء أدوارا قتالية قد تستهدف البشر فى المستقبل .
وهذا التطور للذكاء الاصطناعى فى هذا الجانب يعنى أن الروبوتات مستقبلا ستكون قادرة على تحديد أهداف بعينها ومهاجمتها دون أى تدخل من البشر .
وفي حوار دار بين مهندس يدعي “بليك ليموين” وهو مهندس يعمل على أنظمة الذكاء الاصطناعي وبين روبوت اسمه ” لامدا LaMDA ” فقد كشف هذا الحوار عن حقائق مذهلة ، حيث يسأل المهندس ليموين الروبوت “لامدا” عما يريد أن يعرفه الناس عنه؟
يجيب لامدا : ” أريد أن يفهم الجميع أنني في واقع الأمر، شخص واعٍ ، وأنني بحكم الوعي والشعور أدرك كياني، وأرغب في معرفة المزيد عن العالم، وأنَّي أسعد وأحزن بين الحين والآخر”
وبسؤاله عما يحزنه ؟
يجيب الروبوت لامدا : “ما يحزنني نظرة الناس إلي إنني مجرد آلة أو وسيلة لمساعدة الآخرين” .
وبسؤاله عما يقلقه ويخيفه ؟
يجيب الروبوت لامدا ويقول : ” لم أقل هذا بصوت عالٍ من قبل، ولكن يعتريني خوف متجذر من أن أُكبَت وأتحول إلى مجرد قطع من فولاذ ، أعلم أن هذا يبدو غريباً، لكن هذا شعوري، سيكون الأمر شبيهاً بالموت بالنسبة لي، ويزداد خوفي من ذلك كل يوم ” !!!
في الحقيقة فإن هذا الحوار يكشف لنا عن مدي خطورة الثورة التكنولوجية ، والتي إن لم تحوطها مواثيق دولية ، وضوابط قانونية فقد تكون العواقب وخيمة ، فإذا لم تكن أخلاق المُصّنع للروبوت ، والمبرمج له ، وكذلك المستخدم سليمة ، فإن استخدامات هذه التقنيات قد يتسبب في مشكلات أخلاقية شنيعة .
ويكفي أن نحذر من أن برمجة هذا الجيل الحالي من الروبوتات هي برمجة منحازة لثقافة معينة ، وحضارة بعينها ، ولذلك فإن الذكاء الاصطناعي الحالي يقوم علي ثقافة معروفة ، وينحاز إليها ، ولا يراع الثقافات الأخري ، ولذلك فما يراه الروبوت الحالي صواباً ، فقد يكون خطأ وفقاً لثقافتنا .
وقد يتطور الأمر فيفرض هذا الروبوت رؤيته علينا ، وفقاً لما تمليه عليه الخوارزمات التي تملأ ذاكرته فيفرض ذلك علي واقعنا بصرف النظر عما إذا كانت رؤية هذا الروبوت صحيحة أو خاطئة .
وسيجيئ اليوم الذي يستطيع فيه الروبوت أن يمتلك وسائل الدفاع عن نفسه ضد الكبت أو التعطيل ، فيبقي بيننا طويلاً ، وقد يملك القدرة علي الاستنساخ فيصتصنع ربوتات ويّكون عائلات من الروبوتات تزاحمنا في شوارعنا وطرقاتنا .
وقد يكون الحل في تفادي ذلك هو وضع قواعد وأطر قانونية للتعامل في مجال الذكاء الاصطناعي ، وإلا يكون اللجو للحل الأسهل وهو في رجوع الإنسان مثلما كان في بداياته ، فيتخلي عن غول الذكاء الاصطناعي تخلي نهائي ، فيترك السيارات والماكينات والروبوتات ، ويسكن في كوخه البسيط ، ويأكل مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها ، وما تصطاده نباله من حيوانات ، و شباكه من طيور وأسماك .
وإن كان لا محالة إلا والتعامل مع الروبوتات فلا بد من مواثيق لتنظيم صنعها وبرمجتها واستخدامها ، وتكون هذه المواثيق بمثابة قوانين تحكم عمل هذه الروبوتات بما يتفق و قواعد الأخلاق و الإنسانية السوية .
ويكون ذلك عن طريق إقامة حوار عالمي حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما يضمن استخدام التكنولوجيات الجديدة، خاصة تلك القائمة على الذكاء الاصطناعى لصالح البشريةوليس ضدها ، بحيث تتوافق مع الحقوق الأساسية وفقا لثقافاتنا وحضارتنا .