بعد انتشار مرض «المازوخية» الذي يعد اضطراب نفسي وجنسي، وفيه يقوم الشخص بإيذاء نفسه لفظيًا أو بدنيًا، لذلك يسمى أيضًا اضطراب الشخصية المحبطة للذات أو اضطراب الشخصية المهزومة ذاتيًا، ولكي يوصف الشخص بأنه مازوخي لا بد أن يكون الألم حقيقيًا أي مصحوبًا بفعل وليس مجرد رغبة أو توهم.
وصرح الدكتور «وليد هندي» استشاري الصحة النفسية أن سبب تسمية “المازوخية” إلى روائي وصحفي نمساوي يدعى ليوبولد مازوخ، وهو صاحب رواية شهيرة عرفت باسم “فينوس في معطف الفرو”، تروي قصة الكاتب نفسه صاحب الشخصية المازوخية وعشيقته، لذلك استعار الطبيب النفسي ريشارد فون كرافت اسم “مازوخ” لوصف ما بات يعرف لاحقًا باسم “المازوخية”، وذلك في كتاب له أصدره عام 1886 حول الشذوذ الجنسي.
وأوضح «هندي»، خلال حديثه لموقع «أوان مصر»، أنه من خصائص هذه الشخصية أنها تسعى بكل الطرق إلى أن تكون في الأماكن والمواقف التي يتوفر لها الأذى فيها، وتسعى لتحقير النفس وإيذائها، مع الشعور بالمتعة واللذة الداخلية عند ممارسة ذلك، بالرغم من الظهور بمظهر الشكوى، والظهور بمظهر الضحية المقهورة.
وأردف استشاري الصحة النفسية خلال حديثه لـ «أوان مصر» وعادة ما يتلقى المازوخي الألم من شخص آخر، وهذا الشخص أو الشريك الجنسي، يمكن أن يكون إنسانًا عاديًا وطبيعيًا، ويقوم بتعذيب المازوخي بناءً على طلبه، أو قد يكون شريكًا جنسيًا، ذا شخصية سادية، أي أنه يعشق توجيه الألم للآخرين في أثناء الممارسة الجنسية، وفي هذه الحالة فإنه يطلق على الممارسة “سادومازوخية” Sadomasochism)).
ولكن بشكل عام، فإن المازوخية لا تستلزم دومًا وجود الشريك الجنسي، فأحيانًا يقوم الشخص المازوخي بتوجيه الألم إلى نفسه عن طريق الجلد أو الجرح بالسكين أو الحرق… وقد يكون ذلك في أثناء ممارسته للعادة السرية.
والاعتقاد السائد هو أن تكون المرأة مازوخية والرجل ساديًا، إلا أنه في كثير من الأحيان يرغب الرجل بأن يكون مازوخيًا في علاقته الجنسية، فنجده لإشباع رغبته الجنسية في أثناء العلاقة الحميمية يطلب من زوجته إيذاءه وضربه وسبّه، كأن يطلب تقييده بالسلاسل، أو جلده بالسوط، أو تقييده بالكرسي، أوغيرها من الأمور الشاذة، بهدف الاستمتاع بالعلاقة الحميمية.
وأضاف الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية أن الأشخاص المازوخيين يمكننا معرفتهم بكل سهولة سواء للزوجة يمكنها أن تعرف أن زوجها يعاني من مرض مازوخي أو من الأفراد، وذلك عن طريق البحث عن شتى الطرق التي تجعله يلحق الأذي بنفسه وعندما يقع يشعر بالراحة.
كما أشار «هندي» إلى أنهم ذوي مشاكل نفسية واجتماعية وذوي أفكار هوسية وتفكير قلق ومضطرب وشعور دائم بالذنب والعار ويمكن أن يظهر سلوكهم المازوخي خلال فترة البلوغ المبكر.
وأردف وليد هندي استشاري الصحة النفسية خلال حديثه لـ أوان مصر قائلا “نجد أن الشخص شعر بالارتياح لتنفيذ رغباته من ضرب وإهانة، على الرغم من الشكوي المستمر له أثناء ممارسة العلاقة مع المرأة الأخري وكأنه ضحية أو شخصية مقهورة”.
