قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، خبير الاقتصاد، ومحلل أسواق المال، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي تأتي قرارات البنك المركزي المصري اليوم بعد أن نجح في تحقيق ما تم التخطيط له خلال الأيام الماضية خاصةً بعد صفقة رأس الحكمة من خلال توفير سيولة دولارية لديه في الوقت الحالي.
وأضاف شوقي في تصريح خاص لـ “أوان مصر” أن هذه الحصيلة ستعمل على تحقيق توازن نسبي لسعر الصرف والتي استطاع من خلالها تخفيض حجم الفجوة بين سعر الدولار الرسمي في البنوك والسعر في السوق الموازي، وذلك على عكس ما حدث خلال الفترة الماضية.
وتابع خبير الاقتصاد، وتأتي قرارات اليوم من أجل القضاء على أزمة الدولار حيث أعلن البنك المركزي أنه اتجه للتعويم الحر للجنيه أي تحرير سعر صرف العملة بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديد سعر الصرف، ليحدد العرض والطلب على العملة سعر الصرف بعكس ما كان سابقًا التعويم المدار حيث كان يتدخل البنك المركزي بما له من صلاحيات في ضبط التعاملات صعودًا وهبوطًا في حدود 10%.
واكمل، محلل أسواق المال، وإذا استطاعت البنوك الآن تدبير وتلبية احتياجات عملاءها من العملة الأجنبية وتوفيرها للجميع فإنه سيتم تقويض دور السوق الموازية أو السيطرة عليها إلى حد كبير، فالسوق الموازية تنشط عند عجز البنوك على تدبير احتياجاتها عملاءها من النقد الأجنبي، كما أنه تم الإعلان عن صدور توجيهات رئاسية بالإفراج الجمركي عن كافة البضائع الموجودة في الموانيء وسيؤدي ذلك بالتبعية إلى الاستقرار في أسعار السلع والخدمات المختلفة وفي حالة التنفيذ ستستقر الأسواق بشكل كبير.
وأشار ومع مرور الوقت سيحدث انخفاض تدريجي للأسعار مرة أخرى، كما أن قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة دفعة واحدة بـ 6% يأتي الهدف منها في محاولة السيطرة على ارتفاع معدلات التضخم التي ستعقب قرار التعويم حيث يرجع السبب في ارتفاع نسبة معدلات التضخم في مصر إلى عدم الاستقرار في أسعار الصرف مما يسبب ارتفاع في أسعار السلع المستوردة هذا من جانب ومن جانب آخر ارتفاع مكونات الإنتاج والتي في الغالب يتم استيرادها من الخارج في ظل عدم توافر العملة الأجنبية في البنوك، كما سيساهم رفع سعر الفائدة في اجتذاب الأفراد للعودة على إيداع أموالهم لدى البنوك أملًا في الحصول على معدل فائدة مرتفع لمحاولة تعويض خفض قيمة الجنيه، وحتى تستطيع البنوك محاولة استخدام هذه الأموال واستثمارها في مشاريع ذات جدوى اقتصادية وحتى يتم النهوض بالاقتصاد مرة أخرى.
ونوه كما أنه من ضمن فوائد قرار التعويم اليوم هو تعزيز تحويلات المصريين العاملين بالخارج خاصةً بعد انخفاضها خلال الفترة الماضية حيث أدت تقلبات سعر الصرف بكثير من المصريين العاملين بالخارج، خصوصًا أن قطاعًا عريضًا منهم من الحرفيين الذين يعولون أسرًا كبيرةً إلى تحويل النفقات الضرورية لأسرهم والاحتفاظ بالدولار لأطول فترة ممكنة، أو بيعه في سوق موازية للدولار نشطت في الدول التي توجد بها تلك الجاليات.
واستطرد كما أن الفارق الكبير بين السعرين الرسمي والموازي للعملات الأجنبية، دفعت كثيرين بالفعل إلى تفضيل خيار التحويل بعيدًا عن البنوك للاستفادة بتلك الفوارق الكبيرة بين السعرين، حيث تتم عملية التداول والتحويل بطرق غير مرصودة لدى أجهزة الدولة الرسمية، ولا تدخل تلك التحويلات إلى الأوعية المصرفية، ومن خلال قرار المركزي اليوم سوف تستقر سعر الصرف « مما سيساهم في استعادة تحويلات المصريين بالخارج لمستوياتها المعتادة»، ومن إيجابيات قرار المركزي بالتعويم اليوم سوف يعزز من زيادة الصادرات وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري أو على الأقل خفض هذا العجز، وبالتالي تحفيز الإنتاج الوطني والحد من البطالة حيث أنه من المفترض اقتصاديًا أن تخفيض قيمة العملة سيؤدي إلى خفض أسعار السلع التي تم تصنيعها محليًا وتصبح رخيصة السعر بالنسبة للأجانب، وبالتالي سوف تعزز من الميزة التنافسية للمنتجات الوطنية، وبالتالي يزداد حجم التصدير إلى الخارج.
وفي الوقت ذاته تابع، فإن تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار سوف يؤدي إلى جعل أسعار السلع المستوردة أغلى بالنسبة للمصريين، مما يُفترض أنه سيحد من قدرتهم على شراء تلك السلع القادمة من الخارج ويشجع الإقبال على المنتج المحلي. وإذا حدث ذلك فإن نتيجته سوف يؤدي إلى تراجع حجم الواردات وزيادة حجم الصادرات وتقويض حجم العجز التجاري، وبالتالي نقص الفاتورة المطلوبة بالعملات الأجنبية.
كما ستؤدي قرارات البنك المركزي إلى تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وجذب شرائح كبيرة وجديدة من السائحين خلال الفترة القادمة نتيجة خفض قيمة الجنيه حيث سيتيح ذلك للسائح إلى الإقامة فترة أطول ويزيد من معدل انفاقه مما سيؤدي إلى انتعاش السياحة وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وهو بمثابة خطوة هامة في تصحيح المسار في ظل التحديات التي تواجهها مصر في الوقت الحالي.