عد أيام من إعلان خطة «مناعة القطيع» على لسان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لمواجهة فيروس كورونا المستجد، طالبت حكومة المملكة المتحدة مواطنيها بالبقاء في المنازل، واتخذت إجراءات في اتجاه العزل الصحي للحد من انتشار المرض، في تغيير لاستراتيجيتها، حيث يؤكد ذلك التوقف والتراجع عن اعتماد إستراتيجية «مناعة القطيع»
وكان كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية باتريك فالانس رأى أن 60% من البريطانيين يجب أن يصابوا بالفيروس كي يكتسب الشعب مناعة جماعية حال تفشي «كورونا» مرات أخرى مستقبلاً، حيث أوضح أن الفيروس سيعود كل عام، وقد يتحول إلى فيروس موسمي
وأثارت «مناعة القطيع» حفيظة الأوساط الصحية والشعبية، حيث لم تلق استحساناً من قطاعات واسعة من المواطنين والعلماء المختصين، وطرحت أسئلة متزايدة عن سبب تعارض نهج المملكة المتحدة مع الكثير من دول العالم
وهو ما عبرت عنه رسالة موقعة من 245 عالماً بريطانيًّا ودوليًّا، تطالب بإجراءات أكثر صرامة لمنع التجمعات البشرية
وتؤكد الرسالة أن الجدول الزمني المحدد لمواجهة كورونا، سيؤدي إلى الوضع نفسه الذي تعيشه إيطاليا، وأكدت الرسالة أن المعطيات تشير إلى وصول عدد الإصابات لعشرات الآلاف خلال الأيام القليلة المقبلة والملايين خلال الأسابيع المقبلة
ويرى الموقعون على الرسالة وهم علماء في الأوبئة والطب، أن الذهاب نحو خيار «مناعة القطيع» لا يشكل اختيارا مناسبا، بل قد يضع النظام الصحي البريطاني تحت ضغط أكبر ويعرض حياة مزيد من البريطانيين للخطر، مشيرين إلى ضرورة وضع إجراءات حازمة لمنع التجمعات البشرية، «لأنها كفيلة بتقليص عدد الإصابات بشكل كبير ومن شأنها إنقاذ أرواح الناس»
وأدرك علماء كلية إمبريال في لندن حجم المشكلة في الصين، وقاموا بتقييم إستراتيجيات لمواجهة تفشي الوباء في بريطانيا، تتمثل في:
1 – «القمع – كسر سلاسل الانتقال»: وهو محاولة فعالة لوقف تفشي الوباء، وخفض الحالات إلى أدنى حد ممكن، كما فعلت الصين
2 – «التخفيف»: وهو القبول بأننا لا نستطيع إيقاف الفيروس المستجد، لذلك نبطئ انتشاره قدر المستطاع، ونمنع حدوث ذروة هائلة في الحالات المصابة، عبر محاولة حماية الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض حادة قد تجعلهم عرضة لـ «كورونا»، وتبدو أنها كانت إستراتيجية المملكة المتحدة خلال الأسبوع الماضي
وعن تلك الإستراتيجية، يقول محللون: «هدفنا محاولة تقليص الذروة وتوسيعها، وليس قمعها تماماً، وتشمل القيود المحتملة على الحركة وزيادة فترات العزلة». وأضافوا: «في حال نجاح التخفيف، قد نتجنّب معظم التدابير القاسية التي استخدمتها دول أخرى، ما سيساعد على الحد من انتشار الفيروس التاجي»
وتابعوا: «إستراتيجية التخفيف أفضل، لكنها ستظل تؤدي إلى نحو 250 ألف حالة وفاة»
3 – «لا تفعل شيئًا» ودع الفيروس ينتشر بين السكان، وعن ذلك، توقع خبراء أنه في حال لم تفعل المملكة المتحدة أي شيء، فإن 81 % من الناس سيصابون ويموت 510 آلاف جراء الإصابة بالفيروس التاجي بحلول أغسطس المقبل