كان والدها فلاح يعمل في المزرعة ، وقد تحمل تربية ابنته بعد أن توفيت والدتها ، و بعد أن كبرت وأصبحت فتاة شابة بعمر 19 عام قرر والدها أن يرسلها للعمل في منزل السيد بيت ، و بالرغم من أنها لم كانت تجيد القراءة و الكتابة إلا أن تلك الفتاة كانت ذكية واستطاعت التأقلم مع عائلة بيت.
قصة آن جيفريز
كانت آن تعمل بالمنزل والأمور تسير على ما يرام ، حتى تعرضت لحادثة غريبة في عام1645 ، كانت آن تقوم بحياكة الصوف في حديقة المنزل ، شعرت أن هناك من يراقبها ولكنها تجاهلت الأمر
وبعد برهة من الزمن سمعت حركة تأتي من الحشائش و فجأة خرج ستة من الأقزام من بين الحشائش و قفزوا من فوق السياج وأحاطوا بها ، كانوا قصار القامة و يلبسون ثياب خضراء اللون وأعينهم كانت تشع بضوء غريب ، بعدها تقدم زعيمهم الذي كانت تميزه القبعة التي تعتليها ريشة حمراء
وتكلم معها بكلام ودي أزال خوفها منهم ، و عندما مدت يدها لكي تصافحه قفز القزم على يدها وتسلق حتى وصل إلى عنقها ، و هجم عليها بقية الأقزام و قفزوا عليها ، أثناء ذلك قام أحد الأقزام بوضع يده على عينيها ، وحل الظلام و لم ترى شيء
ثم شعرت أنها ترتفع في السماء و سط صوت ضجيج عالي ، و بعد لحظات شعرت أنها هبطت على الأرض ثم سمعت صوت أحد الأقزام يصرخ : دمعة دمعة
تعرف على خطف آن جيفريز
حينها فتحت عينيها لتجد نفسها في أرض الأحلام ، كانت الأرض خضراء على مد البصر و الأشجار مزينة بالأزهار الغريبة و العصافير ذات الألوان الزاهية تغرد بأعذب الألحان ، و أنهار تسبح فيها أسماك ذات ألوان ذهبية و فضية
وكان الناس يلبسون ملابس مزركشة زاهية الألوان ويلعبون و يرقصون على أنغام الموسيقى ، فرحت آن بما رأت خصوصا عندما وجدت نفسها ترتدي ثيابا تشبه تلك الثياب وشعرها كان مصفف وعليه الكثير من المجوهرات
وأثناء تجولها وجدت الأقزام الستة وتجولت بالمكان مع زعيمهم لبعض الوقت ، ثم بشكل مفاجئ اهتزت الأرض و تعرضت آن لهجوم من أقزام أشرار حاولوا الاعتداء عليها وقد حاول زعيم الأقزام الدفاع عنها حتى أُصيب
بعدها قام أحد الأقزام بوضع يده على عينيها وحل الظلام من جديد وشعرت بالضجيج و الاهتزاز و عندما هدأت الأصوات وجدت نفسها في حديقة المنزل من جديد ، لكنها كانت مجهدة و لم تستطع الحراك
شعرت السيدة بيت بغيابها ذهبت إلى الحديقة فوجدتها ملقاه على أرضية الحديقة و قد أصابتها التشنجات العنيفة ، وبسرعة أمرت بقية الخادمات بنقلها إلى غرفتها ، و سارعت السيدة بيت بطلب الطبيب ، و لكن الطبيب عجز عن تشخيص حالتها و اكتفى بالقول : عليكم بعدم أزعجاها حتى لا تسوء حالتها .
لم تستطع آن الحركة وظلت طريحة الفراش لعدة اشهر ، و مع موسم الحصاد استطاعت الوقوف على قدميها و لأول مرة منذ تعرضها لتلك الحادثة الغريبة ، فرحت السيدة بيت برؤيتها تسير وأخذتها معها إلى الحديقة رغم رفض آن للتنزه هناك
ثم ذهبت السيدة بيت إلى القرية المجاورة للإنجاز بعض الأعمال ، وعند عودتها في المساء تعرضت لحادث عنيف تسبب بجرح بالغ في ساقها الأيمن وقام خادمها بنقلها على ظهر الخيل إلى منزلها.
