انتشرت على مواقع السوشيال ميديا الكثير من الدعوات التي تحذر من الزواج في شهر شوال، نظرا لحدوث مرض الطاعون في وقت سابق الذي ادي لوفاة الكثير من العرائس في ذلك الوقت، مما أدى لقيام البعض بالتشاؤم من الزواج في ذلك الشهر.
الزواج في شهر شوال
ومن جانبها قالت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، أن الزواج في شهر شوال مستحبٌّ شرعًا، ولا كراهة فيه، وسبب قول بعض الناس بكراهة الزواج فيه؛ إما بسبب التشاؤم من لفظ “شوال”، وإما لما ورد من وقوع طَاعون في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس، وكلُّ هذه الأشياء باطلة وغير صحيحة، ولا ينبغي الالتفات إلى شيء منها؛ لما تقرر مِن كونِ الزواج فيه سُنَّة، بالإضافة إلى أن القول بكراهة ذلك تشاؤمًا يُنافي التوكل على الله المأمور به شرعًا.
زواج النبي في شهر شوال
وأكدت الإفتاء، أنه ثبت أن سيدَنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوج في شهر شوال؛ فقد أخرج الإمام مسلم في “صحيحه” عن عروة عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟»، قَالَ: «وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ»، ففهم الفقهاء من ذلك استحبابَ الزواج في شهر شوال.
كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج بأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها في شهر شوال؛ حيث جاء في “مغازي الواقدي” لأبي عبد الله محمد الواقدي (ت: 207هـ)، (1/ 344، ط. دار الأعلمي): [قال عمر بن أبي سلمة: وَاعْتَدّتْ أمي حتى خَلَتْ أربعة أشهر وعشرًا، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل بها في ليالٍ بقين من شوال؛ فكانت أمي تقول: “ما بأس في النكاح في شوال والدخول فيه”؛ قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال، وَأَعْرَسَ بي في شوال] اهـ.
التشاؤم من شهر شوال
وتابعت الإفتاء، بالإضافة إلى ما سبق من التطاير بشهر شوال، ومنع الزواج فيه من باب التشاؤم بما ورد عن الناس في الجاهلية، وما يتردَّد على ألسنة العوام من الناس؛ فإن فيه منافاة للتوكل على الله سبحانه وتعالى، وهو القائل: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123]، وقد قال تعالى أيضًا: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3].
رد الشريعة الإسلامية على التشاؤم
وقد نهت الشريعة الإسلامية عن التشاؤم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، ولَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الفألُ»، قالوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: «كَلِمَةٌ طَّيِّبَةٌ» متفقٌ عليه.
وروى أبو داود في “السنن” من حديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».
أهمية الزواج في شهر شوال
ولذا، فالزواج في شهر شوال مع كونه عملًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبما تحبه وترغب فيه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فإنه يدل على كمال الاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى، وتسليم الأمور إليه، والاطمئنان إلى مراده وقضائه جلَّ شأنه