قالت صحيفة “الإيكونومست” البريطانية في تقرير لها، الأحد، بعنوان “إثيوبيا تفقد الأصدقاء والنفوذ”، إن العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا شهدت احتفالاً فخمًا بمناسبة تولي رئيس الوزراء آبي أحمد لفترة ثانية، لدرجة أن المرء قد يخطئ في اعتقاده تنصيب رئيس أو تتويج ملك.
احتفال آبي أحمد
ووصفت الصحيفة الاحتفال بأنه ردًا على أولئك الذين يشككون في شرعية آبي، وخاصة جبهة تحرير شعب التيجراي، حيث أنه، حسب تعبير الصحيفة، على الرغم من أن الأشهر الأولى من ولايته الأولى تضمنت إصلاح العلاقات مع المعارضة وتوقيع اتفاق سلام مع إريتريا، التي فاز بسببها بجائزة نوبل في عام 2019، إلا أن حكمه منذ ذلك الحين شابه اضطرابات عرقية وتباطؤ اقتصادي وحرب أهلية مدمرة في ولاية تيجراي.
تراجع العلاقات الدولية
وعلى المستوى الدولي، تراجعت العلاقات بين إثيوبيا والعديد من الدول الغربية إلى أدنى مستوى لها منذ عقود.
فقد قالت أمريكا الشهر الماضي إنها ستفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في الحرب في تيجراي إذا لم تبدأ الأطراف.
التي تشمل أيضًا القوات الإريترية التي تقاتل إلى جانب القوات الإثيوبية، محادثات أو تسمح بوصول الطعام إلى أولئك الذين انقطعتهم الحكومة بسبب الحصار المفروض على الدولة.
كما حذر مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ، يوم 29 سبتمبر، من أن مئات الآلاف قد يتضورون جوعا، وكان رد أبي هو طرد سبعة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، متهماً إياهم بـ “التدخل” في شؤون إثيوبيا.
وأردفت الصحيفة، أن آبي أعلن في خطابه أن إثيوبيا لن تخضع أبدًا للضغوط الأجنبية، ففي الماضي كان مثل هذا الكلام الشائك عادة ما يخفي درجة كبيرة من البراجماتية.
إذ حاولت إثيوبيا كسب الأصدقاء واكتساب نفوذ دولية، بعدما ساهمت بقوات حفظ سلام في الأمم المتحدة أكثر من أي دولة أخرى تقريبًا.
كما أقامت علاقات وثيقة مع الصين وأمريكا، لتصبح الحليف المتلهف للأخيرة في “حربها على الإرهاب”، كما تمتعت إثيوبيا بمثل هذا النفوذ في واشنطن لدرجة أنها عندما غزت الصومال في عام 2006 للإطاحة بحكومة إسلامية، وافقتها واشنطن وساندتها.
تغير المشهد
ولكن الصورة الآن مختلفة جدا، حسب “الإيكونومست”، فقد أدى قرار أبي بالتقرب من ديكتاتور إريتريا أسياس أفورقي إلى انقسام منظمة هيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية”الإيجاد”، وتوترت علاقات إثيوبيا مع السودان مما أدى إلى اشتباكات حدوديةـ ولكن الأمر الأكثر إثارة هو الخلاف مع الغرب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالكاد يمر أسبوع دون مسيرة ضد التدخل الأجنبي المزعوم في وسائل الإعلام الرسمية الإثيوبية، أو تصريح من مسؤول رفيع يدين “الأعداء الخارجيين”.
ليتدفق تيار من نظريات المؤامرة إلى وسائل الإعلام الحكومية: منها أن أمريكا تزود مقاتلي تيجراي بالبسكويت المغطى بالمخدرات، أو أن وكالات الأمم المتحدة تقوم بتهريب الأسلحة.
لماذا إثيوبيا منعزلة
وأوضحت الصحيفة، أن هناك 3 عوامل تساهم في عزلة إثيوبيا المتزايدة، الأول هو نهج أبي المتقلب في السياسة الخارجية، والذي يتميز بالعلاقات الشخصية بدلاً من التعامل مع المؤسسات.
إذ همش وزارة الخارجية وأغلق أو قلص حجم العشرات من السفارات، وأبعاد القادة الأجانب بسلسلة من الوعود التي لم يتم الوفاء بها ، مثل تلك التي سمحت بوصول المساعدات إلى تيجراي أو طرد القوات الإريترية.
كما أثار غضب أمريكا بشراء طائرات مسيرة من إيران وتجاهل المبعوثين الأمريكيين، والعامل الثاني هو ازدواجية المعايير المتصورة لدى الغرب، فمن عام 1991 إلى عام 2018، عندما سيطرت جبهة تحرير تيغراي على الحكومة الإثيوبية، كانت أمريكا تغض الطرف بشكل روتيني عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها حليفها، ولأن الجيش الإثيوبي كان يساعد في محاربة الجهاديين في الصومال ، فإن الحملة الوحشية ضد الانفصاليين في المنطقة الصومالية بإثيوبيا لم تلق إدانة تذكر.
ونقلت الصحيفة، عن المحامي الإثيوبي، زيلالم موجس: “لقد شجع الغرب حركة تحرير تيجراي بل قام بتبييض خطاياها الماضية”.
واختتمت الصحيفة تقريرها: “في الآونة الأخيرة، انحازت إدارة دونالد ترامب إلى مصر والسودان في نزاعهما مع إثيوبيا حول سد ضخم تقوم ببنائه على النيل الأزرق، حيث لاحظ أحد الدبلوماسيين الأمريكيين أن “أبي يعتقد بقوة أن الولايات المتحدة تحاول الإطاحة به”.