ذكرى وفاة جمال عبدالناصر الـ 51
توفى الزعيم جمال عبد الناصر في مثل هذا اليوم 28 سبتمبر مُنذ 51 عام، ترك إنجازاته في شتى المجالات تتحدث عنه ودائمًا في ذكراه قائد يُحتذى به وذموذجًا في اللإستقلال، شهد هذا اليوم عام 1970 مسيرات حاشدة تحمل نعوشًا رمزية لجسد الزعيم جمال عبدالناصر، في مختلف مناحي الأمة العربية كما أن هناك رؤساء دول كثيرة بكوا في جنازة الزعيم الراحل.
مولد الزعيم
ولد الزعيم المصري جمال عبدالناصر في 15 يناير 1918، في حي باكوس بالإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى قرية «بني مُر» بـ محافظة أسيوط، وانتقل بعدها الزعيم عبدالناصر في المرحلة التعليمية الأولية بين العديد من المدارس الإبتدائية حيثُ كان والده دائمًا يتنقل بحكم وظيفته في مصلحة في مصلحة البريد المصري، فأنهى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر دراسته الإبتدائية في قرية «الخطاطبة»، إحدى قُرى دلتا مصر ثم سافر إلى القاهرة لإستكمال دراسته الثانوية.
إنجازات جمال عبدالناصر في مجال الثقافة
كان هناك اهتماما خاصا من جانب الرئيس جمال عبد الناصر بالفن والثقافة حيث قرر عام 1958 إنشاء وزارة تعنى بشؤون الثقافة، وكان على رأسها الراحل ثروت عكاشة أول وزير للثقافة والإرشاد القومى وخلال تلك الفترة تم إرساء البنية التحتية للثقافة وإنشاء كثير من الهيئات التى عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية، مثل المجلس الأعلى للثقافة، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والهيئة العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية والتى كانت تحوى في ذلك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة، للمحافظة على التراث المصرى بداخله.
تم تأسيس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني، وفرق الموسيقي العربية، والسيرك القومي ومسرح العرائس، والاهتمام بدور النشر، كإنشاء المكتبة الثقافية، التي كانت النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة، فضلا عن رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية، والسماح بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
إنشاء أكاديمية الفنون، عام 1969، كان واحدا من أهم إنجازات “ناصر”، فهي أول جامعة لتعليم الفنون ذات طبيعة منفردة في الوطن العربي، حيث تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والبالية والموسيقى والفنون الشعبية.
الإقتصاد
استطاع الاقتصاد المصرى في عهد “عبد الناصر”، أن يتحمل تكلفة إتمام بناء السد العالي يعد أعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين، وشهدت مصر في عهد “عبد الناصر” زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15%، وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين، وتم إنشاء العديد من المصانع ومنها بناء مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادى، واستطاع الاقتصاد المصرى عام 1969 أن يحقق زيادة في فائض الميزان التجارى، وكانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية وغيرها، وأنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث، حيث بلغت عدد المصانع التى أنشأت فى عهد عبد الناصر 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية واستراتيجية.
بناء السد العالى
بعد ثورة 23 يوليو وخروج مصر من حقبة الظلام والفساد السياسى والأخلاقى، عملت مصر والثورة على إعادة إحياء نفسها من جديد وعلى التطوير فى كل مجالات ونواحى الحياة السياسية والاقتصادية.
وفى مقدمة تلك المشاريع التطويرية مشروع بناء السد العالى، والتى اعتبرته الثورة فى مقدمة مهامها لتحقيق التنمية الزراعية وإنارة مصر من خلال توليد الكهرباء، ومن ثم بناء المصانع وتشغيلها.
وكلفت الثورة فى السنوات الأولى الخبراء الألمان بإعداد الدراسات عن المشروع، وظهرت من الدراسة مشكلة التمويل لضخامتها، ولكن تصميم مصر على بناء السد العالى لما ينتج عنه من فوائد اقتصادية لم يثنها عن محاولة التوصل إلى اتفاق وكان ذلك بداية لتأميم قناة السويس.
تأميم قناة السويس
فى عام 1956 جرت مباحثات بين مصر والبنك الدولى من أجل تمويل بناء السد العالى، ولكن رفض البنك الدولى فى نهاية المطاف الأمر، فما كان من الزعيم جمال عبدالناصر سوى أن يعلن من المنشية بمدينة الإسكندرية تأميم القناة ردًّا على رفض البنك الدولى تمويل بناء السد العالى.
