المتابع لما يحدث في فرنسا، يجد أن البلد الأوروبي بدا عاجزا منذ عقود عن مقاربة إشكالية “الضواحي” وتدبير علاقة الدولة بالمجتمع المهاجر أو المنحدر من أصول مهاجرة.
الأحداث جاءت بعد مقتل الفتى من أصول جزائرية “نائل مرزوق” البالغ من العمر 17 عاماً برصاص الشرطة، في نانتير إحدى ضواحي العاصمة باريس، ما أشعل موجة غضب وشغب نفذها شبان.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية على تويتر إن الشرطة ألقت القبض على 1311 شخصا ليل الجمعة مقابل 875 في الليلة السابقة، مشيرة إلى أن نحو 200 شخص اعتقلوا في أنحاء البلاد أمس السبت.
وأعلنت السلطات المحلية في أنحاء البلاد فرض حظر على المظاهرات، وأمرت بوقف عمل وسائل النقل العام في المساء.
احتجاجات 2005
اضطرابات فرنسا ليست الأولى، فالوقائع أعادت إلى الأذهان أحداث شغب اندلعت في أنحاء البلاد على مدى ثلاثة أسابيع عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد وفاة شابين صعقا في محطة للكهرباء أثناء اختبائهما من الشرطة، بحسب تقرير لـ”العربية نت”.
بدأت أحداث الشغب في الضواحي بعد ظهر يوم 27 أكتوبر 2005، عندما كان 9 مراهقين عائدين بعد حضور مباراة في كرة القدم في بلدة شين بوانتو في مدينة “كليشي سو بوا” في إقليم سين سان دوني.
وأثناء عودتهم عبروا إحدى الحدائق في المدينة واقتربوا من موقع تجري فيه أعمال بناء، فلاحظ قدومهم أحد الحراس وما كان منه إلا أن أبلغ الشرطة لأنه اشتبه بنيتهم السرقة.
مع قدوم الشرطة هرب المراهقون سريعاً غير أن 3 منهم لجأوا إلى إحدى محطات توليد الطاقة الكهربائية القريبة، بحسب تقرير نشرته سابقاً إذاعة “مونت كارلو” الفرنسية.
بدأت أعمال العنف في الليلة نفسها في كليشي سو بوا حيث أحرق محتجون شباب 23 سيارة وهاجموا الشرطة وسيارات الإطفاء التي حضرت لإخماد النيران.
وكانت هذه بداية 3 أسابيع من العنف فيما وصفه البعض بـ”الحرب الأهلية” في فرنسا.
وانتشر العنف الليلي في ضواحي المدن الفرنسية الكبيرة ليعلن ذلك تمدد الأحداث إلى كامل التراب الوطني.
بعد 3 أسبيع من العنف غير المسبوق كانت النتيجة إحراق 10 آلاف سيارة وتدمير أو إلحاق أضرار بـ300 مبنى وإصدار مذكرات جلب بحق 600 شخص، بالإضافة إلى اعتقال 1300 آخرين.
نبوءة بلمختار
مهاجر جزائري تنبأ في احتجاجات 2005 بما يحدث الآن عندما قال:””رغم أننا سنعاني على المدى القصير، إلا أن ما حدث سيجبر الحكومة على المدى الطويل على عمل شيء، وإلا فان الجولة القادمة من العنف ستكون أسوأ”.
سائق السيارة الأجرة أحمد بلمختار، وهو من أصل جزائري يسكن بلدة “كليشي” في ضواحي باريس، كان يبدو أنه يرى ما سيحدث رأي العين.