إثيوبيا لا تريد أن تعظم حصتها من المياه، ولا توظفها في إنتاج الطاقة والتنمية ولكنها أيضا تريد الانتقام من مصر عاجلا او آجلا بما يضمن خضوع القرار المصري لها مستقبلا.
ولا أعرف ما إذا كانت الأسباب وراء ذلك تقتصر على إثيوبيا فقط، ام أنها ستلعب دور البلطجي و السمسار لصالح قوى أخرى تريد النيل من مصر او الخضوع لها ولمصالحها…
ربما لا تلحق أثيوبيا ضررا بمصر الآن ولكنه من المؤكد في حال وجود خلاف معها او مع القوى التي تعمل لحسابها لا تتردد أثيوبيا من الانتقام والعقاب والضغط كأداة لتحقيق مصالحها مباشرة أو لحساب آخرين (إسرائيل، تركيا، قطر، الصين، أمريكا…إلخ وفقا لخلافات مصر المستقبلية مع اي دولة..
ربما لا يعرف الكثيرون أن الصين هي التي تبني سد النهضة وأن تمويل الدول الأخرى أمر ثانوي، وأن الاتفاق على الانتهاء من السد وتخزين ما يعادل حجم سنة كاملة من المياه سيكون مع نهاية هذا العام…
يرى خبراء المياه ان أثيوبيا إذا اقتصرت على إنتاج الطاقة من المياه المخزنة فلا توجد أضرار على مصر، بينما في حال استخدام المياه في الشرب والري والزراعة ستكون الآثار كارثية على مصر…
مصر تعتمد على 85% من مياه النيل الأزرق الذي يصب لها من اثيوبيا، والباقي من النيل الأبيض الذي يأتيها من أوغندا والسودان، ولا يوجد أي ضمان لعدم استخدام أثيوبيا مياه النيل الأزرق في الري والشرب والزراعة، وبالتالي فإن الأخطار على مصر كارثية…
أثيوبيا تبني سياستها في انتقامها من مصر على الظروف الداخلية التي يمر بها المجتمع والنظام معا، وهي تعي تماما أن هناك إرهاب فى سيناء وغزة وأحيانا وادي النيل، وأن الرئيس مشغول بالإصلاح الاقتصادي، ولا يزال هناك حالة استقطاب في المجتمع تظهر مع كل أزمة تدعمها قوى خارجية تلتقي مصالحها مع مصالح التيار الإسلامي وأنصاره داخل وخارج مصر بسبب الخلاف على السلطة وآلية الوصول إليها وما ترتب عليها…
وبالتالي تتصرف أثيوبيا على خلفية استبعاد الجانب المصري لخيار الحرب، واضطراره إلى إجراء تحسين كبير في كفاءة استخدام المياه المتاحة، وربما من جانب آخر قد لا تغامر أثيوبيا بالانتقام من مصر خوفا من اندلاع حرب…
مصر تتفوق على أثيوبيا عسكريا ولكنها بحاجة إلى قواعد تزويد طاقة بالسودان، وللأسف فإن العلاقات المصرية السودانية التي كانت ردحا طويلا من الزمن سمن على عسل. لم تعد كذلك، أو لم تصل إلى هذا الحد، خاصة وأن السودان نفسها تحت رحمة أثيوبيا…
ربما كانت القاعدة العسكرية التي تم افتتاحها مؤخرا في البحر الأحمر بديلا للسودان، ولكن هناك إشكالية أخرى في ضرب السد
فقد كان ضرب السد متاحا في بداية بنائه دون أي كوارث مترتبة عليه، أما الآن فإن ضرب السد سيخلق كارثة بيئية وأضرار عظيمة بالسودان وأثيوبيا، ولا أظن هناك خطرا علينا، الخطر كل الخطر على أثيوبيا والسودان
ويفترض أن تسير مفاوضات الجانب المصري في اتجاه كسب السودان باعتباره متضررا في الحالتين، حالة الهيمنة الإثيوبية وحالة ضرب السد…
الأمر الأهم أن العودة إلى أخذ رأي الأزهر الشريف والكنيسة في ضرب السد أمر مهم، وأن تدمير السد يجب أن ينطلق من هذه العقيدة الدينية، باعتبار أن الأديان تفرض على الإنسان أن يدافع عن نفسه وحياته وبقائه… لا شك أن الفتوى بضرورة تدمير السد ستمر عبر شراكة مع صناع القرار السياسي الذي يقوم بتزويد ممثلي الأزهر والكنيسة بالأوضاع والأسرار…
تدمير سد النهضة فرض عين على كل مسلم ومسيحي، الكل يتقدم الصفوف، لأن ضرر المياه أكثر وأعظم وأخطر من الضرر المترتب على الحروب، والأخذ بقاعدة أخف الضررين واجب شرعي ومنطقي..
دمروا سد النهضة سوف تنتهي حالة استقطاب المجتمع، ويتوحد الجميع خلف الرئيس وتعود مصر لحصتها من المياه.