قصة التأميم
فى 26 يوليو 1956 أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وهى الشركة الأجنبية التى ظلت تحتكر امتياز القناة والسيطرة على مواردها منذ إتمام حفر القناة عام 1869، بينما مصر صاحبة القناة الفعلية والشرعية لم يكن لها دور يذكر فى الإدارة ولم تحصل إلا على مبالغ ضئيلة من إيرادات القناة التى بلغت 34 مليونًا من الجنيهات الإسترلينية عام 1955، وكانت حصة مصر مليونًا واحدًا.
القرار كان بمثابة الشرارة الأولى فى تحدى ثورة 23 يوليو للإمبراطوريات الاستعمارية، خاصة البريطانية والفرنسية فى وقت كانت تسيطر فيه هذه الإمبراطوريات على معظم الدول الإفريقية والآسيوية.
إنشاء مجمع الألومنيوم
اتخذ عبدالناصر قرارًا بتخصيص 5000 فدان فى صحراء “هو” بنجع حمادى، شمال قنا، لإقامة منطقة صناعية، عبارة عن مجمع لإنتاج الألومنيوم، يقوم على استغلال الفائض من كهرباء السد العالى، وبعد 9 سنوات من الإنشاء، وبالتحديد فى 27 أكتوبر 1975، بدأت خطوط إنتاج أكبر قلاع الصناعة فى الشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 166 ألف طن سنويًّا وكانت تضم 10000 عامل مصرى.
شركة الحديد والصلب
في 14 يونيو 1954، أصدر الرئيس المصري جمال عبدالناصر مرسومًا بتأسيس شركة الحديد والصلب في منطقة التبين بحلوان كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في العالم العربى برأسمال 2.1 مليون جنيه.
أطلق المشروع كشركة مساهمة مصرية، وكانت قيمة السهم جنيهين مصريين يضاف إليهما خمسون مليمًا مصاريف إصدار، على أن تسدد قيمة السهم على قسطين أولهما جنيه واحد وخمسون مليمًا (خمسة قروش)، يسدد في الفترة من 21 نوفمبر إلى 20 ديسمبر 1955، والقسط الثانى قيمته الجنيه الثانى ويسدد في الفترة من 20 أبريل إلى 5 مايو 1956.
وفى 23 يوليو 1955 قام عبدالناصر مع أعضاء مجلس قيادة الثورة بوضع حجر الأساس الأول للمشروع على مساحة تزيد على 2500 فدان شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد الملحق بها، بعد توقيع العقد مع شركة ديماگ دويسبرگ الألمانية (ألمانيا الشرقية آنذاك) لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.
وفي نفس التوقيت تم تشغيل ميناء الدخيلة لتوريد الفحم اللازم لتشغيل الأفران، وكذلك خط سكك حديدية من الميناء تصل إلى حلوان وخط سكك حديدية آخر لتوصيل خام الحديد من الواحات إلى حلوان. ولم يأت شهر نوفمبر من عام 1957 حتى كانت الأفران الكهربائية الخاصة بصهر الحديد قد بدأت أعمالها بالفعل، وفي 27 يوليو 1958 افتتح عبدالناصر الشركة الوليدة لتبدأ الإنتاج في نفس العام باستخدام فرنين عاليين صُنعا بألمانيا. (وقد تمت زيادة السعة الإنتاجية للمجمع باستخدام فرن عالٍ ثالث صناعة روسية عام 1973، لحقه الفرن الرابع بغرض زيادة إنتاج الشركة من الصلب عام 1979)، ليضم المجمع بذلك أربعة أفران عالية.
وفاة جمال عبد الناصر
عانى جمال عبدالناصر بعد إنتهاء القمة العربية من نوبة قلبية ونقل على الفور إلى منزله، حيثُ فحصه الأطباء وتوفى بعدها بعدة ساعات وبعد الإعلان عن وفاته، عمت حالة من الصدمة فى مصر والوطن العربى وحضر جنازة عبد الناصر فى القاهرة من خمسة إلى سبعة ملايين مشيع، وحضر جميع رؤساء الدول العربية، باستثناء العاهل السعودى الملك فيصل وبكى الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسرعرفات علنا، وأغمى على معمر القذافى جراء الاضطراب العاطفى مرتين، وحضر الجنازة عدد من الشخصيات العالمية آنذاك منها رئيس الوزراء السوفيتى أليكسى كوسيغين ورئيس الوزراء الفرنسى جاك شابان دلماس.
وتحرك موكب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بتواجد الآف المواطنين من مصر والوطن العربي ويردد الجميع: “لا إله إلا الله ناصر حبيب الله.. كلنا ناصر”، وصرخات الرجال والنساء ترتفع في الشوارع والميادين.