بات لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى استخدام السلاح النووي في الحرب الأوكرانية، خيارًا مطروحًا وبقوة بعدما شهد ميدان القتال تراجعًا للقوات الروسية استعدى بوتين إلى التعبئة العسكرية العامة جزئيًا.
تفجير جسر كيرتش
خيار تزداد احتماليته مع الهجوم الأوكراني على جسر كيرتش الرابط بين شبه جزيرة القرم الخاضعة لسيطرة موسكو منذ 2014، وبقية الأراضية الروسية. فهي ضربة تزامنت مع تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن عن جدية نظيره الروسي في تهديداته باستخدام القوى النووية، إذ أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذا التزامن ليس من قبل الصدفة، خاصة مع نقل ساحة المعركة إلى استهداف أهداف مدنية بالداخل الروسي.
وأوضح طارق فهمي في تصريحات خاصة لموقع أوان مصر، أن استهداف أوكرانيا لأهداف مدنية لن يكون الأخير، إذ صرح المستشار العسكري للرئيس الأوكراني مساء السبت، أن ضرب جسر القرم لن يكون الأخير، مؤكدًا مسئولية كييف عن الحادث.
بينما أكدت الدكتورة داليا الشيخ، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة القاهرة أن ضرب جسر القرم من الجانب الأوكراني لهو تصعيد خطير في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، إذ يعد عملا إرهابيًا فالجسر منشأة مدنية آمنة لا تحتوي على أي انشطة عسكرية.
ورفضت الشيخ تسمية هذا التفجير بالاختراق الأمني لموسكو، موضحة أن الإرهاب فعل خسيس يتحين الفرصة المناسبة لتنفيذ خطته، وأن أنظمة العالم في معظمها تتعرض لحوادث إرهابية على رأسها فرنسا وأمريكا.
تداعيات تفجير جسر القرم
تسبب انفجار يوم السبت في انهيار جزئي لجسر يربط شبه جزيرة القرم بروسيا ، مما ألحق أضرارًا بشريان إمداد مهم للجهود الحربية المتعثرة التي يبذلها الكرملين في جنوب أوكرانيا وضرب رمزًا بارزًا للقوة الروسية في المنطقة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور عن الانفجار الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينما اتهم رئيس البرلمان الإقليمي المدعوم من روسيا في شبه جزيرة القرم أوكرانيا، لكن موسكو لم توجه اللوم مباشرة لكييف.
أدى الانفجار، الذي قالت السلطات الروسية إنه نجم عن انفجار شاحنة مفخخة، إلى خطر حدوث تصعيد حاد في حرب روسيا التي استمرت ثمانية أشهر.
وقع بوتين مرسومًا في وقت متأخر من يوم السبت يشدد الأمن على الجسر والبنية التحتية للطاقة بين شبه جزيرة القرم وروسيا ، ويضع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ، FSB ، مسؤولاً عن تأمينه.
بعد ساعات من الانفجار، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قائد القوات الجوية الجنرال سيرجي سوروفكين سيقود الآن جميع القوات الروسية في أوكرانيا. سوروفكين ، الذي عُيِّن هذا الصيف مسؤولاً عن القوات في جنوب أوكرانيا ، قاد القوات الروسية في سوريا واتُهم بالإشراف على قصف دمر معظم حلب.
ومع ذلك ، لا تزال موسكو تتكبد خسائر في ساحة المعركة.
الرد الروسي لا يتأخر
أشار خبير العلوم السياسية إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشعل حالة طوارئ داخل الكرملين بعد الهجوم على جسر كيرتش، وأنه يبحث طرق الرد على الهجوم الأوكراني الذي يعده هجومًا إرهابية باستهدافه منشأة مدنية، موكدًا أن الرد الروسي لن يتأخر كثيرًا بل سيكون خلال 48 ساعة.
وقال: مكان الجسر هو أخطر مكان يمكن التوصل له، لأنه ينقل من خلاله الإمدادات العسكرية الروسية لأرض الحرب الأوكرانية، والمتوقع أن لا يعود للعمل كما كان ألا خلال شهرين، سيكون الحل البديل هو الأقاليم الثلاثة المستولى عليها حديثا وهي لوجانسك ودونيتسك وزاباروجيا.
