مع إقتراب شهر رمضان المبارك تتسارع الناس على الصدقة والتبرع للمحتاجين بـ الأموال أو بالطعام وغيره من الأشياء التي يحتاجونها.
التصوير مع مستحقي الصدقة ..
ولعل أبرز الظواهر التي ظهرت هذه الأيام هو التصوير مع مستحقي الصدقة، مما يجعل الفقراء في حالة من الإستياء بهذا الأمر، وروى الترمذي والنسائي من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله، فأما الذين يحبهم الله: فرجل أتى قومًا فسألهم بالله ، ولم يسألهم لقرابة بينه وبينهم، فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم، فأعطاه سرًّا لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه”.
صدقة السر تطفئ غضب الرب
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صدقة السر تطفئ غضب الرب”، وفي لفظ صحيح آخر: “و الصدقة خَفيًّا تطفئ غضب الرب”، قال ابن كثير: والآية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل؛ سواء كانت مفروضة، أو مندوبة، لكن روى ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية قال: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها، فقال بسبعين ضعفًا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها.
وهناك بعض من الناس هذه الأيام عندما تعطي الصدقة للفقير تحسبه فرضاً، أن يأخذوا صوراً معهم وهم يعطونهم الصدقة وهذا ليس بالأمر الجيد، فإخفاء الصدقة أفضل من جهرها، إلا إذا أراد المتصدق حس غيره على الصدقة.
عبدالله رشدي: لا اُحب هذا الامر
وقال الدكتور عبدالله رشدي في تصريحات خاصة لـ” أوان مصر”، أرى أن الانسان إذا قدم صدقة يجب أن يخفيها، وهذا أولى إلا إذا أراد أن يحس غيره من المسلمين على التصدق في هذه الحالة يظهرها، إنما قضية أن يتصور مع أخذي الصدقة أنا لا أُحبذ هذا الأمر ولا أحبه.
الصدقة في السر
قال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة: 271}.
سرُّ الصدقة، مراماتٌ يسعى إليها ويحرص عليها صاحبُ اليد اليمنى، التي لا تعلم عنها شمالُه ولا تعرف أحوالَها وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ورجلٌ تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شِمالُه ما تُنفِق يمينه”، مبالغة في إخفاء الصدقة رجاءَ قَبولها، وحرصًا على تخليصها من شوائب الرياء، وعلى هذا المسلك يحرص الموفَّق؛ حيث يسبل ثوب الستر على ثلاثتِهم (الصدقة، وصاحبها، ومحتاجها)، وبذلك تصحبُهم السلامة جمعًا، ويكونون جميعًا أقرَبَ للتقوى، وأبعَدَ من البلوى، وهذه هي الصدقة التي تستحق القَبول، ويستحق صاحبها ظِلالَ العرش في يومٍ لا ظل فيه ولا ظلال، إلا ما يجود به الكريم على أتقى الخلق وأكرمهم لخلقه.
ولكننا أصبحنا نرى هذه الأيام بعض الجهات الخيرية التي تُهيئ الكاميرات، و تستعد بالعرض قبل الفرض، فـ مثلاً عند تنفيذ حملة للمحتاجين من المفترض أن هذه الحملة خيرية، ولكن نرى الكاميرات والتصوير في شتى الجهات ثم نشاهد ألوان الناس وشرائح الفقراء يمتثلون لأوامر المخرج والمصور، ولا يتسلم أحدهم كيساً من اللحوم أو التمر وغيره، إلا بعد أن ترضى عنه عدسة الكاميرة، عندها عليك أن تنظر كم الفرق بين هذه السوءات، وبين قوله “صلى الله عليه وسلم “حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه”.
صدقة الجهر
قال ابن العربي في أحكام القرآن تحدث عن صدقة النفل وقال: فأما صدقة النفل: فالقرآن صرح بأنها أفضل منها في الجهر بيد أن علماءنا قالوا: إن هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف باختلاف المعطي لها والمعطى إياها، والناس والشاهدين لها، أما المعطي: فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة، وآفتها الريا والمن والأذى، وأما المعطى إياها: فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف، وأما حال الناس: فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم من جملة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء، وعلى الآخذ لها بالاستغناء، ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة، لكن هذا اليوم قليل.
وقال الإمام ابن كثير في تفسيره: فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة ـ والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية.
أنواع الصدقة
تنقسم الصدقة إلى نوعين رئسيين، صدقة النافلة، والصدقة المفروضة وهي “الزكاة”، ويمكن القول إن صدقة النافلة تشمل أوجه الإحسان إلى الفقراء والمساكين من أموال غير الزكاة، أما الزكاة المفروضة فلها شروط خاصة، ومصارف معيّنة شرعاً، كما في قول الله تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ”.
صدقة النافلة
حثّ الإسلام على البذل والعطاء، وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تشجّع على ذلك، ومنها ما رواه “أنس بن مالك” -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصَّدقةُ تُطفئُ غضَبَ الرَّبِّ وتدفَعُ مِيتةَ السُّوءِ)، ومن الجدير بالذكر أن صدقة التطوع لا تقتصر على نوعٍ واحدٍ من أعمال الخير، وإنما تشمل الكثير من الأعمال، فكل معروفٍ صدقة، مصداقاً ولما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ وإنَّ منَ المعروفِ أن تلقَى أخاكَ بوجْهٍ طَلقٍ وأن تُفرِغَ مِن دلْوِكَ في إناءِ أخيكَ).
وأولى الناس بالصدقة هم أبناء المتصدّق وأهله وأقاربه، بل لا يجوز التصدّق على الأجنبي في حال حاجة أهل المتصدّق وعياله، ويجوز التصدّق على أهل الذمة والأسرى من المحاربين، لقول الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) كما يجوز للقوي المكتسب التصدّق بكل ماله، ولكن مع مراعاة بعض الشروط التي وضعها أهل العلم، ومنها أن لا يكون المتصدّق مديناً، وليس عنده من يجب النفقة عليهم، وإلا أصبح التصدّق بكل المال مكروهاً.
الزكاة الواجبة
وردت كلمة زكاة في القرآن الكريم بـ عدة معاني منها “البركة، والطهارة، والمدح، والنماء، والزيادة، والصلاح، ويرجع السبب في تسمية الزكاة بهذا الاسم إلى أنها تطهيرٌ للمال، وإصلاحٌ وتثميرٌ له، إذ إنها تطهيرٌ للأبدان والأموال، وزكاة النفس بتطهيرها من الكفر، والشرك، والنفاق، والفسق، والأخلاق الذميمة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)، وقد فرض الله -تعالى- الزكاة في العام الثاني للهجرة، وثبت وجوب الزكاة في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الأمة، حيث قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وعندما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- إلى أهل اليمن قال له: (أعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ).
فوائد الصدقة
فوائد الصدقة هناك الكثير من الفوائد والفضائل للصداقات، ومنها الوقاية من النار: حيث إن الصدقة تقي صاحبها من النار، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:”فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ”، علاج الأمراض: حيث إن الصدقة سببٌ للشفاء من الأمراض البدنية، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: “دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ”.
ودخول الجنة من باب خاصٍ يوم القيامة: فقد ثبت أن المتصدق يدعى من باب خاص من أبواب الجنة اسمه باب الصدقة، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ).
إمساكية رمضان ٢٠٢١ القاهرة .. موعد آذان المغرب في القاهرة
البنك المركزي يعلن مواعيد عمل البنوك في شهر رمضان 2021