كتبت:شيذان عامر
في صباح اليوم الثلاثاء صرحت لجنة الطوارئ الحكومية في إثيوبيا، أن “قوات الدفاع الوطني نفذت عمليات جوية دقيقة وجراحية خارج ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي”، وسط صراع مستمر منذ قرابة أسبوعين.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، قال إن “العملية العسكرية في إقليم تيغراي لدعم سيادة القانون تسير بشكل جيد”، لافتا إلى أن بلاده “قادرة على تحقيق أهداف عمليتها العسكرية في تيغراي بنفسها”.
يأتي هذا بعد ساعات من إعلان قائد قوات تيغراي دبرصيون جبراميكائيل أن قواته تقاتل قوات من إريتريا المجاورة بالإضافة إلى القوات الإثيوبية، مؤكدا أن قواته “قصفت عاصمة إريتريا ومطار العاصمة أسمرة مساء السبت الماضي”
وبهذا الصدد قال الدكتور أيمن شبانة مدير مركز البحوث الأفريقية كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة في تصريح لأوان مصر إن “إثيوبيا تشهد في الوقت الراهن صراعا داميا ما بين الحكومة الإثيوبية وما بين مليشيات إقليم تيغراي الواقع في شمال إثيوبيا”
وأضاف “أن هذا الصراع جاء نتيجة ل صدام وخلاف على بعض المسائل المتعلقة بإدارة الحياة السياسية بإثيوبيا؛ أبي أحمد يقول إنه ينتهج نهجا إصلاحيا يقوم الفساد ويحاول استبدال رجال الحرس القديم بقيادات جديدة وإقامة حزب جديد وهو حزب الرخاء الذي يقوم على أنقاد الجبهه الديموقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا الحاكمة منذ عام 1991 لكن مع استبعاد جماعة أو جبهة تحرير تيغراي حيث كان هذا هو الصدام الأول بين أبي أحمد وجبهة تحرير تيغراي هي التي كانت تتولى السلطة في البلاد من خلال ملس زيناوي منذ 1991 أما الصدام الثاني جاء بعد تأجيل الإنتخابات التي كان من المتوقع عقدها في أغسطس 2020 لكن مع تأجيل الإنتخابات لأجل غير مسمي بسبب فيروس كرونا الأمر الأخر هو أن حكام إقليم تيغراي اتجهو إلى إجراء إنتخابات هذه الإنتخابات لم يعترف بها من جانب الحكومة عند إذا وقع الصدام ما بين الجانبين واتخذ شكل التراشق السياسي وتمت الإشتباكات المسلحة والتي يتمنى فيها أبي أحمد أن تكون حربا قصيرة سريعة تأتي ثمارها في أقرب فرصة ويشترط وقف إطلاق النار تسليم أسلحة جماعة تيغراي ونزع السلاح منها الأمر الآخر هو القبض على قيادات من تيغراي وتقديمهم إلى المحاكمة وإعادة الشرعية في الإقليم فيما يصر حاكم تيغراي على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية تدير الإنتخابات في إثيوبيا وهذا ما رفضة أبي أحمد قطعيا”
الوساطة لحل الأزمة:
حاولت العديد من الجهات الوساطة لتهدئة الأوضاع في إثيوبيا كان أولها وساطة الاتحاد الأفريقي والذي بدورة لا يملك سوى الوساطة الدولية والتي حتى الآن اقتصرت على مجرد دعوة أطراف الصراع إلى ضبط النفس وترك السلاح
كما حاول رئيس وزراء السودان أيضا الوساطة والتي رفضت من جانب حاكم تيغراي
وتتوسط الآن أوغندا من خلال الرئيس موسفني والذي عقد اجتماع مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي وحاكم إقليم تيغراي كل على حدة كنوع من التفاوض غير المباشر من أجل الوصول إلى التسوية السلمية.
إلى أين ستصل أزمة تيغراي:
يقول الدكتور شبانة : ” إن هذا النزاع من المتوقع أن يتوسع أكثر لأنه طال إقليم أمهرة الذي يقع جنوب إقليم تيغراي وطال أيضا العاصمة الإريترية أسمرة حيث وجهة جماعة تيغراي صواريخها إلى جانبين إلى أمهرة وإلى عاصمة إريتريا أسمرة وربما يتسع الصراع إذا ما تحركت مليشيات مسلحة أخري تابعة لجبهة تحرير أوغادين أو الإقليم الصومالي الإثيوبي وإذا ما حدثت تحركات في إقليم أمهرة هذه التحركات ليست منحالفة مع تيغراي ولكنها تحركات موازية بمعنى أن القوميات في إثيوبيا تنتفض هذا الصراع الذي من شأنه التأثير على السودان لأن السودان يستقبل موجات من اللاجئيين والتي تقدر ب 24 ألف لاجئ ومن المنتظر ازدياد هذه الموجات مع اشتداد الصراع خاصة وأن السودان أخلاقيا لا تستطيع أن تمنع هذه الموجات وأيضا ربما تتأثر الصومال أمنيا لأن إثيوبيا سحبت حوالي ثلاتة آلاف جندي من قواتها العاملة ضمن بعثة أميسوم وهي بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال إثيوبيا يشكل قدرا مهما من هذه البعثة وبالتالي عند سحب ثلاثة آلاف جندي إثيوبي من المنتظر أن تتأثر الأوضاع في الصومال وأيضا من المنتظر أن تتأثر استثمارات الخليج العربي في إثيوبيا خاصة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر”.
هل للإمارات علاقة بما يحدث في إثيوبيا؟
وأضاف شبانة عند سؤاله عن موقف الإمارات وما يثار من شائعات حول دعمها لإقليم تيغراي ” حتى الآن لا توجد شواهد على وجود دليل على دعم الإمارات لإقليم تيغراي وأن هذه مجرد دعايا تقف وراءها قطر للوقيعة ما بين الإمارات وإثيوبيا لكن في الحقيقة الإمارات لا يوجد لديها دافع لدعم إقليم تيغراي واتوقع أن يستمر الصراع لفترة لأن كل طرف يصر على تحقيق مكتسبات يستطيع الاستفادة منها على مائدة التفاوض بالتالي فمن غير المتوقع أن تكون النهاية وشيكة لهذا ااصراع
واخشى أن يتحول إقليم تيغراي إلى ما يشبهه دارفور جديدة في القرن الأفريقي لأن هذا الأمر سوف يقوض الاستقرار سواء على القرن الأفريقي أو في حوض النيل أيضا”.
ما تأثير كل هذا على قضية سد النهضة:
وأوضح أنه ربما يكون لما يحدث في إثيوبيا تداعيات وخيمة على مسار التفاوض لأزمة سد النهضة لأن إثيوبيا دائما وأبدا تتذرع بأوضاعها الداخلية لتأجيل هذه المفاوضات
فالمشكلة ليست في التأجيل في حد ذاته ولكن أيضا في الانشاءات التي لازالت مستمرة على الأرض بالنسبة لمشروع سد النهضة وبالتالي استمرار الانشاءات مع توقف المفاوضات الأمر الذي يصب في صالح إثيوبيا والذي يؤثر على سقف المطالب المصرية ويهدد الأمن المائي المصري
فهو صراع مسلح له أبعاد ليس فقط على الصعيد الداخلي بل أيضا بأبعاد دولية خارجية واسعة المدى.