رد استيقظت كييف عليه، صباح اليوم الاثنين، حينما سقط قرابة 80 صاروخًا روسيًا على مدن العاصمة، فقد أكد مسئولون أوكران أن الاتحاد الروسي استخدم 84 صاروخ كروز و 24 طائرة بدون طيار ، بما في ذلك 13 طائرة بدون طيار إيرانية من طراز Shahid-136″.
كما قالت هيئة الأركان العامة للجيش أنه تم تدمير 56 من الأسلحة الروسية – 43 صاروخ كروز و 13 طائرة بدون طيار، بما في ذلك 10 طائرات بدون طيار كاميكازي.
بوتين سيضرب بالنووي
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الروس سيحاولون الرد بكل قوة حتى وأن تم استخدام النووي، مشيرا إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة بأن بوتين يدرس استخدام القوة النووية في الحرب الأوكرانية، يعكس حقيقة وجود هذه الترتبات داخل الكرملين، منوها إلى تصريح خطير أدلى به بوتين مؤخرا وهو قوله بأن أول من استخدم السلاح النووي هو أمريكا ضد اليابان.
وأقر بوتين بأن بلاده نفذت حملة القصف التي تعرضت لها عدة مدن أوكرانية صباح اليوم، قائلًا: «وجهنا ضربات بمختلف أنواع الأسلحة لمواقع عسكرية أوكرانية وردنا سيكون أشد على أي أعمال إرهابية».
وشدد على أنه في حال تكرار الأعمال الإرهابية الأوكرانية سيكون الرد أشد قسوة ومناسبًا لما تتعرض له روسيا.
كما توعدت الحكومة الأوكرانية بالرد وأعلنت انقطاع الكهرباء عن المناطق بعد القصف الصاروخي الذي تم باستخدام صواريخ «كاليبر وإسكندر وتورنيدو»، والتي تم استخدامها نتيجة دقتها العالية وسرعتها بخلاف قدرتها على حمل رؤوس نووية.
استفزاز بوتين
يرأ الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد اختبار قدرة بوتين على التحمل، وجره إلى حافة الهاوية، من خلال دعمها المتزايد لكييف، خاصة أن الأخيرة لوحت بأن ضرب جسر كيرتش هو فقط البداية لسلسة من العمليات النوعية التي ستستهدف مواقع مدنية أخرى.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ أوان مصر، أن خيارات بوتين الحالية هي عسكرية في المقام الأول إذ ستكون لها الأولوية على الطرق الدبلوماسية، مشددًا على أن الحلول الدبلوماسية انتهت تمامًا في الوقت.
وحول الخطوات التي يمكن أن يتخذها بوتين أكد الدكتور طارق فهمي على أن الروس لن يتوانون على اتخاذ أي قرار من شأنه تحقيق أي تقدم على الأرض، وأن الحرب الآن في مرحلة جديدة، ومن القرارات المتوقع اتخاذها فتتمثل في استخدام حذر للقوى النووية أو ضربات عسكرية تكتيكية أو التعبئة العامة.
مبررات روسيا لاستخدام السلاح النووي
وحول إمكانية دواقع بوتين لاستخدام السلاح النووي في الأراضي الأوكرانية، أوضحت الشيخ: مثل هذه الضربات تستهدف المدنيين، خاصة أن روسيا طالما كانت تحذر من استهداف المدنيين في إقليم الدونباس، وهو ما يتجاهله الجيش الأوكراني حتى الآن، لتعطي هذه الضربات المبررات إلى موسكو لإظهار شراستها في الحرب، واستخدام القوى النووية، بمبرر أكبر بأن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت القنابل الفسفورية في حربها على العراق.
وتابعت الشيخ في تصريحات خاصة لـ أوان مصر: روسيا لديها عقيدة نووية منشورة منذ يوليو 2020 ومن المعروف متى ستستخدم روسيا السلاح النووى، وما قاله الرئيس الروسى بوتين مشار إليه صراحة فى العقيدة، فهي تؤكد أن من حق روسيا أن تستخدم السلاح النووى فى حالات محددة ومنها تعرضها لهجوم نووى، أو تعرضها لهجوم تقليدى يهدد وجود الدولة الروسية.
