كتبت – سماح عثمان
” ياعين إن بعد الحبيب وداره ونأت مرابعه وشط مزاره ..فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل إن لم تريه فهذه آثاره” كانت هذه الكلمات مقدمة كتاب لمؤلفته الدكتورة سعاد ماهر أول عميدة لكلية الآثار جامعة القاهرة، محور موضوع الكتاب عن أشياء استخدمها النبي محمد (ص) ولامست جسده وكانت شاهدة على وقائع تاريخية، توارثتها الأجيال وتشرف بها كل من اقتناها وكانت أعظم هدية، استقرت في مصر في القرن العاشر الهجري حتى استقرت في مسجد الحسين ومنذ ذلك الحين لم يراها أحد .
الدكتورة سعاد ماهر صاحبة كتاب “مخلفات الرسول في مسجد الحسين” قالت أن وزارة الأوقاف وكلت لها مهمة الكتابة عن المقتنيات النبوية الموجودة بالقاهرة وعن صحة نسبها وعن المصحفين المنسوبين للخليفيتين عثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب.
وعن صحة تبعيتهم للنبي “صلى الله عليه وسلم” تستند الباحثة إلى حديث لأنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي “ص” طلب أبا طلحة الأنصاري فأعطاه شعره وقال له أقسمه بين الناس .
ولكن كيف دخلت مصر ؟
أجمع المؤرخون على أنها كانت عند بني إبراهيم بينبع، وقد تلقوها بالميراث عن آبائهم وأجدادهم الأولين في أجيال متعاقبة تمتد إلى زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وظلت تلك الآثار لدي بني إبراهيم وفي عقبهم حتى اشتراها منهم الوزير المصري الصاحب تاج الدين ابن حنا، وكان ذلك في القرن السابع الهجري في عهد السلطان الظاهر بيبرس، وقام ببناء رباط لها على شاطئ النيل بمصر القديمة عرف “برباط الآثار” أو “أثر النبي”، وجعل له وقفاً وعين شيخاً للحفاظ عليهاوصيانتها.
رحلة المقتنيات النبوية داخل القاهرة
وبمرور الزمن تصدع هذا الرباط وخشي على الآثار النبوية من السرقة أو الأذي، فبنى لها السلطان قنصوه الغوري في أوائل القرن العاشر الهجري قبة عظيمة تجاه مدرسته بشارع الغورية الآن، لتظل محفوظة بها أكثر من ثلاثة قرون، إلى أن تم نقلها إلى مسجد السيدة زينب رضوان الله عليها، ثم نقلت بعد ذلك إلى خزانة الأمتعة بالقلعة، وبعد فترة قصيرة نقلت منها إلى ديوان الأوقاف، ثم إلى سراي عابدين حيث أمر الخديو توفيق بحفظها في قطع الحرير الاخضر المطرزة بأسلاك من فضة مذهبة، وتم نقلها إلى مسجد الإمام الحسين في موكب عظيم عام 1888 سار فيه العلماء والوزراء، وفي عام 1893 في عهد الخديوي عباس حلمي تم بناء الحجرة التي أنشئت خصيصاً لهذه الاثار وهي الغرفة الحالية، وتقع وراء الحائط الشرقي للمسجد الحسيني والحائط الجنوبي لقبة المسجد.
وتشتمل المقتنيات النبوية بمسجد الحسين على سيف الرسول صلى الله عليه وسلم ويقال إن اسمه “سيف العضب”، وجزء من قميصه، بالإضافة إلى بقايا عصاه التي يقال إنها العصا التي دخل بها مكة وكان يشير بها إلى الأصنام فتتحطم، وكذلك المكحلة والمرود التي كان يكتحل بهما، وهناك أيضا مصحف يعتقد أنه لسيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه، وأربعة شعريات من شعر رأس ولحية الرسول.
سيف النبي
غرفة الآثار النبوية بمسجد الإمام الحسين تحتوى على سيف الرسول صلى الله عليه وسلم ويقال إن اسمه “سيف العضب” والذى أهدى إلى الرسول فى معركة الصحابى سعد بن عبادة، فأعطى الرسول هذا السيف لسماك بن خرشة (أبودجانة) ليعرض قوة وصلابة ومتانة وأناقة الإسـلام والمسلمين أمام أعداء الله ورسوله ومعنى العضب يعنى الحاد.
