عاب على البعض بالمقال السابق إننى لم أقم بعرض حلول لتزايدمشكلة الطلاق فى مصر
و أنا أرد على ذلك بأننا يجب علينا قبل الخوض فى حلول المشكلةيجب أولآ أن نعرض لأسبابها و أثارها أو نتائجها ثم نعرض بعد ذلكلحلولها و سنوالى الحديث تباعآ عن ذلك .
و نبدأ فى البداية بتوضيح نقطة هامة يجب على الجميع معرفتها بأنالطلاق مباح و لكن لأسباب محددة و معروفة شرعآ فهو ليس أصل ولكنه إستثناء على الأصل الذى هو إستمرار الحياة الزوجية و خلقأسرة صغيرة تكون نواة للأسرة الكبيرة و هى الوطن و من ذلك يتضحبجلاء أهمية صلاح منظومة الأسرة على صلاح و نجاح و تقدمالأوطان .
من خلال عملى بقضايا الأسرة و الخلافات الأسرية أستطيع أن أجزمأن السبب الرئيسى أو الأول للطلاق و إنهيار الأسرة هو عدم معرفةكلا الزوجين بحقوق كلآ منهما على الأخر شرعآ و دينآ و خلقآ فنجدأن غالبية حديثى الزواج لا يعلمون حقوق الزوج على زوجته أو حقوقالزوجة على زوجها ولذلك تجد بعد فترة وجيزة من الزواج تدب نيرانالمشاكل فيما بين الزوجين و تجد المخطئ منهما لا يتراجع عن رأيهالمغلوط و الناتج عن عدم فهم حقيقى لأبسط حقوق الطرف الأخر عليه .
و أتذكر هنا إننى فى ذات مرة و بصدد أحدى حالات الطلاق التى توليتالدفاع فيها عن الزوجة أن الزوجة فاجئتنى بأن زوجها يرفض الإنفاقعلى علاجها بحجة أنها لها دخل و أنها تعمل و دخلها كبير و عندماطالبته بأن يقوم بعلاجها رفض و عندما حاولت فى بداية المشكلةالتواصل مع الزوج فوجئت به أنه متمسك جدآ بموقفه فأوضحت له أنهذا حقها شرعآ و هو ما لم يكن يعلمه أساسآ و أصر على موقفه .
الأدهى من ذلك عندما تعلم بأن هناك زوجات اليوم لا يعلمون شيئآ عنحقوق أزواجهن عليهم من طيب العشرة و حسن المعاملة و عدمالإستعلاء و إطاعة الزوج فيما لا يخالف شرع الله .
و تحت هذا السبب الأول من أسباب الطلاق تندرج أمور كثيرة لايتسع الأمر لذكرها و لكنى أعتقد أننا من خلال معالجة هذا السببسننهى جزء كبير من أسباب الطلاق و سنكون قد دعمنا أسباب نجاحو إستقرار الأسرة .
و يتأتى علاج هذا السبب من خلال مجموعة أمور لعل من أهمهاالتوعية الحقيقية للمجتمع من خلال الإعلام و أئمة المساجد و قبل كلذلك حُسن التربية و التوعية من الوالدين و إفهام الأبناء قيم الأسرةالحقيقية .
إننى أتعجب بأن يعج الإعلام اليوم بكافة أشكال التحريض علىالطلاق و سوء المعاملة بين الأزواج و التحريض المباشر على ذلك فنجدبرامج كاملة قد فتحت لهذا السبب فى حين لا نرى برنامج واحديتحدث عن توعية حقيقية للمجتمع حول أهمية الأسرة و الترابط ما بينالزوجين و حسن المعاملة فيما بينهما و أهمية تربيتهم لأبنائهم بصورةطيبة بحيث تستقيم الأسرة و المجتمع مما ينعكس على بناء الوطن بلو الأدهى من ذلك الا تتسع منابر المساجد لمثل هذا الحديث و توعيةالناس بتلك الأمور و تترك المنابر لأمور لا تمثل أهمية حقيقية للمجتمعبمثل هذا القدر و أنا هنا لا أجد مبررآ لأئمة المساجد فى خطبةالجمعة تحديدآ الا يتناولوا هذا الموضوع فى خطبة الجمعة و لو مرةفى كل شهر على الأقل .
إننى من هنا أطالب الإعلام الواعى المستنير بأن يقوم بدوره الحقيقىفى بناء مصر القوية إجتماعيآ و أن يتبنى هذه المبادرة للم شتات الأسر المصرية و بناء نسيجمجتمعى قوى بأن تخصص كافة البرامج وقت أو فقرة من فقراتها ببثالأفكار و المفاهيم الحقيقية و المعانى السامية للزواج و للأسرة و أنتخصص الصحف و الكُتاب جزء من مقالاتهم لهذا الأمر .
كما أطالب وزارة الأوقاف بإلزام أئمة المساجد بتخصيص خطبة جمعةعلى الأقل من كل شهر لتوعية الأزواج و الزوجات بحسن المعاملة فيمابين الزوجين و المودة و الرحمة فيما بينهما و حقوق الزوجين الشرعيةعلى بعضهما و تحمل صعاب الحياة مع بعضهما .
كما أرجو من كل أب و كل أم أن يقوموا بدورهم فى توعية أبنائهمالمقبلين على الزواج بالقيم الحقيقية و المُثل البناءة و الحقوق الشرعيةللزوجين على بعضهما و خلق قيم المودة و الرحمة فى نفوسهم لخلقأسرة رشيدة تكون نواة لحياة سعيدة و لا تتلاطمها أمواج الحياة .
و للحديث بقية طالما فى العمر بقية