شل فيروس كورونا المستجد المحركات الرئيسية للاقتصاد الصيني، فالمصانع مغلقة لأكثر من شهر، وستظل لحين اشعار آخر،والاستهلاك شبه متوقف، ما قد يؤدي إلى تدهور النمو الهش أصلاً في الصين، مما سيدفع بكين إلى تعزيز تدابير تحفيز الاقتصاد.
وفي محاولة لاحتواء انتشار المرض، تبقى مدينة ووهان ومقاطعة هوباي وسط البلاد، بؤرة الفيروس، منقطعة عن العالم. ويمتد اتخاذ إجراءات مماثلة إلى مدن صينية أخرى بينها هانغتشو، حيث مقر شركة التبادل التجاري عبر الانترنت الضخمة “علي بابا”.
فيما طلبت السلطات في عدة مقاطعات، غالبيتها مقاطعات صناعية مثل غوانغدونغ في الجنوب، من المصانع والشركات “غير الأساسية” أن تبقي أبوابها مغلقة حتى إشعار بعودة العمل.
وترغم تلك الشركات بذلك، بحكم الامر الواقع، على إرجاء إعادة فتح أبوابها بعد عطلة رأس السنة القمرية الطويلة التي بدأت في الـ 24 يناير الماضي.
هبوط الاقتصاد
وأوضح مكتب “أوكسفورد إيكونومكس” للتحليلات الاقتصادية “تمثل تلك المناطق 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، وأي تأخير في استعادتها لنشاطها من شأنه أن يزيد من حدة الآثار على النمو في الربع الأول من العام”. ويمثل قطاع التصنيع، المتوقف بأغلبه عن العمل في الصين، نحو ثلث الاقتصاد الصيني.
وتعد هوباي كذلك مركزاً أساسياً لصناعة السيارات حيث تضم مصانع للعديد من الشركات.
ويرى محللون أنّ الشلل طويل الأمد في هذه المقاطعة “سيكون له بالتأكيد ارتدادات على سلسلة الإنتاج في مناطق أخرى”.
وأكدت شركة “دونغ فنغ” الصينية المصنعة للسيارات التي تتخذ من ووهان مقراً لها أن إعادة فتح مصانعها “تعتمد على عمليات الوقاية من الوباء”.
أما شركة “نيسان” اليابانية فستعيد استئناف عمليات الإنتاج في هوباي بعد انحسار الفيروس، وفي مناطق أخرى في الصين، تعتزم شركة فورد الأمريكية استئناف إنتاجها “تدريجياً ابتداء من ابريل المقبل.
تحذيرات متواترة
يحذر خبراء من شركة “ستاندرد أند بورز” من أن “العودة إلى الحالة الطبيعية سيأخذ وقتاً”، وهذه التأخيرات قد تسبب خفضاً حتى 2 في المائة في الإنتاج السنوي لقطاع السيارات الصيني.
وقد أغلقت في كافة أنحاء البلاد المراكز التجارية ودور السينما، وخلت المطاعم من روادها، وعلقت الرحلات الجماعية، كما أوقف آلاف القطارات عن العمل وألغت العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى الصين.
وخلص خبراء من شركة “أولير هيرميز” إلى أن “الوباء وعامل الخوف سيؤثران على نفقات الاستهلاك”.
وفي عام 2019، أسهم الاستهلاك الخاص بنصف نسبة النمو في البلاد، أي ضعفي ما كان عليه عند انتشار متلازمة السارس في 2002-2003.
المخاطر تصل أمريكا
فيما امتدت مخاطر فيروس كورونا الجديد إلى الأعمال التجارية الخاصة بالجاليات الصينية في المدن والولايات الأمريكية التي أصيبت بتراجع حاد في المبيعات.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أنه في الأحياء الصينية من لندن إلى بوسطن إلى سان فرانسيسكو، أبلغ أصحاب المشروعات التجارية والمطاعم بتراجع حاد في المبيعات خلال الأسابيع التي أعقبت إعلان المسؤولين الصينيين عن الفيروس.
وقالت الصحيفة إن “التراجع الكبير في الأعمال وصل 70% بالحي الصيني في مانهاتن، ليس فقط بسبب مخاوف الزبائن من التقاط العدوى، لكن أيضًا نتيجة تراجع أعداد السياح مع حظر الرحلات إلى الصين”.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى انتشار شائعة في سان فرانسيسكو عبر تطبيق “وي تشات” للتواصل الاجتماعي، تفيد بأن الموظفين في المشروعات التجارية الخاصة بالصينيين ناقلون لفيروس كورونا المستجد، الأمر الذي حول محلات تجارية إلى ما يشبه “مدن الأشباح”، بعدما كانت تشهد اصطفاف الزبائن أمام أبوابها.
وقال آرون بيسكين عضو مجلس المشرفين في سان فرانسيسكو، التي تضم حيا صينيا أيضًا، إن شخصًا ما نشر شائعة عارية تمامًا عن الصحة، ونفتها وزارة الصحة العامة، مشيرًا إلى وجود مزاعم تفيد بأن منافسا وراء نشر تلك الشائعات.
مدينة الاشباح
واستشهدت الصحيفة بمثال لمقهى ومخبز “AA Bakery and Cafe”، الذي تحول إلى مدينة أشباح بعدما كان الزبائن يقفون في صفوف أمام أبوابه.
كما أوضح أصحاب المطاعم أن أكبر ضربة تعرضوا لها كانت من الزبائن الآسيويين، إذ قال جيري تشان مالك مطعم “Lanzhou Hand Pull Noodle” إن المبيعات تراجعت بنسبة 30% منذ منتصف يناير/كانون الثاني، مرجعًا الأمر إلى تراجع بنسبة 70% في أعداد الزبائن الآسيويين.
وحول ما يتعلق بالعطلة في 25 يناير/كانون الثاني، قال تشان إن “هذا الموسم هو موسم السفر للصينيين بسبب رأس السنة القمرية. يمكن للفيروس الانتقال بدون ظهور أعراض، ونظرًا لذلك، هناك الكثير من المخاوف”.
وقالت ليديا تشانج مديرة تطوير الأعمال لإمبراطورية مطاعم عائلتها في واشنطن إن أعمال رأس السنة القمرية تلقت ضربة كبيرة، مع إلغاء نحو نصف الحفلات الكبيرة، لكنها أوضحت أيضًا أن أعمالهم في معظم فروعهم لا تعتمد على الزبائن الصينيين فقط، لذا ليست متأكدة مما إذا كان فيروس كورونا يحجم الناس.