وأضافت: تسمح العقيدة النووية الروسية باستخدام ما يعرف بالسلاح النووي التكتيكي، وهو انفجار نووي محدود، ليتم نشره في صراع تقليدي لجعل العدو يتراجع.
هل حققت روسيا أهدافها من الحرب الأوكرانية
تقول الدكتورة نورهان الشيخ: روسيا خققت أهدافها من الحرب الروسية الأوكرانية بشكل كبير، حتى ذهبت للتفاوض مع الأوكران برعاية أسطنبول خلال الفترة الماضية، إلا أن كييف رفضت شروطها.
وتضيف الشيخ: أهداف موسكو تمثلت في ضم الدونباس، وهو ما حدث باستفتاء شعبي، إلا أن هناك أماكن لا تزال تشتد فيها الحرب وتحرز قوات كييف التقدم فيها، ومن الأهداف الأخرى تدمير البنية العسكرية للجيش الأوكراني إلا أن الدعم الغربي لا يزال يحاول إسعافه، فضلاً عن منعها من دخول حلف الناتو.
هل لدى أوكرانيا أسلحة نووية .. وماذا يعني ردها على روسيا نوويًا؟
حول ما إذا ضربت موسكو كييف بالقنابل النووية، هل تستطيع الأخيرة، قالت الشيخ: أوكرانيا لا تملك رؤوس نووية، إلا أن هناك تقارير استخبارتية روسية أكدت أنه تم تحريك بعض الرؤوس من واشنطن إلى كييف، وإذا ما ضرب الأوكران روسيا بأي سلاح نووي فإن ذلك لا يعني إلا تورط حلف الناتو في الحرب ضد موسكو، وهو ما قد يؤجج حرب عالمية، لأن السؤال الروسي سيكون من أين تحصلت كييف على هذه الرؤوس، فالقوى النووية ليست لدا غير أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكوريا الشمالية وإسرائيل.
إدارة بايدن تترقب.. التدخل ممكن
وفي تقرير للشبكة الأمريكية CNN، أكد أن
المسؤولون الأمريكيون يشعرون بالقلق من أن بوتين قد يفكر في استخدام سلاح نووي تكتيكي أصغر في أوكرانيا في محاولة يائسة لتغيير مسار الحرب.وأوضح أن البيت الأبيض حذر الكرملين من أن مثل هذا القرار سيكون “كارثيًا” بالنسبة لروسيا ، لكنه لم يذكر علنًا كيف سيردون بالضبط – على الرغم من التكهنات بأن الناتو قد يتدخل ويستهدف القوات الروسية بشكل مباشر ، وهو سيناريو قد يؤدي إلى لتصعيد خطير مع موسكو.
قدرات روسيا النووية
- وفقا لاتحاد العلماء الأميركيين، تمتلك روسيا مخزونا إجماليا للرؤوس الحربية النووية يبلغ 5977، وهو الأكبر في العالم.
- في المقابل، تمتلك الولايات المتحدة 5428 رأسا نوويا بينما تمتلك فرنسا 290 رأسا نوويا، بينما تمتلك المملكة المتحدة 225 فقط.
- نحو 90 % من جميع الرؤوس الحربية النووية مملوكة لروسيا والولايات المتحدة.
- تقول نشرة علماء الذرة إن الترسانة الروسية تضم 4447 رأسا حربيا، منها 1588 منتشرة على صواريخ باليستية وقواعد قاذفات ثقيلة.
- هناك ما يقرب من 977 رأسا حربيا استراتيجيا إضافيا، إلى جانب 1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي محتفظ بها في الاحتياط.
- ومع ذلك، يقول الخبراء إن العدد الدقيق للرؤوس الحربية والأسلحة غير معروف بسبب السرية المحيطة بالاستراتيجيات والمخاوف الأمنية.
- تقول نشرة علماء الذرة إن الترسانة الروسية تضم 4447 رأسا حربيا منها 1588 منتشرة على صواريخ باليستية وقواعد قاذفات ثقيلة.
- هناك ما يقرب من 977 رأسا حربيا إستراتيجيا إضافيا، إلى جانب 1912 رأسا حربيا غير استراتيجي محتفظ بها في الاحتياط.