في اعقاب تصريحات رئيس تركيا رجب طيب أردوغان نهاية العام الماضي، والتي قال فيها “أن الطريق المؤدي للسلام في ليبيا يمر عبر بلاده”.، خرج بتصريح مغاير تماما عما صرح به، عندما أدلى لصحيفة “بوليتيكو” الأوروبية، قال فيه: “إن ترك ليبيا تحت رحمة بارون حرب سيكون خطأ تاريخيا”، وأضاف محذرا بأن “المنظمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التي منيت بهزيمة عسكرية في سوريا والعراق، ستجد تربة خصبة (في ليبيا) وستقف على قدميها”.
تركيا راعية الإرهاب
وكأن أردوغان يمهد طريقا لما ستصبح عليه ليبيا في المستقبل، ويبدوا أن هذه التحذيرات صارت حقيقة وواقعا ملموسا على أرض الواقع.
وكشفت العديد من التقارير وصول دفعات جديدة من المقاتلين السوريين المنتسبين إلى تنظيمات ترعاها تركيا إلى الأراضي الليبية قادمين من سوريا، وأبرز تلك التقارير نشرتها صحف عالمية منها:
صحيفة “الجارديان” البريطانية والتي نشرت مقالا ـ استنادا إلى مصادرها ـ يفيد أن حوالي ألفين من المقاتلين السوريين ينشطون حاليا داخل وحدات أبرزها وحدة أطلق عليها اسم زعيم المقاومة الليبية عمر المختار ومصادر أخرى فترى أن أعدادهم أكثر بكثير.
وفي تصريحات صحفية لرامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن “عدد المقاتلين وصل إلى أربعة آلاف مقاتل ينقسمون إلى جزئين؛ سوريون ومقاتلون مرتزقة من عشرة فصائل كانوا ضمن المقاتلين الجهاديين بسوريا”،ويتم نقل المقاتلين “على متن الطائرات الليبية من الحدود السورية التركية إلى الأراضي الليبية”، يردف رامي عبد الرحمن.
ميركو كايلبيرت الخبير الألماني في الشأن الليبي هذه المعلومات، وقال في حديث مع DW: “تم رصد طائرات تابعة للخطوط الجوية الليبية وطائرات ليبية خاصة حطت بليبيا والكثير من التقارير والأشخاص الذين تواصلت معهم في عين المكان يؤكدون أن الأمر يتعلق بمقاتلين سوريين”.
جنسية تركية لمقاتلي داعش
ووفق صحيفة “الجارديان” فإن المقاتلين وقعوا عقودًا مدتها ستة أشهر مباشرة مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، وليس مع الجيش التركي، مقابل 2000 دولار شهريًا.
وفي نفس السياق أوضح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن “تركيا تعد المقاتلين بالحصول على الجنسية التركية مقابل مشاركتهم في المعارك في ليبيا. ومن يلقى حتفه يصل عائلته مبلغ 500 دولار لمدة سنتين”. وتقول الخبيرة الألمانية في شؤون شمال افريقيا فيكتوريا ريتيغ بأنه “من المألوف أن تمنح دولة ما جنسيتها كمكافأة لأشخاص أجانب أسدوا لها خدمات معينة من أجل حمايتهم عبر منحهم حق العيش على اراضيها مستقبلا بشكل قانوني”.
فيما أكد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري في تصريحات له: أن أردوغان يستهدف إرسال 18 ألف عنصر. وأتهم المسماري رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ب”دفع مليون دولار لكل قائد فصيل كي يرسل عناصره السورية للقتال في ليبيا”.
فيما نشرت عدة مواقع ليبية تغريدات وأشرطة توضح المسارات التي يدخل منها المقاتلون إلى الأراضي الليبية.
وكانت الأمم المتحدة اعلنت في 25 يناير الماضي: إن بعض الدول التي تدعم الفصائل المتناحرة في ليبيا انتهكت حظر الأسلحة بعد مؤتمر برلين، دون أن تحدد هذه الدول.
واتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرة نظيره التركي بعدم الوفاء بالوعود التي قطعها في مؤتمر دولي بشأن ليبيا بعد وصول سفن حربية تركية ومقاتلين سوريين إلى ليبيا. وقال ماكرون “شاهدنا في الأيام الأخيرة وصول سفن حربية تركية برفقة مرتزقة سوريين إلى الأراضي الليبية. هذا انتهاك واضح وخطير لما تم الاتفاق عليه في برلين. إنه إخلاف للوعد”.
غير أن تركيا تنفي دائما إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا. وحملت تركيا فرنسا مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا.