أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا بارزا في حياة الجميع وتستهدف شتى الفئات، الأمر الذي يستغله البعض في قضاء بعض الأعمال التي يتم انجازها من خلال الشبكة العنكبوتية، كما يقع البعض الآخر في شباك الجرائم البشعة التي تقشعر لها الأبدان ويروح ضحيتها فتيات في مقتبل العمر.
ضجت “السوشيال ميديا” خلال الآونة الأخيرة، بواقعة الفتاة بسنت خالد، التي أقدمت على الانتحار عقب تداول صور خاشدة لها، إذ أن الأمر تكرر مرة ثانية قبل أيام قليلة في المنوفية مع فتاة آخرى، كما أنه أصبح أشبه بالسيناريو المتكرر، إذ دارت أحداث مشابهة لهذه القضية اليوم في محافظة الشرقية.
انتحار هايدي في الشرقية
فتاة في السادسة عشر من عمرها ملامحها جميلة، غالبا توثق جميع لحظاتها الجميلة بصور عبر هاتفها، ولكن فجأة قلبت حياتها رأسا على عقب، إذ عثر على جثتها بعدما أقدمت على الانتحار بحبوب الغلال القاتلة.
في محافظة الشرقية بمركز أولاد صقر، كانت الرحلة المأساوية لفتاة ادعى “هايدي”، إذ انها عانت الامرين من تداول صور خادشة لها من أحد الحسابات على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، حيث أنها لم تجد حلا لمشكلتها سوى الإقدام على الانتحار الذي قد يريحها من همومها كما تظن.
بالأقراص السامة التي تُستخدم في حفظ حبوب الغلال أنهت الفتاة حياتها، وعلى الفور تم نقلها لمستشفى أولاد صقر المركزي ولكن دون جدوى فقد خرجت روحها إلى بارئها، إذ اتهمت أسرتها خلال التحقيقات التي أجرتها النيابة، سيدة ونجلتها جيرانهم بالمسكن بالحصول على صور خاصة لنجلتهم وإرسالها لشابين بمدينة صان الحجر، قاما على أثر ذلك بنشر الصور على صفحات التواصل الإجتماعى وإبتزاز الطالبة، فتخلصت من حياتها.
الأمن ألقى القبض على ربة المنزل ونجلتها طالبة، على خليفة اتهام أسرة الطالبة “هايدى” لهما بإرسال صور نجلتهم لشابين من مركز صان الحجر، فيما قررت النيابة العامة،برئاسة محمد عوض، انتداب الطب الشرعى لتشريح جثة الطالبة ” هايدى ش” 16 عاما، لبيان سبب الوفاة وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة.
انتحار بسنت خالد بالغربية
قضية بسنت خالد التي أثارت جدلا على منصات التواصل الاجتماعي، كانت العقدة الأولى التي انفلتت بعدها باقي العقد، حيث سيطرت حالة من الحزن على مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، عندما أقدمت فتاة في العقد الثاني من عمرها تدعى “بسنت” على الانتحار، بعدما قام أحد الشباب بابتزازها بصور عارية ومبركة لها.
حيث قام المتهم بتركيب عدة صور عارية لها، وقام بابتزازها مقابل تحقيق مبتغاه، إلا أن الفتاة رفضت طلبه فـ قرر أن يفضحها وقام بنشر صورها في القرية، ليُحني رأسها بين أهلها أهالي القرية جميعًا.
أُصيبت “بسنت” بالاكتئاب عندما وجدت نفسها وحيدة في مصيبتها، ينظر لها الجميع بعين الشك، حتى أقرب الأقربين إليها لم ينصفوها، لتقرر في تلك اللحظة أن تنهي حياتها تاركة ورائها رسالة مؤثرة حملت في طياتها كل معاني الألم.
«ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي، وإن دي صور متركبة والله العظيم وقسماً بالله دي ما أنا، أنا يا ماما بنت صغيرة مستهلش اللي بيحصلّي ده أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد».
وبتقنين الإجراءات تبين أن الفتاة أقدمت على الانتحار هربًا من الضغط النفسي الذي وقع عليها بسبب صورة عارية مفبركة لها، لتقرر الفتاة الانتحار تاركة ورائها رسالة تنفي فيها صلتها بالصور المفبركة.
فتاة تقدم على الانتحار في المنوفية
لم تكن واقعة هايدي ابنة محافظة الشرقية فريدة من نوعها، ولكن شهدت الآونة الأخيرة بعض الوقائع المشابهة التي كانت من بينهم القبض على طالب في محافظة المنوفية، البالغ من العمر 15 عامًا، وذلك عقب ارتكابه فعلًا غير مسئولًا إذ أنشاء حسابًا مجهولًا على مواقع التواصل الاجتماعي لابتزاز طالبة في الصف الثالث الإعدادي.
علم والد الفتاة بالابتزاز الذي تواجهه من الطالب، وعلى الفور توجه نحو قسم شرطة مدينة شبين الكوم وتقدم ببلاغًا، يتهم فيه مجهولًا يقوم بابتزاز كريمته عن طريق الانترنت بعمل حساب غير معروف، المحضر الذي حرر تلقاه اللواء سالم الدميني، مدير أمن المنوفية.