وأوضح «هندي» أن هذا الشخص المازوخي يعشق الشخصية السادو مازوخية، التي تعاني من المازوخية السادية موضحا:” أنه يعشق الشخصية التي تقوم بتعذيبه وجلده وتنكيله وإهانته، واحيانا يقدم هو الأذي بنفسه عن طريق الحرق، أو الجلد، أو تقطيع اليد بالسكين وهذا يتم خلال ممارسته للعادة السرية”.
وأضاف «هندي» أن هذه الشخصية أثناء الجنس تطلب أن تضرب وتنكل وتضرب، بالإضافة إلى الإذلال، التقييد أو أي نوع من الأفعال المسببة للألم، هذا النوع من المحفزات والتخيلات والسلوكيات يجب أن يبدو ظاهراً خلال ستة أشهر ويكون أثرها الاجتماعي والسلوكي ظاهراً على الشخص وذو تأثير واضح.
وأكد «هندي» خلال حديثه لموقع أوان مصر أن هذه الشخصية نجدها تتناول العديد من الطعام حتي تشعر بألم في المعدة، بالإضافة إلى تبريره الكثير والمبالغ فيه، ودائما يتهرب من تحقيق أهدافه في الحياة، ويميل إلى العلاقات المؤذية ويبتعد عن العلاقات السعيدة، بالإضافة إلى إنهاء علاقاته بأصدقائه وذلك لأسباب بسيطة، يرفض الدفاع عن نفسه، يتسامح مع أشخاص الموذية.
واستكمل «هندي» استشاري الصحة النفسية حديثه عن الشخصية المازوخية السادية قائلا: “دائما هذا النوع من الشخصيات كثير الإسراف وذلك الأمر يجعله يستلف كثير جدا، وأحيانا نجد هذه الشخصية من متاعطين الحكول والمخدرات، ويرفض بكل الطرق مساعدة الأخرين له، وبيحط نفسه في مواقف بايخة كتير كما قال الزعيم عادل إمام”.
ما أسباب الإصابة بالمازوخية؟
لا يعرف سبب واضح ومؤكد يفسر لماذا يمكن أن يكون الشخص مازوخيًا، ولكن هناك بعض النظريات:
1- أوضح «هندي» استشاري الصحة النفسية خلال حديثه لـ موقع «أوان مصر»، نجد أن الكثير الذين يعانون من المازوخية السادية يكونون قد تعرضوا في البداية للعديد من حوادث العنف الأسري، وبشكل خاص من الذكور، كأن تعمل الأم باستمرار على إهانة طفلها وإجباره على القيام بما تود هي أن يقوم به، فتكون نتيجة حوادث العنف هذه أن الشخصية تنحبس بالداخل ولا يمكن للشخص التعبير عن نفسه، فيجد راحته في الشعور بالمذلة والمهانة، أو قد يكون العنف بمعاملة الزوج لزوجته، وذلك الظلم الذي يقع على الأم أمام أطفالها ينعكس على سلوكهم بتقمص شخصية الأم الضعيفة، أو اللجوء لتعذيب النفس وإيلامها، في محاولة لتخفيف حدة القلق وتأنيب الضمير.
2- مضافا «هندي» حديثه لـ “أوان مصر”، التعرض للحوادث الجنسية مثل التحرش أو الاغتصاب أو مشاهدة الأفلام الإباحية سبب أساسي ورئيسي في الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات، وبشكل خاص من الإناث، وذلك لأن الأنثى في هذه الحالة تشعر وكأنها هي المذنبة، التي تسببت في اغتصابها أو التحرش بها فتفضل الانسحاب والعيش في سجن نفسها ونجدها أنها تفضل أن تعذب جسدها موضحا هندي خلال حديثه«بتعذب جسمها وكأنه السبب».
3- مستكملا حديثه حول قمع الأفكار العشوائية الشاذة والتخيلات الجنسية الممنوعة قائلا “كلنا عنده أفكار شاذة في باله وخياله”، فيتم كبتها أو رفضها، ومع الزمن تصبح أكثر إلحاحًا بالترافق مع أنها محرمة أو ممنوعة، وعندما يتمكن الشخص من ممارستها على نفسه فإنه يحقق حالة من الإثارة أو اللذة، فيرتبط بتلك الرغبة ويستمر في ممارستها.
4- يعتبر هذا النوع من السلوكيات سبيلًا للهروب (من الواقع) من خلال تطبيق سلوكيات موجودة في مخيلته مع أشخاص جدد ومختلفين.