حقيقة الواقع الليبي عقب سقوط نظام القذافي كانت المخرجات غير واضحة فكان سقف الطموح الشعبي كبير جدا حيث الطموح و البحث عن دولة المؤسسات والقانون دولة التداول السلمي على السلطة إلا أن هذا الطموح اصطدم بواقع الدولة العميقة فلعبت الصراعات على السلطة تحت جناح الحرب الأهلية في شرق البلاد وغربها وجنوبها، فكانت المواجهات العسكرية والاقتتال هي العنوان من الأبرز 2012حتي 2020 في غياب واضح للمجتمع الدولي ودول الجوار والأمم المتحدة.
وهنا لابد من الإشارة إلى حقيقة أن بعد انسحاب حلف الناتو وإتمام مهامه الاستراتيجية في إسقاط النظام ظهرت قوي أقليمية ودولية هي اللاعب الرئيسي والمباشر حيث خلقت تحالفات في الداخل الليبي وانتجت مجاميع مسلحة خاصة في ظل وجود أكثر من ثلاثون مليون قطعة سلاح في الداخل الليبي كل ذلك كان عامل مساعد في انهيار المحاولات لبناء اي جسم سياسي بعد عملية التسليم بين المجلس الوطني الانتقالي والمؤتمر الوطني في 2012.
وجاءت مرحلة تدخل الإسلام السياسي والكتل التابعه له وعدم التسليم بنتيجة الانتخابات وفوز حزب القوى الوطنية بقيادة المرحوم محمود جبريل بعد هذا الجدل في غرب البلاد كانت قد دخلت شرق البلاد في مواجهات وحروب واغتيالات لقيادات عسكرية ونخب مدنية وسيطرت الإسلام السياسي واجنحتة العسكريةعلي كامل التراب الليبي حيث شهدت البلاد أحداث غير مسبوقة حتى تكونت في الشرق الليبي ما عرف بالجناح العسكري لعملية الكرامة بقيادة المشير خليفة حفتر وتبني هذا الجناح محاربة المجموعات المسلحة التابعة لجماعة الإخوان في بنغازي خاصة تلك التي قدمت البيعه لأمير الدولة الإسلامية داعش.
ومن هنا تغيرت الحرب وأصبحت أكثر فتكا وتعرضت بنغازي ودرنة للدمار وتعرض المدنيين للتهديد المباشر في الممتلكات والأرواح حيث تشير الإحصائيات إلي اكثر من خمسة عشر ألف قتيل وعشرات الالف من الجرحى والمفقودين ومئات آلاف من المهجرين في أزمة إنسانية لم تشهدها ليبيا بعد الاستقلال في خمسينات القرن الماضي.
إن هذا الصراع الإقليمي الدولي حول ليبيا إلى ساحة صراع ََمفتوحة أن هذا التغيير اعطي لقوات الكرامة شرعية وان تصبح جزء هام في المعادلة الليبية وبذلك أصبحت أمر واقع إلى أن اقنع العالم بأن هناك حرب على الإرهاب وان القوات المسلحة الليبية تحارب الإرهاب الدولي في ليبيا، مع العلم ان من تم تصنيفهم بالإرهابيين هم جزء من جماعة عملت تحت حلف الناتو ابان إسقاط النظام كل ذلك جعل الجناح العسكري لقوات المشير حفتر تمتلك القدرة والقوة والسيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضي الليبية وأصبح التحالف الإماراتي المصري داعم لجناح الكرامة.
في تلك الأثناء ظهرت داعش في سرت وتمكنت قوات البنيان المرصوص من طردها والسيطرة على وسط ليبيا وغربها بقوات مدعومة من تركيا وقطر وبذلك تحدد نوع أطراف الصراع الليبي جناح الكرامة المدعوم من مصر والإمارات وجناح حكومة الصخيرات التي تم التوافق عليها بدعم تركي قطري، واشتد هذا الصراع حتى التوسع الذي قاده حفتر نحو العاصمة للسيطرة عليها في 4.4.2019.
كل ذلك زاد من حجم المعاناة والتدمير للعاصمة وضواحيها واصبح اللاعب الإقليمي هوالمسيطر على المشهد وخاصة التركي القطري الاماراتي المصري واضح وعلني ودخول عنصر المرتزقة والطيران المسير على خط الحرب من فاقنر الي المرتزقة السوريين وفق تفاهمات عقدت بين أطراف الصراع و القوى الإقليمية والدولية الداعمة لهذه الحرب.
حتى تراجعت عملية الكرامة بعد سنه من الحرب على طرابلس راح ضحيتها أكثر من خمس الاف قتيل وعشرات الجرحى والمصابين والمفقودين وفجأة انتهت الحرب ودخول ليبيا في مرحلة جديدة تم تحت رعاية الأمم المتحدة إنتاج عملية سياسية من برلين إلى جنيف إلى تونس لإنها المراحل الانتقالية بمرحلة حكم لمدة سنة مع الاتفاق على انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال سنة.
وبذلك فإن الحراك السياسي بقيادة الأمم المتحدة أرى فيه خطوة في الاتجاه الصحيح إذا تم الاتي:-
اولا:_ الحوار المباشر فوق الأرض الليبية برعاية أقليمية دولية أممية
ثانيا:_نمودج لجنة 5+5 تمثل نقلة نوعية وتقدم نحو الاستقرار خاصة بعد اجتماع سرت
ثالثا:_ حوار تونس يجب أن يعتمد على اختيار مجلس رئاسى وحكومة وحدة وطنية من خارج الأسماء الموجودة على الساحة باعتبارها أسماء استهلكت وليس عندها ما تقدم في المرحلة الانتقالية المتفق عليها لمدة سنة
رابعا:_ نحن بحاجة لاقحام التكنقراط من أجل التنمية والاستقرار في ليبيا
خامسا :_ أهمية تنفيد خارطة للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية تكون قاعدة لتحرك بشكل يساعد على تجاوز الحروب الأهلية
سادساً :_الدستور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يجب أن تضبط بوقت وفق اتفاق ملزم بانتهاء المرحلة الانتقالية القادمة والاستفادة من المراحل السابقة خاصة فخ الصخيرات
سابعا:_على مجلس الأمن إخراج ليبيا من تحت الفصل السابع ومساعدة الليبيين في تجاوز المرحلة الحالية وأصدار قرارات ملزمة للجميع وخاصة تلك الدول الداعمة للحرب والإرهاب في ليبيا
ثامنا :_ على الحكومة القادمة إقامة تعاون مع دول الجوار العربي الاوربي من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة والإرهاب خاصة بعد الأحداث المأساوية التي تعرضت لها أوربا ودول الجوار خلال العشرية الأخيرة.
بقلم د. رجب ضو المريض، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني الوليد الليبية