ظلت قضية ، السد الإثيوبي، وخاصة عملية، الملء الثاني، الشاغل الأول والأهم لأذهان المصريين خلال الفترة الأخيرة، لما لها من تأثير حتمي على حيواتهم، فهي قضية وجودية، تعني أولا وأخيراـ حياة أو موت.
وقد حرصت أوان مصر على التواصل مع أحد أهم المطلعين على ملف، السد الإثيوبي، وهو الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا في جامعة القاهرةـ والخبير المائي، للحديث بشكل مفصل عن كل ما يدور في أذهان المصريين حول ،السد الإثيوبي، بعد إسدال استار عن فصل جديد من القضية التي دامت لأكثر من 10 أعوام، من التفاوض بين أطراف الصراع مصر والسودان كدول مصب، وإثيوبيا كدولة منبع.، إلى الحوار .
س: لماذا يعد الملء الثاني للسد الإثيوبي فشلا ذريع لأديس أبابا؟
لأنه كان من المقرر أن يتم تعلية الممر الأوسط للسد، ليصل إلى 595 متر، وبذلك سيسمح بتخزين 13 مليار متر مكعب، إلا أنه تم تعلية فقط الممر بـ 5 أمتار فقط، ليكون بارتفاع 573 متر. مما جعل التخزين يقف عند 3 مليار لتر مكعب، وهو ما يعتبر فشلا ذريعا.
س: ما هي أسباب فشل حكومة أديس أبابا في، عملية الملء الثاني، للسد الإثيوبي؟
إن أسباب الفشل كما أعلنها، رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في عدم قدرتهم على استكمال التعبئة كما هو مخطط له، بعد توقف أعمال الخرسانة لاستكمال بناء الممر الأوسط، تتمثل في 3 نقاط وهي:
- أولها الوضع الأمني الداخلي للبلاد، وخاصة الصراع في إقليم تجراي، إذ يتسبب في زيادة الأيام اللازمة لوصول الأسمنت إلى السد، حيث كان يأخذ نقله بالكثير 3 أيام،وبات يأخذ 5 أيام فقط.
- ثانيها، ضعف التمويل الحكومي لأعمال الإنشاء، الذي حال دون الإمداد بالمواد البنائية اللازمة لبناء خرسانة السد.
- ثالثهما، هجوم الفياضانات جراء هبوط الأمطار على العمال أثناء استكمال الجزء الأوسط.
س: هل ترى هذه الأسباب منطقية؟
أرى أنه كلاما للاستهلاك المحلى من آبي أحمد، حيث إن إثيوبيا تعلم بموعد الفيضان، الذي يأتي في يوليو وأغسطس من كل عام، فلماذا لم تقم بالملء كاملا.
كما أن مهندسي وعمال البناء لم يكونوا ليستطيعوا أن يكملوا بناء الجزء الأوسط أكثر من ذلك، وإن أصروا على ذلك لكان جرفهم الفيضان في طريقه، من أعلى السد.
س: هل تضررت مصر من عملية، الملء الثاني، الغير مكتملة؟
لا، مصر لم ولن تتضرر، لأن، الملء الثاني، فقط احتجزت 3 مليار متر مكعب، وليس 13.5 مليار متر مكعب كما روجت حكومة آبي أحمد.
كما أن السد العالي يمثل حصنا أمننا لمصر من أي نقص للمياه، إذ تبلغ كمية المياه المخزنة في بحيرة السد، 70 مليار متر مكعب.
وبالمناسبة، الأمر هنا لا يتعلق بكمية المياه المستخدمة في الملء، بقدر ما هو متعلق بالقرارت الأحادية التي تتخذها ،إثيوبيا، للتعامل مع ملء وتشغيل السد بما يخالف اتفاق إعلان المبادئ والقانون الدولي.
خاصة إن أديس أبابا تخطط لبناء سدود أخري على النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل.
س: كيف يمكن أن تستفيد القاهرة من هذا الفعل الأحادي لـإثوبيا؟
يمكن أن تستغل ،مصر، قرارات، إثيوبيا الأحادية، لتقوية موقفها أمام مجلس الأمن، لكشف الموقف الإثيوبي المتعنت أمام العالم.
لذا فمن الضروري الاستمرار في الضغط على أديس أبابا, لدعم موقف مصر والسوان التفاوضي، للتوقيع على اتفاق عادل وملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبي.