قميص النبي
ثلاث قطع كبيرة بيضاء اللون وخالية من الزخارف الملونة وكذلك الزخارف النسيجية إذ أنها يدوية بسيطة وعن الخامات المستخدمة فقطعتان من القطن أما القطعة الثالثة فهى من الكتان غير المبيض .
عصا الرسول
مصنوع من خشب الشوحط وهو من خشب الأرز الذي ينمو على جبال بلاد الشام والقطعة الأخرى يبدو عليها القدم الشديد مغطى بطبقة من الراتنج لحمايته من التلف والتآكل والتسوس
مكحلة النبي
مكحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومروده الذي مس جفونه هي أيضاً ضمن محتويات الغرفة، فقد كان الحبيب يكتحل منها عند النوم ثلاثاً في كل عين، لم يكن اكتحاله صلَّى الله عليه وآله وسلم للزينة فهو ليس بحاجة إليها، ولكنها من قبيل التداوي للحفاظ على العين، فعين الحبيب كحيلة واسعة .. شديدة سواد الحدقة .. وشديدة البياض من حولها مشربة بحمرة خفيفة.
مصاحف الصحابة
آخر محتويات الحجرة مصحفان، الأول ينسب إلى أمير المؤمنين الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، والآخر ينسب لسيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، وتشكك د.سعاد ماهر في صحة نسبهما إلى الإمام على وسيدنا عثمان قائلة: المصحف الأول مكتوب بمداد يميل إلى السواد، أما خط المصحف فهو كوفى بسيط نقطت حروفه بنقط حمراء الشكل وأخرى سوداء للإعجام، بما يقطع بأنه لم يكتب قبل عصر الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك عندما قام نصر بن عاصم بنقط الحروف.
أثري لـ”أوان مصر”: أطالب بعرضها للسياح والباحثين
وقال سامح الزهار المؤرخ وخبير التراث، أن بالنسبة للمقتنيات النبوية الموجودة في مسجد الحسين قبل أي شيئ أنا معترض على وجودها في رحاب الحسين وهذا لايقلل من أهمية المسجد ومن قيمته التاريخية والتراثية، ولكن أرى أن الآثار مكانها إما في المخازن لو كانت تحت الترميم أو في المتاحف وهو مايؤمنها أكثر ويتيحها للزائرين ويجذب السائحين وأيضا متاحة للدارسين.
وأضاف “الزهار” في تصريح خاص لـ”أوان مصر”، نحن لدينا متحف يضم الآثار الإسلامية يمكن ضم المقتنيات النبوية في قسم خاص داخل المتحف، أرى تعنتا من قبل وزارتي الآثار والأوقاف في عدم عرض الآثار النبوية وحفظها في مسجد الحسين.
وأشار “الزهار”، أن أغلب الناس لاتعلم أننا نمتلك مقتنيات من الآثار النبوية، نظرا لعدم عرضها للناس بالإضافة إلى عدم وجود أفلام تتناولها، تحت أي بند فلابد أن يتوقف هذه الإهمال .
مفاجأة.. مكتبة مسجد الحسين بها كتب ومخطوطات نادرة
وكشف “الزهار” مفاجأة عن احتواء مكتبة الحسين على كتب نادرة ومخطوطات لاتوجد في العالم الإسلامي كله وهذا لايصح لأنها غير متاحة للإطلاع ، حتى المتخصصين والدارسين غير مسموح لهم بمطالعتها وبالتالي يجب تسليم كل الكتب والمخطوطات لوزارة الثقافة وفي دار الكتب والوثائق القومية .
وأكد خبير التراث، أن إتاحة الكتب للجمهور ومقتنيات النبي للعرض سينشط من السياحة الدينية وإثراء الدراسات في التاريخ الإسلامي ويكون لدينا نشر علمى ثري بالمعلومات بالمعاهد الأجنبية المهتمة بالتاريخ الإسلامي، فهذه الآثار النبوية ملك للإنسانية كلها .
واختتم الزهار، أن الاشكالية تقع تحت سيطرة وزارة الأوقاف فيما أرى وجود صحوة في وزارة الآثار وقياداتها وأتمنى أن يحدث تعاون بين الوزارتين بتسليم كل هذا التراث ليتم حفظه وصون التراث وعرضه والاستفادة به ماديا وسياحيا وعلميا.