أرسلت بطلب الطبيب و لكن آن أصرت أن ترى ساق سيدتها المصابة ، أمسكت بساق سيدتها ووضعتها على حضنها وبحركة سريعة قامت بمسحها و فجأة حصلت المعجزة ، لقد شفيت ساق السيدة واختفى الألم ، ثم أسرعت آن إلى غرفتها
ولكن السيدة بيت لحقته لتعلم منها سر قدرتها العجيبة على الشفاء ، حاولت آن مراوغتها لكنها أصرت أن تعرف السر ، أخبرتها آن بسرها و أن الأقزام كانوا السبب في إصابتها لأنها أخرجتها من الغرفة رغما عنها ، و اشترطت عليها عدم إخبار أحد عن علاقتها بالأقزام الستة وقدرتها على شفاء المرض حتى لا تتعرض للمتاعب والاتهام بالسحر و الشعوذة
ولكن سرعان ما انتشر الخبر في أرجاء مقاطعة كورنوال وتوافد العشرات من المرضى إلى منزل السيد بيت لطلب العلاج من الفتاة المعجزة آن ، التي لم تمانع في علاجهم وقامت بذلك من دون مقابل
كانت تظهر بعض الأمور الغريبة كأخبارها بأسماء المرضى القادمين قبل أن يصلوا إليها ومعرفتها بشكواهم قبل أن يخبروها بذلك ، و أمتنعت آن عن الطعام و الشراب لمدة 6 أشهر وأدعت أن أصدقاءها الأقزام قد تكفلوا بإطعامها من خبزهم الخاص و هو خبز طيب و ألذ من العسل ، هكذا وصفه موسى ابن السيدة بيت الذي كان طفلا في ذلك الوقت وحصل منها على قطعة من ذلك الخبز
ولكن الأمور لم تسير بشكل جيد ، فأخبار آن وصلت إلى سلطات المقاطعة وقد زار منزلها عدد من القساوسة و القضاة للتأكد من أنها ليست ساحرة ولا تتعامل مع الشياطين ، وأثناء المقابلة طلبوا منها أن تقرأ عليهم بعض النصوص من الكتاب المقدس حتى يتأكدوا من أنها ليست ساحرة
بالفعل قامت آن بقراءة ما طلب منها حتى أطمأن الحضور أنها ليست بساحرة و قبل انصرافهم حذروها من التعامل مع الشياطين وأنها سوف تغضب الرب
وفي إحدى الليالي أخبرت آن سيدتها أن الأقزام يدعونها إلى الغرفة ونصحتها سيدتها بعدم الذهاب ولكنها ذهبت إليهم بعد ندائهم لها للمرة الثالثة ، دخلت آن الغرفة و هي تحمل الكتاب المقدس بيدها و قرأت بعض النصوص التي نصحها القساوسة بقراءتها ، ثم خرجت من الغرفة و أخبرت سيدتها أن تلك الأقزام لم تنزعج من الكتاب المقدس مما يعني أنها أقزام طيبة و ليست شريرة .
إلا أن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد فأحد القضاة بالمدينة يدعى جان تريجيجل المشهور بقسوته و ظلمه قام بالإبلاغ عن آن إلى السلطات العليا ، والتي أصدرت أمر باعتقالها ونقلها للمحاكمة في مدينة بودمين و كان ذلك عام 1646م
هناك تعرضت آن للتحقيق القاسي وتم إحضار السيدة بيت وابنها الصغير موسى للتأكد من أنها فعلا لم تأكل الطعام لمدة 6 شهور ، بعدها سجنت آن في منزل عمدة المدينة تحت حراسة مشددة ، ومنع عنها الطعام والشراب
كانت آن محظوظة جدا ففي ذلك الوقت خمدت حماسة السلطات تجاه محاكمة الساحرات ، ومع تعاطف الناس معها تم الأفراج عنها ، و بالرغم من المدة الطويلة التي قضتها بدون طعام فإن حالتها الجسدية كانت جيدة ، وهذا يدل أن أصدقاءها الأقزام قد أمدوها بالطعام خلال فترة احتجازها
وخوفا عليها من المشاكل قررت السيدة بيت إرسالها للعيش عند أختها أرملة السيد فرانكيس توم في مدينة بادستو شمال كورنوال ، وهناك عاشت آن و مارست علاج الناس على نحو ضيق وبعدها انتقلت للعيش مع أخيها حيث تزوجت من وليام واردن ، وعاشت في مدينة ديفون المحاذية لمقاطعة كورنوال
وفي عام 1693 أرسل الشاب موسى بيت صديقه همفري مارتين في زيارة للعجوز آن جيفريز لعله يأخذ منها معلومات ، لكنها رفضت التطرق إلى أمور الأقزام والعلاج ، و أخبرته أن تلك الأمور تسببت لها بالمشاكل فيما مضى و أنها غير مستعدة لتحمل المزيد من المشاكل.
عاشت آن حياة هادئة حتى ماتت عام 1698م و دفن سرها معها.