س: لماذا يجب وضع حد للتعنت الإثيوبي؟
على القاهرة تضغط على إثيوبيا، رغم عدم الضرر الحالي، حتى لا تستكمل في تصرفاتها الأحادية خلال عمليات، ملء وتشغيل السد، فيما هو قادم، حيث ستبلغ المياه المقرر تخزينها وقفا لأخر المعلومات من مسئولي اديس أبابا، هي 75 مليار متر مكعب بشكل عام، وهو ما سيلحق بمصر الضرر بكل تأكيد.
وأنه إذا تساهلت مصر والسودان في ،السد الإثيوبي، الحالي، فإن ذلك يفتح الباب أمام دول الحوض النيل لاتخاذ نفس النهج، خاصة مع نية إثيوبيا لبناء 12 سد آخر على روافد نهر النيل.
س: ما هي خطة إثيوبيا لملء وتشغيل السد؟
حاولت إثيوبيا ان تخزن أكبر قدر من الخرسانه عند الممر الأوسط، ، حيث ان اثيوبيا تحاول انت تضع مابين 15 ل 20 متر من الخرسانة, إلا أن الفيضان استمر بالارتفاع حتى يصل الى الخرسانة التي تم وضعها، لترتفع المياه فوق الخرسانه لتمر من فوقه متجهة إلى دول المصب مصر والسودان.
ويتكون ،السد الإثيوبي، من سدين، وإلى الآن لم تصل المياه إلى السد الثاني،حيث إنه تتطلب أن تصل المياة إلى 11 مليار في السد الأول، ومن ثمة يبدأ التخزين في السد الثاني، وبعد ذلك يستمر الزياده بشكل ملحوظ ، ويقوم السد الثاني بحجز الزياده.
س: ما رأيكم في الآراء التى تنادي بتوجيه ضربة عسكرية للسد، وغلق أبواب التفاوض؟
أود أن أنوه إلى أن هناك أقاويل بأن مصر لا يمكن أن تقوم مصر بضرب السد، بعد الملء الثاني، وتكثر الضجيج حول ضرب ،السد الإثيوبي، عسكريا.
حيث يوجد العديد من الأشخاص الذين يريدون أن يشمتوا في مصر، فحرص الإخوان المستمر في ضرب السد، يشير إلى أن ذلك سوف يكون له تاثير على الدوله المصرية لأن الهدف هو تغريق النظام في المشاكل، مهما كانت هذه المشاكل سواء دخول البلاد، أو في خارجها كحرب وغيرها من العوامل الذي تؤثر على الدولة.
وأن ما يهم مصر والسودان الآن هو الوصول لاتفاق ملزم وعادل لملء وتشغيل السد الإثيوبي، فمصر ليست ضد التنمية، لكن بما يحافظ على حقوقها المائية.
س: هل يعيق الملء الثاني توجيه عملية عسكرية للسد؟
أنه من المفترض أن يكون هناك إعداد لتكتيكات عسكرية عدة، في حالة احتواء السد على 5 مليار أو 10 أو 20 أو أكثر، موضحا أنه كلما زادت كمية المياه المحتجزة خلف بوابات السد الإثيوبي، كلما زادت العملية صعوبة، واحتاجت دقة أكثر.
رغم ذلك يمكن أن يتم توجيه ضربة عسكرية إلى سد إثيوبيا، يمكن أن يتم في أى وقت.
فدائما ما تروج إثيوبيا إلى أن السد سيحمي نفسه بعد الملء الأول والثاني، إلا إنه أمام التكنولوجي الحديث في العلوم العسكرية، من الوارد جدا أن توجيه ضربات عسكرية مؤثرة في السد.
س: هل الضربة العسكرية للسد الإثيوبي، يمكن أن تؤثر على السودان؟
لن تستهدف مصر ضرب السد بشكل كامل، بل ستستهدف أحد أجنحة السد، حتى لا تلحق ضرر بالسودان.
إذا قررت مصر ضرب السد لن يكون قبل انتهاء موسم الفيضان الحالي، الذي ينتهي في سبتمبر المقبل، حيث سيكون التعامل مع المياه المتدفقة من السد، نحو السودان ومصر بشكل أيسر.
إذ توجيه ضربة عسكرية للسد إذا ما حدثت في أحدي شهور الملء الثاني، في يوليو أو أغسطس، سيكون مستوى المياه المتدفق أقوى وأعلى، نحو السودان، حيث ستجمع مياه الفيضان، إضافة إلى المياه التي ستخرج من بوابات السد، مما قد يشكل خطرا على الخرطوم.
ثم إنه بالتأكيد إذا تم التخطيط لأي عمل عسكري تجاه، السد الإثيوبي، سيكون هناك تنسيق كامل بين الخرطوم والقاهرة.