الذهب من المعادن النفيسة، الذي تحظي باهتمام كبير لدي جميع المستثمرين، وذلك لأنه ملاذاً آمناً للباحثين منهم عن أداة لتأمين معيشتهم وحفظ مدخراتهم فى مواجهة نوائب الدهر، وبالفعل كثيراً ما أثبت المعدن الأصفر قدرته على تخطى الشدائد، فضلاً عن أنه وسيلة للتباهى والزينة لدى الميسورين من مختلف فئات المجتمع.
وخلال أزمة جائحة فيروس كورونا “كوفيد-1″، كان يقوم جميع المستثمرين باللجوء لشراء الذهب، حيث أن الحصول على شراء الذهب لا يزال مؤشراً على القدرة الشرائية لدي المصريين ، وملاءته المالية، و كذلك مؤشراً على مستوى المعيشة لدى أغلب الفئات، غير أن ذلك الأمر تغير تماماً بعد أزمة «كورونا» وتداعياتها المدمرة.
ورغم أن المعدن الأصفر لُه بريقة المميز، إلا أن الاعباء المالية أطفأت هذا البريق، وذلك بعد التغير الكبير الذي طرأ على اهتمام الأسر المصرية، فبعد جائحة كورونا أصبحت بنود الدواء والغذاء تحتل المرتبة الأولى لدى المصريين، وأصبح الحديث عن وجود فوائض مالية ضئيلة يتم ادخارها وتخزينها فى المشغولات الذهبية أمراً أقرب إلى الرفاهية، وذلك وفقاً للبيانات المحلية والعالمية.
وبحسب البيانات المعلنة، فإن هناك حالة تراجع كبيرة سيطرت على الأسواق المحلية، حيث سيطر الركود علي المحلات، واقتصر البيع على مناسبات الزواج، غير أن الأمر ذاته ينطبق على صادرات من «الذهب» التى كانت تتجاوز فى أحيان كثيرة حاجز المليارى دولار، إلا أن كل ذلك تغير تماماً بعد الوباء.
تجار: المعدن الأصفر ملاذ آمن وقت الأزمات
وقبل بداية الجائحة، كان «الذهب» هو أكثر شيئ أمان وكانت الأسعار في المعدل الطبيعي، لذلك كانت مبيعات « المعدن الاصفر» المحلية والخارجية تشهد رواجاً نسبياً وانتعاشاً واضحاً. وأسهم إقبال المصريين على المعدن النفيس فى نمو مبيعاته، والتى رغم كونها أقل مما كانت عليه قبل عام 2011، فإنها ظلت معقولة إلى حد ما.
وتمكنت مصر من أن تحتل المركز الأول في قائمة المعادن التى تصدرها مصر إلى الخارج، وتحديداً إلى الدول الخليجية، لكن هذه الخريطة تغيرت تماماً بفعل الجائحة التى أجبرت المواطنين على البقاء فى منازلهم، وقطعت خطوط السفر وحركة التنقل بين الدول، لذلك فقد الذهب جزءاً كبيراًَ من جاذبيته على المستوى المحلى وعلى مستوى التصدير إلى الخارج، وذلك بحسب البيانات الصادرة عن المجلس التصديرى لمواد البناء والصناعات المعدنية والمجلس العالمى للذهب.
ووفقاً لبيانات صادرة عن المجلس التصديرى لمواد البناء والصناعات المعدنية، فإن صادرات الذهب تراجعت بشكل ملحوظ من يناير حتى مايو الماضى، وعلى الرغم من تصدر الذهب ومشغولاته قائمة البنود الأكثر تصديراً فى قائمة الصادرات المصرية، إلا أن هذه الصدارة تلاشت بفعل كورونا، وتراجع الطلب الخارجى، حيث اختفت أسواق الخليج، التى كانت الأكثر استيراداً للذهب، من قائمة الدول المستوردة من مصر، وتشير البيانات إلى أن صادرات الذهب تراجعت بنسبة 71% فى أول 5 أشهر من العام الجارى، كما تكشف عن انهيار كبير فى القيمة، حيث تراجعت صادرات مصر من الذهب إلى 412 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى مايو الماضى، بعدما كانت 1.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
ورغم انه من المعروف أن الدول العربية من أكثر البدول التي تستورد المعدن الأصفر، إلا أن البيانات كشفت أن الصادرات لسوق الإمارات، التى تعد المستورد الأكبر للذهب المصرى، تراجعت بنسبة 88%، لتهبط إلى 120 مليون دولار، مقارنة بمليار دولار خلال الفترة نفسها العام الماضى، بينما لم تستورد سوق السعودية، ولا البحرين، أى كميات من الذهب.
كما شهد السوق المصري تراجع من المصريين، رغم وجود موسم الزواج وغيرها من المناسبات التي كانت تساهم في ارتفاع نسبة المبيعات، إلا أن استمر التراجع خلال الربع الثانى من العام الجارى، وقد انخفض الطلب على الذهب فى مصر بنسبة 11%، لتسجل المركز الرابع فى معدلات الانخفاض بالنسبة لعمليات شراء الذهب، بعد السعودية التى تراجع الطلب بها بمعدل 8% مقارنة بالربع الأول من العام الجارى، وإيران، والإمارات.
شعبة الذهب: المستهلك المصرى أصبحت لديه بنود أخرى تحول دون توجهه للادخار فى المعدن النفيس
على صعيد متصل أكد رفيق عباسى، رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، أن السبب الرئيسي وراء تراجع حجم الصادرات هو الوباء العالمي كوفيد-19، والذي أثار على جميع اقتصاديات العالم، وكان لُه اضرار كبيرة على كل القطاعات، وتسبب في ايقاف حركة الطيران والانتقالات من وإلى الدول، موضحاً أن دول الخليج، خاصة الإمارات، تعد الأسواق الأهم لمصدرى الذهب، لكن الفترة الماضية شهدت إجراءات إغلاق للاقتصادات أدت إلى تقييد حركة الصادرات.
وقال رئيس شعبة المشغولات الذهبية باتحاد الصناعات، إن خلال الفترة الماضية شهد السوق المحلي تراجع كبير، وذلك بالتزامن مع فترة الإغلاقات وعمل المستهلكين من المنازل، فضلاً عن تغير أولويات الإنفاق من جانب المصريين خلال فترة الوباء، مشيراً إلى أن المستهلك المصرى أصبحت لديه بنود أخرى تحول دون توجهه للادخار فى الذهب، على الأقل فى الوقت الحالى.
المجلس التصديرى: الصادرات الذهب هبطت عن عرشها الذى تصدرته على مدار سنوات
وعلى ذات المنوال كشف سمير نعمان، وكيل المجلس التصديرى لمواد البناء والصناعات المعدنية، أن الصادرات هبطت عن عرشها الذى استمر في الصدارة خلال السنوات الماضية، وذلك لكونها الأعلى تصديراً فى القطاع، مشيرًا إلي أن التراجع فى أرقام الصادرات كان أمراً طبيعياً، حيث أدى توقف حركة السفر إلى تراجع الطلب الخارجى.
وقال إن المخاوف النتاجه من انتشار جائحة فيروس كورونا، والسلاس الجديدة التي تم الاعلان عنها، سوف تتسبب في تراجع صادرات المعدن الاصفر، مؤكدًا أنه لا يمكن الحديث عن عودة الصادرات إلى سابق عهدها إلا بعد استقرار الأسواق العالمية، والأوضاع الاقتصادية المرتبطة بالسفر وتنقل المواطنين، وهو ما من شأنه عودة الأرقام لسابق عهدها.