وتقدم محمد غنيم البالغ من العمر 40 عامَا سائق ومقيم قرية ميت موسي بمركز شبين الكوم، ببلاغ يتهم فيه أحد الأشخاص يقوم على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بمحاولة ابتزاز نجلته بعمل حساب مجهول وتسببه في أضرار لها؛ حيث إنها طالبة بالصف الثالث الإعدادي.
عقب تلقي البلاغ أمر مدير أمن المنوفية بإجراء التحريات المكثفة التي تسعى لضبط المتهم بالواقعة، وبالفعل عقب ساعات قليلة، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط “م.ا.ك” البالغ من العمر 15 عامًا، ومقيم نفس القرية ميت موسى وتم التحفظ على هاتفه المحمول واستكمال التحريات في الواقعة.
ابتزاز فتاة في كفر الشيخ
وفي مداخلة هاتفية لمن ناحية أخرى قال السيد الصعيدي، والد فتاة تعرضت للابتزاز بكفر الشيخ، إن لديه 5 بنات، متعلمين تعليما جامعيا، مشيراً إلى ابنته منار وهي الثالثة ستتخرج هذا العام من كلية تربية طفولة مبكرة بجامعة دمنهور.
وأضاف السيد الصعيدي خلال مداخلة هاتفية مع الدكتور محمد الباز، في برنامج “آخر النهار”، المُذاع عبر فضائية “النهار”، أنها كانت مخطوبة منذ عام لشاب من محافظة كفر الشيخ، معقباً: “بعد ما خطبها، وجدنا أنه سيئ الأخلاق جداً، وكذب علينا في حاجات كتير .. ولا يصلح إنه يكون زوج .. فإعتذرنالهم وودينالهم الحاجة بتاعتهم”.
وتابع : “من ضمن الحاجات اللي رجعت، كان تليفون هو جايبه لبنتي هدية .. وكان جايبلها خط هدية، وعملها أكاونت على الفيسبوك باسمه لأن الخط كان بإسمه .. فإحنا رجعناله الموبايل ولكن اعتذرنا عن الخط لأن شغل بنتي بتاع الكلية كان على الخط”.
وأكمل: “هو حاول إنه يرجع لبنتي ولكن بنتي رفضت، وإحنا رفضنا نظراً لأخلاقه السيئة .. وفيه مرة كان عندنا وبيكلمني علشان يرجعلها .. والموبايل بتاع بنتي كان على التربيزة في الصالون علشان كانت حطاه في الشاحن بس انا مكنتش واخد بالي .. وقومت أعمله شاي راح سرق الموبايل في جيبه ونزل”.
وأردف والد فتاة تعرضت للابتزاز بكفر الشيخ: “فما يأس إنها ترجعله .. لاقيته مركبلها صور مفبركة ونشرها على الفيسبوك .. وصور ليها وهي بالبيت .. وبيبتزنا بقاله أكتر من 6 شهور”.
واستطرد: “كنت بحاول أحل الأمر ودي لأن أنا أب لـ 5 بنات وفي الأرياف الموضوع ده غلط وكبير .. ولكن هو مستمر في اللي بيعمله فأنا قدمت بلاغات واتجهت للجهات القانونية في كفر الشيخ، وشرطة الانترنت .. وحررنا حوالي 15 محضراً.. ولكن الأمر القانوني لم يتحرك حتى الآن”.
خبير نفسي يعلق على واقعة الانتحار
قال الدكتور جمال فرويز استاذ الطب النفسي، إن إن الظاهرة لا بد أن تمثل 25% من فعل الشيء، وبالتالي إقدام الفتيات على الانتحار إثر تداول صور خادشة لهم ليست ظاهرة في مصر، ولكنها وقائع تحدث من خلال التقاليد.
وأضاف فرويز في تصريح خاص لـ”أوان مصر” أنه عند حدوث جريمة مثل هذه ترسخ في عقول الشخصيات العصابية، التي تعاني من الشد العصبي، وبالتالي مع أول ضغوط يلجأ الشخص إلى هذه الوسيلة ليحمل سوؤ تصرفه لأشخاص آخرين.
وأشار فرويز، أن الشخص العصبي دائمًا يحب لفت الانتباه، ولكنه لا يحب الضغوطات ولا يتحملها، وبالتالي عندما يتعرض الشخص لضغوطات في الغالب يفكر قليلا، ولكن هذه النوعية العصبية من المراهقين لا يفكرون بل يقدمون على فعل الشيء مباشرة.
وتابع أن معالجة الأمر لا يأتي إلا بالوعي، وهذه هي المشكلة التي نعاني منها في السنوات الماضية، ولذلك يجب أن يكون هناك وعي عبر منصات التواصل والفضائيات، وفي الأمر الأكثر أهمية هم الوالدين الذين يجب أن يمثلوا دورًا كبيرا في الوعي، ومتابعت خبراء علم النفس والاجتماع وتحليلاتهم في التعامل مع الأبناء.