بقلم : أحمد مرعي
أتاحت وسائط الإعلام الحديثة بكل سهولة وللجميع استخدام مختلف تطبيقاتها، متخطية كل الحدود الجغرافية والمسافات البعيدة، حيث أصبح تأثير استخدام الميديا الجديدة واضحاً في المجتمع وخاصة لدى فئة الشباب لأنها الفئة الأكثر تأثرًا وتأثيرًا بكل ما هو تقني جديد، وهي أكثر الفئات استهدافاً.
في سبتمبر 2016 أطلق الصيني “تشانغ يي مينغ”، تطبيقًا جديدًا أسماه “تيك توك” والذي يشبه تماماً أماكن الدعارة، والملاهي الليلية، خلاف ما ينشر عليه من أناشيد دينية وموضوعات هادفة بشكل (لا يذكر) بين الرقص والغناء والتعري والإيماءات.
ذلك التطبيق الأكثر انتشاراً حول العالم بسرعة مخيفة، حيث جعل الحرام حلالاً لدى الكثير داخل وخارج البيوت، والذي عن طريقه تم اختراق كل الأعراف والتقاليد، وانهيار القيم الأسرية، ذات الطابع الديني والأخلاقي، كما نجح ببراعة في جذب المراهقين وغيرهم من جميع الفئات العمرية، حيث إذ دفعك الشغف أو الفضول لتجربة هذا التطبيق بمجرد الدخول عليه سوف تشاهد ربما ما لم تشاهده داخل المواقع الإباحية.
مراهقات، ومحجبات، ومتبرجات، جميعهن يتفنن في استظهار مواهبهن في الرقص الشعبي والغربي، وخوض تحديات مختلفة داخل غرفهن أو حتى في الشوارع والطرقات، والحمامات أيضاً، فشبابٌ هنا وهناك دون أدنى رقابة من الأهل الذين انخرطوا بينهم بطرق وأساليب وأفكار مختلفة، فمنهم من وضع تسريحة للشعر تثير اشمئزاز الآخرين واستحسان البعض من أجل تصوير مقاطع ساخرة ولا أخلاقية، ومن الفتيات من لبسن سراويل مختلفة ألوانها مثيرة وضيقة ثم يرقصن ويتمايلن في الشوارع والبيوت، وزوجات برفقة أزواجهن داخل غرف النوم وهو ما لم تتعود عليه مجتمعاتنا.
الجميع داخل هذا التطبيق، يبحثن عن الشهرة بأي ثمن، وزيادة عدد المعجبين، فمن لا يمتلكن الموهبة ولا القبول اللازمين، فأن الوصفة السحرية والسريعة هي التصوير بالفلترات للحصول على الجمال، وتخفيف الملابس أو ارتدائها مكشوفة وضيقة.. ناهيك عن الفئة التي تمارس العصبية أو القبلية التي تؤدي إلى الشقاق والخلاف بين الناس، والتفريق بين المجتمع، حيث يقول أحدهم (من عائلة فُلان) ويقول آخر (من قبيلة عِلان) وآخرون يتصارعون: (صعيدي – بور سعيدي)، وسرعان ما تنتهي تلك الخلافات بقصف كبير لأحد الطرفين المعلقين بالسباب ويطلق العنان لتعليقاتهم الساخرة والماكرة في آن واحد.
ورغم كل ما يحدث على مرأى ومسمع من العالم بأسرة، إلا أن الجميع يلتزم الصمت، بل يشارك البعض من ألآباء والأمهات في تلك المهزلة، وهذا ما يؤكد لنا المؤشر المُرعب على تدنى وانحدار وانعدام التربية والأحلاق والقيم والحياء، خصوصا وأنه من المفترض على الآباء الإشراف على أبنائهم، ونهر بناتهم وردعهن على مثل هذه التصرفات غير المقبولة والتي تسيء لهن ولسمعتهن بدلاً من مشاركتهن الرقص.
لكن للأسف الشديد ما لدي سوى أت أذكركم بأننا مُقبلون على فترة قد تكون أسوء مما نحن عليها اليوم، فالاستعمال الغير الراشد للتكنولوجيا جعل منا مستعمرين فكريا جعلنا نتخبط في مجتمع يتعفن يومًا بعد يوم، فقد تحطم أعز ما نملك، وهو (الحياء) لنصبح مجتمع جريء لا توقفه شريعة، ولا أعراف، فقد أصبحنا مسيرين لا مسؤولين عن تصرفاتنا، فالفساد الأخلاقي دفع الشباب للممارسة والاعتماد على تلك التطبيقات وإجهاد العقل البشري بأشياء أخرى غير مصير الأمة، فاستقيموا يرحمنا ويرحمكم الله