السياسة هى علم الملفات المتشابكة، علم ينظر إلى الصورة الكبيرة ، نظريات تعمل وفق استراتيجات سلسة وتربط كافة فعاليتها بأهداف، ملفات متصلة ذات علاقة بينية يعمل السياسيون على انسجامها وتضافرها بشكل تخدم فيها كل خطوة ما يليها من خطوات لاحقة، يمكن شرح ذلك فيما يلي:
1- القول بأن الظرف المصري العام لا مجال فيه للانشغال بالفلسطينيين بينما الأولوية يجب أن تتجه لمواجهة خطر نقص مياه النيل قبل أن يحل الجفاف وينشب الصراع! هو قول له أهميته إنما يغفل صاحب هذا الطرح أن مصر حينما تكون قوية وحاضرة ومؤثرة إقليميًا، وحينما تتحمل مسؤوليتها القومية فإنها تزداد حضورًا وقوة وتأثيرًا على مختلف الساحات، وعلى رأسها ما يرتبط بأمنها المائى وأن هذا الملف تحديدًا يصنف الأهم على الإطلاق الآن فى رأس الرئيس ومعاونيه، وما يتم له من تحضيرات خلف الأبواب المغلقة يتجاوز ما قامت به مصر من تحضيرات لاستعادة سيناء فى حرب أكتوبر.
2- القول بأن الدعم المالى كبير وشباب مصر وفقرائها أولى، هو أيضا قول له أهميته ويشير إشارة جيدة إلى حالنا، إنما أود تذكيرك أن الدعم لن يخصم مليما من راتب موظف ولا معاش متقاعد ولن يؤدي إلى تعطيل مبادرة رئاسية واحدة من عددها الكبير ولن يؤجل استكمال مشروعا ولن يسحب من احتياطنا النقدي لو جنيه (فضه) واحد، وقطعا لن يتم جمع قيمة التبرع من الناس فى الشوارع ، بل على العكس فإن الحكومة تواصل محاولات الإصلاح المالي وتوفيرالموارد وتحسين الدخل وهو ما فعلته أمس حينما أعلنت الحكومة بالأرقام عن الحد الأدنى للأجور لكافة الدرجات من الوزير للغفير، فضلا عن ذلك فإن الدعم المالى لإعمار غزة- حينما يأتى وقته- فسوف يرتبط بأعمال تنموية وإنسانية تضيف إلى أمن المنطقة واستقرار الحدود بين مصر وغزة، ويدعم المنتجات والشركات المصرية وبما تتطلب من وظائف وعمالة وإشراف .
السؤال الذي يشغلنى الآن، وأظن أنه يشغلكم كذلك، لماذا لا تعتبر الحكومة سوهاج محافظة منكوبة على شاكلة غزة وتقدم لها دعم مالى بنفس القيمة التى ستذهب للقطاع، علما بأن كلمة منكوبة لا تعنى فقط تعرض مكان لقصف وعدوان وتدمير، فالمكان المنسي يعد منكوبًا والمكان الذي تنقصه البنيه الأساسية يعد منكوبًا، والمكان الطارد لسكانه يعد منكوبًا، والمكان الأكثر تعاطيًا للمخدرات يعد منكوبًا والمكان الأكثر انتشارا لظاهرة التسول يعد منكوبًا، والمكان الذي لا يجد المرضي سريرا فى مستشفياته يعد منكوبًا.. لذا من باب الإيثار أوافق تماما الحكومة على دعم القطاع وإعادة اعماره، لكنى أيضا أطالبها وسأظل أطالبها بتوفير نفس الدعم – لو بعد حين -سواء كان عينيًا او نقديًا لمحافظة سوهاج المنسية لإعمارها لا لإعادة إعمارها فهى لم تُعمّر من قبل.
موضوعات متعلقة